أخبار المجتمع المدني

شملت 192 مخيماً… “الخوذ البيضاء” تُقدم دراسة حول احتياجات المخيمات شمال غرب سوريا

قدمت مؤسسة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، دراسة حول “احتياجات المخيمات في شمال غربي سوريا”، شملت 192 مخيماً لتقييم أهم احتياجاتها، لافتة إلى أن 83 بالمئة من المخيمات تعرضت لتكرار الأضرار في الشتاء الفائت.

ولفتت الدراسة إلى تزداد معاناة المهجّرين السوريين في مخيمات شمال غربي سوريا عاماً بعد عام، مع طول انتظارهم لحل ينهي مأساتهم و يعيدهم إلى منازلهم في مدنهم وقراهم، وازدادت معاناة هؤلاء النازحين خلال العامين الأخيرين جراء شح المساعدات الإنسانية التي تزامنت مع انتشار فيروس كورونا، إضافة لاستمرار الاعتداءات من قبل نظام الأسد وحلفائه.

وتزامن إعداد دراسة “احتياجات المخيمات في شمال غربي سوريا” مع بداية فصل الشتاء الذي يعاني فيه النازحون من ظروف معيشية بالغة الصعوبة، (تمت عملية جمع البيانات خلال شهر تشرين الأول 2021 ) حيث تتكرر سنوياً حوادث عديدة منها غرق الخيام واقتلاع خيم أخرى بفعل الرياح، أو انجرافها بفعل السيول، إضافة لحوادث احتراق الخيام، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية بسبب وعورة الطرق.

وهذه الحوادث أدت سنويا إلى وفيات وإصابات بين النازحين، والتي يمكن تجنب تكرارها من خلال مشاريع تعمل على تحسين البنية التحتية و تزويد المخيمات بالخدمات الأساسية، كون الاستجابة الإنسانية المقدمة من الجهات الفاعلة على مدى عقد من الزمن لم تتمكن من تقديم حلول مستدامة لمخيمات الشمال السوري، وإنما اقتصر معظمها على الحلول المؤقتة كتقديم السلل الغذائية وسلل النظافة.

واستعرضت الدراسة “احتياجات المخيمات في شمال غربي سوريا” والتي أعدتها وحدة إدارة المعلومات في الدفاع المدني السوري، أهم احتياجات النازحين الأساسية في 192 مخيماً في شمال غربي سوريا، في محاولة لتعزيز قدرة الجهات الفاعلة على تخطيط وتقديم الدعم الإنساني الذي يوافق الاحتياج المطلوب في الوقت المناسب، وللنهوض بواقع المخيمات والحد من الحوادث المأساوية المتكررة.

ولفتت إلى أن وحدة إدارة المعلومات طورت الاستبيان الخاص لهذه الدراسة بناءًا على النماذج الأولية المعيارية في استقصاء احتياجات أماكن الإيواء، كما استفادت من التغذية الراجعة من أصحاب المصلحة لجعل مواد الاستبيان تتوافق مع السياق الحالي من حيث النقاط التي تم تغطيتها ومن حيث طريقة عرضها.

و تّم جمع البيانات في 192 مخيماً شملتها الدراسة من قبل فريق مكون من 34 باحثاً من ذوي الخبرة، والذين خضعوا لتدريب خاص على الاستبيان للتأكد من تطبيق أعلى درجات المهنية في جمع البيانات الميدانية، حيث اعتمد أسلوب جمع البيانات على الملاحظات العينية المباشرة، وإجراء المقابلات المباشرة مع مسؤولي المخيمات، إضافة إلى تقارير فرق الخوذ البيضاء التي تقدم الأعمال الخدمية المستمرة في عدد كبير من المخيمات.

وشملت الدراسة 179 مخيما نظامياً و13 مخيماً عشوائياً توزعت في 45 قرية وبلدة شمال غربي سوريا وكان العدد الأكبر من مخيمات العينة المدروسة 102 مخيماً ضمن ناحية الدانا نظراً لاحتوائها العدد الأكبر من المخيمات في شمال غربي سوريا.

