مواد التدفئة البديلة تزيد أعداد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي في إدلب
–تجمع أم يحيى بقايا الأواني البلاستيكية التالفة مع بعض الأحذية المهترئة في صندوق كرتوني بزاوية غرفتها لتستعمل تلك المواد في المدفئة، إذ أدى ارتفاع أسعار المحروقات المستمر منذ عامين لعجز أم يحيى عن استعمال المازوت كوسيلة للتدفئة، متجاهلة مخاطر الجهاز التنفسي التي قد تصيبها نتيجة استعمال تلك المواد.
أصيبت أم يحيى بالتهاب القصبات الهوائية، وراجعت الطبيب مع أحفادها عدة مرات هذا العام بعد معاناتها من ضيق التنفس والنزلات صدرية التي لا تهدأ إلا بالاعتماد على جلسات إرذاذ توسع القصبات الهوائية دون أن ينتهي المرض، نتيجة استمرارهم باستنشاق الدخان الملوث بحسب كلام الطبيب، لكن “ما باليد حيلة”.
تضيق أنفاس أم يحيى “مقيمة في مخيمات أطمة” لحظة خروجها من منزلها نتيجة استنشاقها للأدخنة الناجمة عن استعمال أم يحيى وسكان المخيم لتلك المواد.
تقول “إن تلك المواد سريعة الاشتعال وتمنح الدفء للعائلة، لكن روائحها المزعجة تدخلك في نوبة سعال مستمرة”.
لم تكن عائلة علي العلي المقيم في مدينة إدلب أوفر حظاً رغم اعتمادهم في التدفئة على المازوت المكرر بدائياً، فقد أصيب أطفاله بالتهاب القصبات الشعري نتيجة استنشاق الغازات المنبعثة من المازوت الذي يضم عدة أنواع من الزيوت والمواد النفطية الأخرى بحسب ما أخبره الطبيب.
يقول العلي “إنه يزور الطبيب بشكل متكرر لعلاج أطفاله بعد كل نزلة صدرية تصيبهم، لكن الالتهاب يعود مجدداً بمجرد استنشاقهم لأي رائحة”
يرجع الدكتور نضال الحسن المختص بأمراض الأنف والأذن والحنجرة سبب التهاب الجيوب والقصبات التحسسي، لاستنشاق الغازات المنبعثة من المدافئ التي يستعمل أصحابها المازوت المكرر والمواد البلاستيكية، يقول إنه استقبل في يوم واحد خمسة وثلاثين مريضاً يعانون من التهاب الجيوب وتحسس القصبات.
إن استعمال المواد البلاستيكية في التدفئة واستنشاق الأدخنة الصادرة عنها يفاقم الأمراض الرئوية وخاصة الربو والتوسع القصبي والتهاب القصبات المزمن، كما قد يؤدي استنشاق تلك الانبعاثات إلى الإصابة بالربو والتهاب القصبات المزمن الانسدادي بحسب الدكتور عبد الرؤوف حاج يوسف أخصائي الأمراض الصدرية، ويرى أن التعرض لمدة طويلة وكميات كبيرة من تلك الأبخرة والغازات، يتسبب بازدياد حالات ذات الرئة عند الأطفال بسبب تراجع حركة الأهداب التنفسية في القصبات”.
يترك استنشاق تلك الغازات أثراً مباشراً على صحة الجهاز التنفسي ينتج عنه هجمات حادة وخطيرة من الربو عند الأطفال خاصة والتهاب القصبات المزمن الانسدادي عند الكبار، وتتطلب نقل المريض للمشفى.
وتأثيرات طويلة المدى كحدوث سرطان القصبية والرئوية إضافة لتأثيرات سلبية على القلب لأنها مسبب للتصلب الشرياني، بحسب الحاج يوسف.
تزداد الحالات خطورة بحسب نوع الالتهاب ودرجة الإصابة به، كما تختلف أنواع الأدوية وطريقة العلاج بحسب الحاجة إليها وعمر المريض.
ظهرت أعراض المرض عند الطفلة آية مع بداية فصل الشتاء، يروي محمد الشحود معاناته مع مرض طفلته التي لم تتجاوز الأربعة أشهر والتي تراجعت صحتها مع بداية فصل الشتاء واستعمال المدافئ، حيث بدأت أعراض المرض بسعال خفيف وارتفاع بالحرارة، لتتفاقم ويصاحبها ضيق تنفس وتراكم مفرزات على الصدر وسيلان أنفي مستمر ما أدى لصعوبة رضاعة الطفلة والذي انعكس بشكل سلبي على صحتها حيث نقص وزنها وشحب وجهها.
بدأ علاج آية بجلسات الإرذاذ وسحب المفرزات من الأنف عن طريق أنابيب صغيرة تصل لنهاية فتحتي الأنف، مع استعمال دواء موسع القصبات الأدرينالين، وبعد علاج استمر لأكثر من خمسين يوماً انتكست صحة الطفلة مجدداً بعد تعرضها للغازات المنبعثة من المحروقات المستخدمة.
التنقية البدائية للمحروقات
يتوفر في إدلب صنفان من المحروقات: الأولى مستوردة والثانية مكررة محلياُ بالاعتماد على مواد بدائية، إذ لجأ العاملون في مجال النفط لاستخلاص المازوت عن طريق التقطير الجزئي البدائي، أي استحصال قطفات النفط عبر التسخين ويتم الاعتماد عليها في التدفئة.
يقول أحمد القدور مهندس بيتروكيميائي “إن الاعتماد على هذه الطريقة لا يسمح بفصل المركبات الضارة من النفط الخام، ولا يتم استخلاصها بشكل منفصل مثل الكبريت وبعض المركبات العطرية والراتنجية الضارة لصحة الإنسان، كما أن التكرير البدائي لا يفصل المنتجات البترولية “الكاز، المازوت والبنزين” عن بعضها بشكل كامل وأي خلل في عملية التكرير يؤدي لاختلاط صنفين معاً كالبنزين والمازوت”.
يرى القدور أن احتراق المخلفات النفطية ينتج عنها عدة أنواع من الغازات تترك أثرها على الجهاز التنفسي مثل غاز Co”” ثاني أكسيد الكربون وهو غاز خانق بالنسبة للإنسان، ويحدث في حال حدوث احتراق كامل للمنتج النفطي أي بوجود كمية مناسبة من الأكسجين.
أما في حالة الاحتراق غير الكاملة ينتج غاز أول أكسيد الكربون وهو غاز سام وخانق ويتسبب بأمراض تنفسية خطيرة من الممكن أن تصل لأمراض سرطانية
المصدر : فوكس حلب