باختلاف جهات السيطرة.. أعباء الشتاء تجمع بين السوريين
في الوقت الذي باتت فيه الموارد الشخصية معدومة وأسعار كافة مستلزمات المعيشة مرتفعة جداً، أصبحت مواد “النايلون والبلاستيك والكاوتشوك والقماش البالي” أبرز بدائل وسائل التدفئة التقليدية والآمنة، الأمر الذي فرض على أبو مروان القاطن في منطقة الكسوة بريف دمشق، قضاء بعض أوقات فصل الصيف في جمع ما يجد منها بشوارع منطقته ومحيطها.
يتشارك السوريون هموم وأعباء الشتاء المتفاقمة سنةً بعد الأخرى في كل المناطق السورية مع اختلاف الجهات المُسيطرة، وتباين الأسعار صعوداً ونزولاً بين المنطقة والأخرى، لا سيّما وأن أكثر الشرائح الاجتماعية باتت من أصحاب الدخل المحدود والمفقود.
في الأحوال الطبيعية تتنوع احتياجات فصل الشتاء بين المدافئ ومازوت التدفئة والألبسة الشتوية والسجاد، ومع ظروف الحرب اضطر قاطنو المدن إلى استخدام مادة الحطب، حيث كان يُقتصر استخدامها سابقاً على الأرياف والمناطق الأكثر برودة فقط، وفقاً لأبو مروان.
في مناطق دمشق وريفها ودرعا والسويداء والقنيطرة واللاذقية وحماه وحمص وطرطوس، حيث يفرض نظام الأسد سطوته على كافة مفاصل الحياة فيها، فقد الناس الثقة بوعود الجهات الرسمية، وسط عجزها عن تقديم مادة المازوت المدعوم المُحدد سابقاً بنحو 400 ليتر لكل أسرة، وتخفيضه إلى 50 ليتر فقط في المناطق الموسومة بالولاء المُطلق.
وبالتزامن مع الانقطاع المستمر للشبكة الكهربائية وفقدان مادة الغاز، تشهد الأسواق شحاً في مازوت التدفئة الذي وصل سعر الليتر الواحد منه في السوق السوداء بين 2500 و3000 ليرة سورية، أما السعر الرسمي فلا يتجاوز 500 ليرة سورية فقط، كما تصل أسعار مدافئ الحطب في الحد الأدنى إلى 100 ألف ليرة، فيما يُباع كيلو الحطب الأخضر بـ 500 ليرة سورية.
وتشهد الألبسة ارتفاعاً كبيراً في الأسعار وفقاً لأبو مروان ومصادر محلية أخرى، حيث يبلغ سعر الجاكيت الرجالي في الأسواق الشعبية نحو 80 ألف ليرة سورية، وسعر الكنزة الصوف الرجالية نحو 35 ألف، أما سعر المانطو النسائي بين 90 و 120 ألف ليرة، وسعر الكنزة الصوف الولادية بـ 20 ألف، والسترة الولادية بـ 40 ألف ليرة سورية على أقل تقدير، فيما تتضاعف الأسعار بالأسواق الكبيرة والمولات، وتنخفض بين 25 و35% في متاجر البالة الأوروبية والألبسة الوطنية المستعملة.
ويبلغ سعر مدفأة المازوت 50 ألف ليرة سورية نظراً لقلة الطلب عليها، فيما يصل سعر مدفأة الحطب المصنوعة من مواد قابلة للتلف بشكل سريع إلى 150 ألف ليرة، ويبلغ سعر متر السجاد ذي الجودة المتواضعة 80 ألف ليرة، ومتر الموكيت ذي الجودة المنخفضة 60 ألف ليرة.
إلى ريفي إدلب وحلب في منطقة شمال غرب سوريا الخاضعة لإشراف “حكومتي المؤقتة والإنقاذ”، حيث يحضر هناك أكثر من 1250 مخيماً يقطن فيها حوالي مليون ونصف المليون إنسان.
محمد الجابر القاطن في “مخيمات بلدة أطمة” لم يجد فارقاً كبيراً بين واقع الأسواق هناك عن واقع أسواق دمشق، باستثناء تعامل الناس بالليرة التركية عوضاً عن الليرة السورية، وفقاً لما قاله لـ “اقتصاد”.
يضيف الجابر، أنه رغم توفر مادتي المازوت والغاز، إلا أن الناس مُجبرون على استخدام الحطب جراء سعر المحروقات المرتفع، حيث يبلغ ىسعر ليتر المازوت المُكرر محلياً بنحو 4,50 ليرة تركية، وسعر أسطوانة الغاز تجاوز حاجز الـ 100 ليرة تركية في الأيام القليلة الماضية، فيما يبلغ سعر كيلو الحطب الواحد بين 75 قرشاً تركياً وواحد ليرة تركية، متوقعاً ازدياد سعره مع دخول الموجة الأولى من البرد نظراً لزيادة الطلب من الناس والمنظمات الإنسانية.
ويُشير محدثنا أن كثير من العائلات الفاقدة للعمل والموارد تقوم بجمع مواد البلاستيك والنايلون والكاوتشوك لاستخدامها لاحقاً في تدفئة أطفالها أثناء دخول موجات الصقيع، غير مبالية بما ينتج عن ذلك من أضرار صحية.
في مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” تُعد أعباء الشتاء أدنى من محيطها، بحسب السيدة نيفين، حيث تقول إن المحروقات متوفرة بكثافة في الأسواق وبسعر مقبول للأهالي، إذ لا يتجاوز سعر ليتر المازوت 400 ليرة سورية، الأمر الذي يُخفف من أعبائهم بشكل كبير، فيما تتقارب جداً أسعار الألبسة والمدافئ والسجاد في أسواقها مع الأسعار المطروحة في أسواق دمشق.
يتشارك السوريين في معاناة الشتاء وسط عجز الجهات المسيطرة باختلافها عن تأمين أبسط متطلبات الحياة لهم، وتبقى هذه الأسعار على وضعها الحالي في حال لم يطرأ أية متغيرات على أسعار صرف الليرتين السورية والتركية في السوق السوداء ذات السيطرة الأكبر والأوسع. ويبلغ سعر الدولار الأمريكي الواحد حالياً نحو 3500 ليرة سورية، و9,15 ليرة تركية