وتمت الدراسة وفق محددات كان منها نوع مكان الإيواء في تلك المخيمات والتي شملت 68 ألف وحدة سكنية شكلت الخيم القماشية 51 بالمئة منها و43 بالمئة خيام ذات جدران إسمنتية مسقوفة بعوازل مطرية وشكلت منازل الإسمنت 3 بالمئة والكرفانات 1 بالمئة، بالإضافة إلى محدد نوع ملكية الأرض لتلك المخيمات ومساحة المخيمات وعدد الأفراد وبالتالي حصة كل فرد من المساحة في المخيمات المقيّمة.

تكرار الأضرار في نفس المخيمات

وبحسب الدراسة فقد خلف شتاء العام الفائت أضراراً بـ 160 مخيماً (83% من العينة المدروسة) وأرجع السبب إلى إنشاء الكثير من المخيمات العشوائية من قبل النازحين أنفسهم دون أي تخطيط أو مرافق وبنى تحتية ودون دراسة حول طبيعة الأرض ما يجعل هذه المخيمات عرضة للكثير من المخاطر وهو ما يلقي بآثاره على فرق الدفاع المدني السوري ويجعلها في سباق دائم مع الزمن في محاولة اتخاذ الإجراءات والاحتياطات التي تمنع وقوع هذه الكوارث قبل حلول فصل الشتاء.

الصعوبات والمشاكل التي تعرضت لها المخيمات

واستعرضت الدراسة أبرز الصعوبات التي تعرضت لها هذه المخيمات، فتعرضت %81 من المخيمات المقيّمة لفيضانات وغرق الخيم، كما عانت 78%منها من عدم وجود وسائل تدفئة مناسبة، وفي 69%من المخيمات من تشكل مستنقعات المياه والوحل نتيجة سوء حالة الطرق والأرصفة، كما شهدت 66% من المخيمات تمزق واقتلاع الخيم نتيجة الرياح العاتية والأمطار، وتعرضت 40% من المخيمات لصعوبات نتيجة عدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول لها نتيجة سوء حالة الطرق المؤدية للمخيم.

عمليات الاستجابة ضمن المخيمات التي تعرضت لأضرار العام الماضي

وفق مصادر المعلومات المشاركة في الدراسة، تدخلت الجهات الإنسانية الفاعلة ضمن 40% من المخيمات المقيّمة، والتي تعرضت لحوادث وصعوبات خلال الشتاء الماضي (64) مخيماً من العينة المدروسة، في محاولة معالجة هذه الأضرار والصعوبات التي برزت ضمنها، في حين لم يتم التدخل ضمن 60% منها (96) مخيماً.

وأضافت مصادر المعلومات أن التدخل الأبرز في 70% من المخيمات هو فتح ممرات لتصريف مياه الأمطار، كما تم فرش الطرقات بالرمل والحصى في 20% من المخيمات وتم تركيب خيم وعوازل في 9% من المخيمات وإخلاء المدنيين في 9% من المخيمات كذلك. إضافة لسحب السيارات وتقديم الوقود في 3% من المخيمات.

أثر الاستجابة في معالجة الصعوبات والمشاكل

لدى سؤال مصادر المعلومات حول مساهمة التدخل في حل المشكلة، تبين أن التدخل الذي أدى إلى حل المشكلة اقتصر على 42% من المخيمات (27 مخيماً) فقط، في حين لم يتم حل المشكلة رغم التدخل في 58% من المخيمات (37 مخيم)، 18 مخيم منها ضمن ناحية معرة مصرين، و12 مخيم ضمن ناحية الدانا، علماً أن المشكلة الأكبر التي لم تحل في معظم النواحي، هي فتح ممرات لتصريف مياه الأمطار.

