في إدلب.. كيف حولت الحرب الأطفال رجالا في مواجهة الحياة؟
يصل الطفل “حمدو 12 عاما” كل صباح إلى المنطقة الصناعية في مدينة إدلب، بثياب ملطخة بزيوت السيارات وشحومها وغيبت ملامح وجهه الغض، في وقت يفترض به أن يتوجه إلى مدرسته حاملا حقيبته وكتبه، إلا أنه لم يجد من خيار لإعالة أمه وأخوته بعد وفاة والده إلا العمل في إصلاح السيارات تحت إشراف “المعلم” مقابل أجور زهيدة لا تتجاوز الدولارين أسبوعيا في أحسن الأحوال، كما باقي المشرفين على العمل في ذلك المكان وغيره.
الطفل “حمدو” ليس الوحيد الذي غادر مدرسته والالتحاق بالعمل؛ الطفل “بسام مخللاتي11عاما” المهجر من مدينة حلب والذي يسعى لجمع أجرة المنزل الذي تقيم فيه عائلته.
وحول عمالة الأطفال، أكد مدير مكتب الإعلام في مديرية التربية “مصطفى حاج علي” أن آخر إحصائية لأعداد الطلاب المتسربين من المدارس في إدلب وصل إلى 270 ألف طالب، وذلك قبل حملة التهجير الأخيرة من أرياف إدلب الجنوبي والشرقي، مؤكدا أنا العدد فاق الإحصائية بكثير في ظل النزوح وكثرة القصف والوضع الكارثي من فقر وعدم وجود مأوى وسوء الحال على كافة الأصعدة.
من جهته أشار مسؤول برنامج الحماية في منظمة إحسان “واثق حلاق” إلى أن ظاهرة العمالة باتت كبيرة وتحتاج إلى عدة قطاعات من أجل التدخل في إيجاد الحلول لها، وأكد على وجود عدد كبير من الأطفال الذين يتعرضون للاستغلال أثناء عملهم، وعزا السبب الرئيسي لهذه الظاهرة إلى غياب الهياكل المجتمعية، بالإضافة إلى غياب الالتزام بالتشريعات والقوانين المحلية والدولية.
وتعود معظم أسباب عمالة الأطفال شمال سوريا إلى الفقر وسوء الوضع الاقتصادي بشكل عام، وغياب المعيل وتداعيات الحرب التي أجبرت الكثيرين على ترك مدارسهم والالتحاق بالعمل، إضافة للكثير من العوامل المساعدة على عمالة الأطفال مثل غياب الهياكل المجتمعية والدعم الأسري للأطفال الذي يؤدي بدوره لوجود ظاهرة العمالة.
وعن آثار عمالة الأطفال، أشار إلى وجود آثار فردية تعود على الطفل نفسه وآثار مجتمعية تعود على المجتمع بأكمله، ومن الآثار الفردية الأمراض النفسية والجسدية والميل للعزلة أحيانا، وأحيانا العدوانية والإدمان على التدخين وغيرها من العادات السلبية، إضافة للجهل كما تعود هذه الآثار بسلبياتها على المجتمع بعد أن يكون قد تشكل لدينا جيل كامل لا يفقه القراءة أو الكتابة وإنما متشبع بأشكال مختلفة من الأمراض النفسية التي ترافقه في حياته وتنعكس على مجتمعه سلبا.
من جانبها قالت مديرة مدرسة رعاية الأيتام في جسر الشغور “قمر حلواني” لبلدي نيوز، إن الحلول المقترحة لإنهاء هذه الظاهرة هو إيجاد قوانين تحمي الطفل أولا ومن ثم العمل على إعادة دمجهم وتأمين فرص نمو على المستوى الطبي والتعليمي والنفسي وعلى المستوى الاجتماعي أيضا.
وفيما يخص القوانين الدولية فهناك قانون يسمح بعمل الأطفال ما فوق سن 15 عاما ولا يسمح بأي شكل من الأشكال العمالة دون خمس سنوات إلا أنه في ظل غياب القانون في المناطق المحررة فلا يمكن تطبيق هذه القوانين أو الاهتمام بهذا الجانب الذي يعتبر إساءة كبيرة بحق الطفل.
المصدر : بلدي نيوز