هل نجحت الدول المُضيفة بدمج اللاجئين السوريين في سوق العمل؟
يواجه السوريون في دول اللجوء صعوبات متعددة تتعلق بالوضع القانوني وضرورة تعلمهم لغة البلد المضيف، إضافة إلى بعض المشاكل الاجتماعية، ما يؤثر في مدى اندماجهم وقبولهم في أسواق العمل المحلية.
الشاب السوري المقيم في ألمانيا عبد القادر تيزيني تحدث لوسائل إعلام عربية عن صعوبة حصوله على وظيفة، إذ قدّم 800 طلب للعمل، كما خضع لـ 80 مقابلة عمل، قوبلت بالرفض رغم حصوله على شهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من إحدى الجامعات التقنية في ألمانيا.
قصة عبد القادر هي واحدة من قصص كثيرة لسوريين يعانون من صعوبات تتعلق بالحصول على العمل في دول اللجوء.
برنامج “صدى الشارع” المُذاع عبر راديو “روزنة” سلط الضوء على هذه القضية، متسائلًا عن مدى توفير دول اللجوء للسوريين فرص عمل مناسبة وبيئة تساعد على الاندماج، وعن مساعي اللاجئين السوريين للحصول على فرص عمل.
وفي استطلاع رأي وجهه البرنامج لمتابعيه، قال 56% من المشاركين إن السوريون اندمجوا في فرص عمل داخل دول اللجوء، وهو ما لم يوافقه 44% من المشاركين.
في تركيا
يسبب عدم وضوح القوانين التركية التي تخص اللاجئين السوريين، المشكلة الأساسية للعمال حاملي بطاقة الحماية المؤقتة منهم، بحسب الصحفي السوري، عمار عز.
أما حاملو “الإقامة السياحية” حصلوا سابقًا على تسهيلات عدة، وتمكنوا من الحصول على إقامات عمل يسهولة، ولكن في الآونة الأخيرة لم يعد بإمكان أصحاب الإقامة السياحية الحصول على إقامة عمل، وأصبحت الحكومة التركية تقبل إعطاء “إذن العمل” لأصحاب “الحماية المؤقتة”.
ولمشكلة العمالة في تركيا شقين، اقتصادي وقانوني، بحسب عز، الأول يتعلق بالاقتصاد التركي ومتانته ونسبة البطالة المرتفعة في تركيا، أما الآخر فبتعلق بعدم وضع قوانين واضحة لعمل اللاجئين السوريين، الذين باتوا يسعون للبحث عن العمل بغض النظر عن الحقوق والميزات، والمخاطر المترتبة عليه العمل.
إذ لا توجد في تركيا استراتيجية واضحة لعمل السوريين في تركيا من وزارة العمل، فيما ينص القانون التركي على إخطار الأجانب بترحيلهم في حال ممارستهم عمل غير قانوني.
ونقل عز عن دارسة لـ “الهلال الأحمر” التركي أن 92% من العمالة السورية في تركيا تعمل في الزراعة “دون حقوق”، و”اتحاد العمال التركي” أشار إلى وجود نحو 800 ألف سوري يعملون بشكل غير نظامي، و 35 ألف يعملون بشكل قانوني.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و645 ألفًا و140 سوريًا، نحو 58 ألفًا و668 شخصًا منهم يعيشون في مراكز إيواء مؤقتة، بحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة لعام 2021.
عدم دمج العمال في نظام العمل الرسمي يعني أيضًا أنهم محرومون من التأمين الصحي في حال تعرضوا لأي إصابة في العمل.
وترتب على هذا الأمر وقوع السوري ضحية لأرباب العمل براتب زهيد، يؤمن حياته بأبسط الأشكال.
وتحدثت جمعية “السلامة التركية” عن وفاة 500 لاجئ لممارستهم أعمال غير رسمية، بحسب ماذكره الصحفي عز.
تمنع السلطات التركية السوريين المقيمين في تركيا بوضع “الحماية المؤقتة”، من العمل دون حصولهم على وثيقة تصريح عمل.
ويمكن للسوريين تحت “الحماية المؤقتة” العمل فقط في الأعمال الزراعية أو تربية المواشي الموسمية دون امتلاكهم تصريح عمل.
في هولندا
الموظفة في إحدى الجمعيات الهولندية المعنية بشؤون اللاجئين، شذى تميم، تحدثت عن تسهيلات للعمالة الأجنبية في هولندا، ومن ضمنها السورية.
وأوضحت أنه يتوجب على أي لاجئ إتقان اللغة الهولندية منذ قدومه إلى هولندا، فيما يسمى “الاندماج” خلال ثلاث سنوات كحد أقصى، وعليه أخذ شهادة بإتقانها.
ولفتت إلى دخول الكثير من السوريين في الدراسة الجامعية، مضيفة أن الحكومة الهولندية ترعى الشباب اللاجئين، بغض النظر عن جنسيتهم وتوفر لهم فرصة عمل والدراسة.
ويحصل اللاجئ على الإقامة المؤقتة لخمس سنوات ومن ثم يستطيع الحصول على قرض من الحكومة الهولندية لتجهيز منزل خاص به، وشراء مفروشات وتجهيزات، وبعدها يمكن التقديم للحصول على الجنسية الهولندية.
وأشارت تميم إلى أن الجالية السورية من أكثر الجاليات المندمجة في هولندا، ووفقًا لإحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. يزيد عدد السوريين الحاصلين على حق اللجوء في هولندا عن 32 ألف سوري،
في فرنسا
المحامي المختص بشؤون الهجرة واللاجئين في فرنسا، باسم سالم، قال إن فرنسا لا تحرص على تأمين فرص عمل للاجئ مقارنة مع دول أخرى، موضحًا أن اللاجئ لا يتعلم اللغة حتى حصوله على بطاقة الإقامة.
وأضاف أن فرنسا تقدم مساعدة مالية للاجئ دون ملاحقته وإلزامه بتعلم اللغة الفرنسية، فعلى اللاجئ العمل بنفسه وتعلم اللغة بدافع منه ليندمج في المجتمع الفرنسي.
وتحدث المحامي سالم، عن تفوّق اللاجئين والسوريين تحديدًا، وعملهم في كافة المجالات ضمن فرنسا، مضيفًا أن فرنسا تسمح بدخول اللاجئين من كافة الجنسيات في كافة مجالات العمل من طب وتعليم وهندسة، ولا تلزمهم فقط بمهن حرفية.
في ألمانيا
الصحفي السوري في ألمانيا أنس خبير، قال إن نصف اللاجئين السوريين الـ 800 ألف الذين دخلوا ألمانيا من 2015 حصلوا على فرص عمل ثابتة، وفق دراسة محلية.
وأضاف أن السوريبن أثبتوا جدارة خلال مزاولتهم العمل في ألمانيا، موضحًا أن أصحاب الحرف حصلو على فرص عمل تتناسب مع ما يعملون به، وكذلك حصل الأطباء على فرص عمل ضمن اختصاصاتهم.
ويعتبر السوق الألماني سوق شره للعمالة، وفق الصحفي، الذي لفت إلى أن السوريين يتواجدون حاليًا في عدة مجالات في ألمانيا
المصدر : عنب بلدي