دعاء الجبان
شهدت أسواق الثياب المستعملة في دمشق ، المعروفة باسم “البالة”، ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، فاقت القدرة الشرائية للمواطنين
وقالت صحيفة “تشرين الرسمية في نشرتها الاقتصادية، إن سعر ملابس “البالة” قفزت 50 ضعفًا خلال شهرين، فخلت أسواق “المستعمل الأوروبي” من زبائنها الفقراء ممن كانوا يجدون في رخصها في الماضي منفذا لارتداء ما يرغبون من الثياب، بعد أن استغنوا عن الثياب الجديدة لغلاء اسعارها..
وبدت محلات “البالة” شبه خالية من الزبائن في حلب، بعد أن وصل سعر بنطال الجينز إلى 30 ألف ليرة سورية (حوالي 10 دولارات)، بحسب زهير قطمش، وهو مدرس لغة إنجليزية من المدينة السورية
أسعار “ترفع الضغط”
حاولت أم لؤي (35عامًا) من مدينة دمشق، اقتناص الفرصة قبل حلول شهر رمضان بأيام لشراء ثياب العيد لبناتها من البالة، لكن الأسعار الباهظة صدمتها و”رفعت ضغطها”
وقالت: “زوجي يعمل خبازًا باليومية وبالكاد ندبر أمورنا. ومنذ 7 سنوات وأنا أشتري ثياب العيد لبناتي من المستعمل الأوروبي لرخصه، لكن يبدو أن غلاءه هذه السنة على نحو غير مسبوق، سيحرم العائلات الفقيرة من اقتناء الثياب الصيفية وثياب العيد، التي تضاعفت أسعارها 20 إلى 50 ضعفًا”.
وتابعت بالقول إن أعمار بناتها تتراوح بين 5 إلى 14 عاما، مضيفة: “راتب زوجي من الفرن بحدود الـ50 ألف ليرة، كنا نخصص منه 10 آلاف قبل عام لكسوة الشتاء أو الصيف من البالة، لكن الأسعار الجنونية ستحرم أطفالي من ثياب العيد”.
وأوضحت أنها تحتاج إلى أكثر من 300 ألف ليرة لشراء الثياب لأطفالها، إذ يصل ثمن القميص إلى 25 ألف ليرة، والبنطال 30 ألفًا، والحذاء ما بين 25 إلى 30 ألف ليرة..
وحول أسباب ارتفاع أسعار البالة، أكد تجار أنهم يشترونها بالعملة الأجنبية، ويدفعون مبالغ كبيرة ليحصلوا على بضاعتهم.
ففي الماضي كان سوق الملابس المستعملة ملاذًا الفقراء، ليرتدوا ما يدفئهم في الشتاء، ويسترهم في الصيف، وقلما عاش سوري من أبناء أصحاب الدخل المتوسط، دون أن يشم رائحة تلك الملابس على جسده، خاصةً أنها تفوق في جودتها الملابس الوطنية المنشأ.
لكن في السنوات الأخيرة انتشرت محلات “البالة” غير المستعملة، والتي لا يجرؤ عادة زبائن البسطات على دخولها، فترى على واجهتها أحذية جلدية بأسعار تقارب أسعار السوق فيختلط على الزبون المستجد الأمر، إن كان يهم بدخول محل بالة أو إحدى الماركات.
وقال أحد مالكي محال البالة فضل عدم الكشف عن اسمه، إن معظم بضاعتهم تأتي بالتهريب من خارج سوريا، وهم يضطرون لدفع نفقات وصولها لهم، مما يجبرهم على رفع أسعار الثياب المرتبطة أساسًا بالدولار.
وأضاف: “نستلم شحنات كبيرة من الأكياس الضخمة المغلفة، التي نجهل محتواها ونشتريها بالوزن، وقد ندفع ثمن كل كيس حوالي ألفي دولار أو أكثر، حسب ثقل وزنها”.
وتابع: “قد يحالفنا الحظ وتكون البضاعة كلها ثياب نبيعها للزبائن بأسعار مناسبة، وقد يخذلنا الحظ وتكون بضاعتنا قديمة أو تحوي على ستائر وأحيانًا على لوحات أو أكواب أو أحذية ذات تصاميم قديمة جدًا.. كل ما يخطر على البال نجده في شحنات الثياب تلك، التي قد لا نجد لها زبائن فنخسر كثيرا حينها”.
وأكد التاجر في نهاية حديثه، أن “قلة المردود المالي للمواطنين أرغمهم على الاعتماد على سوق البالة، الذي احتوى الفقراء فارتفع رواده بسبب رخص أسعاره”.
يذكر أن الناس في مناطق سيطرة النظام تعيش حالة مأساوية بسبب ارتفاع الدولار وهبوط الليرة السورية..