فلذات أكبادنا… والمدرسة (حصري)
سامر البكور
تبدو الحياة أكثر جمالاً واستقراراً وسلامة أمام الطفل عندما نضع أمام يديه الحقائق كما هي دون مثالية زائفة أو صعوبة محبطة.
وعندما يذهب الطفل للمدرسة وفي ذهنه زحمة من الانطباعات السلبية التي طالما زرعها المحيطون، خاصة الأهل بقصد ومن دون قصد أحياناً، هناك ستعني المدرسة في مفهوم الطفل النظام الصارم الذي سيغير مجرى حياته، حيث لا نوم يرغبه ولا لعب يستهويه ولا نشاطات اجتماعية يجد ذاته بها، لذلك فلا تتعجب أيها الأب الفاضل وأنت أيتها الأم الكريمة أن تجد من الصعوبة ما قد يفقدك صوابك في كثير من الأحيان.
إن التهيئة السلبية وغير الناضجة تحدد أفكار الطفل حول المدرسة مما يجعله يمثل دور الرافض لقدومها الخائف من هيبتها وضوابطها المفترضة والتي غالبا لا تناسب رغباته وميوله وتطلعاته البريئة وربما المحدودة.
ورغم حضور الهدف السامي من المدرسة في ذهن أولياء الأمور، إلا أن غياب هذا الهدف أو بعده عن إدراك الطفل يحول المدرسة في مفهوم الطفل إلى مؤسسة مادية محسوسة قد يجهل أسباب التحاقه بها.
من الأصعب أن تصف المدرسة بما مفهومه أنها بيت للرعب ثم تطالب الطفل بحبها واحترامها
ومن المستحيل أن تتزامن المدرسة مع فقدان محبوبات الطفل ثم تطالبه بأن يشتاقها ويعمل من أجلها.
إن الأزمة التي ربما تصاحب الكثير في حياتهم هي وضع الأمور في غير نصابها الحقيقي.
وفي التربية يُجرم الكثير من الآباء عندما يستخدمون الترهيب والتخويف كوسيلة لضبط سلوك الأبناء.
إن تغير مفاهيم الطفل حول المدرسة وإعادة تشكيل مفهومها المعنوي وربطها بأهدافها عظيمة يفهمها الطفل ويقدرها، تخفف من رفض الأطفال للمدرسة، سواء كان رفضا علنيا أو ضمنيا.
إن حصول الطفل على الدعم المعنوي المناسب عند السلوكيات الحسنة التي يقوم بها من تلقاء نفسه داخل المدرسة ينمي في ذاته الشعور بالمسؤولية ويضيف إلى معارفه اشتراطات محببة بالمدرسة.
إن تحقيق الطفل للحاجة الاجتماعية والمشاركة الوجدانية يجعل المدرسة أكبر من كونها مجرد مبنى تعسفي للقرارات الصارمة، فهي في تحقيقها لتلك الحاجة تلبي رغبات الطفل الاجتماعية والترفيهية كذلك، من حيث اللعب والنشاطات اللاصفية المنظمة.
ولأن المدرسة صرح تعليمي وتربوي واجتماعي يستطيع الطفل من خلال أنظمتها الشاملة تحقيق الإشباع الإيجابي لاحتياجاته، فاجعلها بصورة العائلة البديلة لطفلك.