الاحتياجات الأساسية للمخيمات

تناولت الدراسة الاحتياجات الأساسية للمخيمات وكانت 59 % من العينة بحاجة إلى تبحيص ورصف طرقات و44 % بحاجة لتوفير حفر وقنوات صرف صحي و23 % من العينة بحاجة إلى توفير وسائل تدفئة، بالإضافة إلى الحاجة إلى استبدال الخيام الحالية بخيام جديدة وتوفير عوازل وبناء كتل اسمنتية وتجهيز قواعد وسقوف اسمنتية للخيام وبنسب متفاوتة.

كما أضاءت النتائج حول الاحتياجات في مجال الصرف الصحي واحتياجات إنشاء أقنية لتصريف مياه الأمطار بالإضافة إلى احتياج الطرق المرصوفة وتوافر الطاقة الشمسية وشرحت الدراسة ذلك باستفاضة.

كما وأشارت الدراسة على الخدمات التي نفذها الدفاع المدني السوري خلال المدة المذكورة والتي بلغت 61 ألف عملية خدمية ضمن جميع مخيمات الشمال السوري بينها 32 ألف عملية خدمية تتعلق بالبنى التحتية في المخيمات، بالإضافة إلى عمليات التطهير والتعقيم بأكثر من 17 ألف عملية والعديد من الخدمات الأخرى.

التوصيات

اختتمت الدراسة بتقديم عدد من التوصيات تساعد بشكل مباشر في تحسين الاستجابة وتخفيف معاناة المدنيين، أبرزها تقديم الخدمات ومعالجة المشاكل الحالية لاترتقي إلى المستوى المطلوب حيث ان العديد من الثغرات لا تزال موجودة على الرغم من تقديم الخدمات ضمن هذه المخيمات

وأكدت على ضرورة التوجه نحو المخيمات العشوائية ومحاولة تنظيمها قدر المستطاع لانها ما تزال الأكثر عرضة للكوارث والمخاطر خلال فصل الشتاء، ومحاولة تنظيم البنية التحتية في هذه المخيمات من خلال توفير حفر الصرف الصحي والطرقات المرصوفة بطرق احترافية واختصاصية تنهي هذه المعضلة ضمن المخيمات

وطالبت بضرورة تزويد هذه المخيمات بالحمامات ودورات المياه حرص ًا على تأمين النظافة العامة ومنع انتشار المزيد من الأمراض والأوبئة خاصة في ظل انتشار وباء كوفيد -19 في شمال غرب سوريا

إضافة إلى مراعاة المعايير الإنسانية في تأمين متطلبات الفئات المستضعفة من النساء والأطفال ضمن المجتمع من حيث توفير دورات المياه والحمامات الخاصة بهذه الفئات، وبينت أنه من الضروري قياس أثر المشاريع المنفذة في المخيمات من قبل جهات مختصة لتقدير مدى الاستفادة من هذه المشاريع، وتأثيرها الإيجابي على قاطني المخيمات ومعالجة مشاكلهم.

وأشارت إلى أن الإحصائيات والنسب التي قدمتها الدراسة ليست مجرد أرقام، بل هي تعبير عن حجم المأساة التي يعيشها المهجرون قسرياً إلى الشمال السوري وخصوصاً في المخيمات العشوائية التي يبلغ عددها 500 مخيماً وبالتالي حجم الكارثة أكبر بكثير، والحل الوحيد هو عودة المدنيين بشكل آمن إلى قراهم ومنازلهم التي هُجروا منها، وأي حلول تفضي إلى غير ذلك لن تكون مقبولة وهي غير مجدية وفيها انتقاص من حقوق المهجرين وإنسانيتهم، لكن ذلك لا يعني عدم القيام باجراءات وتحسين للخدمات في المخيمات بما يحفظ كرامتهم ويحقق لهم الحد الأدنى من مقومات الحياة بانتظار محاسبة المجرمين وعودة جميع الأهالي إلى منازلهم.

المصدر : شام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى