معلمات في إدلب يتركن التدريس ويتوجهن لمهن أخرى
تبدو غدير اليحيى (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة تعيش في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، راضية بدخلها من عملها الجديد في ورشات نسائية لصناعة الصابون اليدوي، بعد أن تخلت عن مهنتها كمعلمة بسبب التدهور الذي طال قطاع التعليم في المنطقة.
تقول إن انقطاع راتبها لأكثر من ستة أشهر جعل الديون تتراكم عليها، وهو ما دفعها للتخلي عن مهنة التدريس والتوجه نحو ورشات العمل.
وتترك معلمات في إدلب شمال غربي سوريا وظائفهن بسبب عدم تمكنهنّ من تأمين مستلزمات عوائلهن بعد انقطاع الرواتب، ما أجبرهن على العمل في مهن أخرى قد تكون شاقة.
وتتجه غالبيتهن للعمل في المحال التجارية والورشات الصناعية والزراعية، في حين تسعى أخريات لافتتاح مشاريع صغيرة كالخياطة والنسيج ورصف الفسيفساء، وغيرها من المهن التي تساعدهن على مواجهة الغلاء والتدهور المعيشي.
وعملت “اليحيى” في مهنة التدريس قرابة 15 عاماً لتضطر مؤخراً لترك المهنة بعد أن تراكمت عليها الديون بسبب انقطاع راتبها لأكثر من ستة أشهر.
وتعد المرأة المعيلة الوحيدة لأطفالها الأربعة، بعد مقتل والدهم في إحدى الغارات الجوية التي استهدفت مدينة معرة النعمان.
وتعمل المعلمة حالياً قرابة ثماني ساعات في ورشة لصناعة الصابون اليدوي، وتتقاضى 35 ليرة تركية، وهو مبلغ تصفه “بالمقبول” مقارنة مع عملها في مهنة التدريس الذي لم تجنِ منه على مدار ستة أشهر ” ولا ليرة”، على حد تعبيرها.
وتتراوح أجور المعلمين العاملين في مناطق شمال غربي سوريا بين 85 و150 دولاراً أميركياً، وذلك بحسب المؤهلات والشهادات والخبرة.
وعلى مقربة من مدينة معرة مصرين شمال إدلب، تتعلم الشابة نور الأصفر ( 28 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلمة، مهنة الخياطة إلى جانب زميلات لها يبحثن عن مصدر كسب بدل التعليم.
وتحاول الشابة تعلم أساسيات الخياطة والتطريز علها تتمكن من افتتاح ورشة خياطة لتتمكن من إعالة أطفالها الثلاثة الذين فقدوا والدهم برصاص الجندرمة التركية أثناء محاولته اجتياز الحدود.
تقول نور إن سوء أحوالها المعيشية الذي ترافق مع موجة الغلاء دفعها للتخلي عن مهنة التعليم، وخاصة أنها لم تتقاضَ راتبها منذ قرابة سنة.
وتعلل اختيارها مهنة الخياطة بأنها مهنة منزلية ولا تحتاج للتنقل المستمر، بالإضافة لكونها ” دارجة وأجورها جيدة”.
وفي الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، نظم عشرات المعلمين والمعلمات في مدينة إدلب، وقفة احتجاجية للمطالبة بدفع مستحقاتهم التي لم يستلموها منذ أشهر.
ورفع المحتجون لافتات للمطالبة بمستحقاتهم المالية، بعد عزوف معظم المعلمين عن مهنتهم واللجوء إلى مهن أخرى لإعالة أنفسهم وأسرهم.
ومنذ أعوام، يعاني قطاع التعليم في إدلب وريفها في ظل سيطرة “حكومة الإنقاذ” من صعوبات كبيرة أدت إلى انقطاع آلاف الطلاب والطالبات عن مدارسهم.
ومن جهته، يحذر مصطفى السليمان (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدير إحدى المدارس شمال إدلب، من تضرر آلاف الطلاب بسبب انقطاع الرواتب وترك المعلمين لمهنة التعليم.
ويضيف أنهم ما زالوا يطالبون مديرية التعليم في محافظة إدلب بإيجاد حلول، لكنها لم تستجب حتى الآن