طلاب جامعات في الشمال السوري يتجهون للتدريب
بمقاطع فيديو، لا يتعدى طول أي منها دقائق قليلة، انتقلت مجموعة من طلاب جامعة “إدلب” من موقع المتلقي إلى موقع المدرب، متطوعين لنقل مواهبهم ومعارفهم إلى زملائهم ولمن يحتاج إلى التدريب، في حين أقام آخرون جلسات نقاش وتبادل للخبرات بين الزملاء حوّلتهم من المجال النظري إلى العملي.
جذبت فكرة تقديم التدريبات التطوعية عشرات الشبان والشابات، من أفرع وجامعات مختلفة في شمال غربي سوريا، فيما وصفه قائد فريق “خطوة” التدريبي، محمد دعبول، بـ”محاولة ترك بصمة في المجتمع”.
توجه الشبان والشابات لزملائهم من مختلف الاختصاصات بتدريبات “واسعة النطاق”، كالرسم واللغة الإنجليزية والتركية والدعم النفسي وتدريبات الحماية والتوعية الصحية والأدبية والحاسوب والإسعافات الأولية والتمريض.
انطلقت فكرة التدريب قبل سبعة أشهر، حسبما قال محمد لعنب بلدي، من مبادرة لأربعة طلاب من جامعة “إدلب”، قدموا تدريبات في اللغة التركية والرسم، ثم سرعان ما جذبت أنشطتهم دعم ومشاركة طلاب آخرين، حتى وصل عدد المشاركين اليوم إلى 70 طالبًا وطالبة من مختلف الجامعات في شمال غربي سوريا.
بدأت التدريبات عن طريق تطبيقات الإنترنت، مثل “زووم” و”واتساب”، واستمرت مدة شهرين ونصف قبل أن تنتقل إلى تقديم التدريبات بشكل فيزيائي في مراكز تدريبية استأجرها الطلاب، ما فرض عليهم تقاضي أجور “رمزية” لتغطية التكاليف اللوجستية، مثل أجور المركز والقرطاسية، حسبما قال قائد الفريق الذي يدرس اللغة العربية في سنته الثالثة.
يطمح الفريق الطلابي لعقد أولى ندواته الأدبية، التي من المخطط أن تشمل الشعر والنثر والقصة القصيرة والمونولوج، رغم الانتقادات التي واجهوها، “قيل لنا أنتم طلاب ولستم أكاديميين، ولا قدرة لديكم على تقديم التدريبات”، كما قال محمد، مضيفًا أن عدم امتلاك مركز خاص كان عائقًا أيضًا، لكن الفريق يحاول تجاوز تلك العقبة والتوسع باتجاه إقامة دورات التدريب المهني للنساء في إدلب وريفها وريف حلب.
“الحاجة دفعتنا للتدريب”
استهدف الطلاب في فريق “خطوة” زملاءهم الطلاب بالتدريبات، ولكنهم أبقوا باب الاستفادة مفتوحًا لكل من يريد التطوير والتدريب وبناء القدرات، وبرأي محمد دعبول، فإن الحاجة إلى تلك التدريبات ليست نابعة من نقص الخدمات والمواد التعليمية في جامعات المنطقة، “لكن تواصلنا مع بعضنا كطلاب أسهل وإيصال الأفكار أسرع”، حسبما شرح لعنب بلدي.
لكن بالنسبة لمحبي الرسم فإن التدريب الجامعي غير موجود، إذ تعتمد إيناس درويش، طالبة إدارة الأعمال في السنة الثانية، على موهبتها في الرسم لتقديم مقاطع الفيديو التدريبية لزملائها.
المدربة الشابة، التي كانت من الأعضاء المؤسسين للفريق الطلابي، قالت لعنب بلدي، إن دافعها للمشاركة كان “الشغف بتعليم الرسم”، مشيرة إلى أن التدريب كان “ممتعًا وصعبًا” في آن واحد، “إلى الآن لا نقدم دروس الرسم على أرض الواقع. ودون التواصل الجسدي ولغة الجسد لا تصل الفكرة كاملة أبدًا”.
في تجربة تدريبية أخرى، كان نقص الخبرة العملية هو ما دفع مجموعة من طلاب المعهد التقاني للإعلام في جامعة “إدلب” لتشكيل فريق اسموه “We Can”، يقدم أفراده أعمالهم لتخضع للنقاش والتصويب من قبل زملائهم.
“معظم الشباب يواجَهون بطلب الخبرة التي لا تقل عن ثلاث سنوات عند تقديمهم على أي شاغر وظيفي، لكن إن لم يعملوا من قبل لن يستطيعوا اكتساب الخبرة”، كما قال خريج المعهد يزن بياع لعنب بلدي.
برأي يزن، المشارك في الفريق التدريبي لطلبة المعهد، فإن التجمعات الطلابية كافة أو الفرق أو المشاريع التدريبية تصب في مصلحة الطلاب، وتسمح لهم بالتهيؤ لمواجهة الحياة العملية، حتى إن لم يتوافق التدريب مع المحتوى الدراسي، مشيرًا إلى أن تدريبات اللغة هي من “أهم التدريبات التي يحتاج إليها الطلاب في الوقت الحالي”.
هل يستطيع الطالب أن يكون مدرّسًا؟
لا يجد أحمد حاج إبراهيم، طالب الطب في جامعة “إدلب”، مانعًا في تلقي التدريب من زملائه، “بالنتيجة فإن هذا الأمر مفيد على صعيد الشخص وتمكينه من اكتساب مهارات وخبرات جديدة”، كما قال لعنب بلدي، مضيفًا أن الجدية في التقديم والتلقي هي الأساس.
يرحب أحمد بكل التدريبات المتصلة بالدراسة الجامعية، أو التدريبات العامة غير المتصلة، مثل تدريبات التواصل والتنمية البشرية والأدب واللغات والفن، مقترحًا إقامة لقاء طلابي على مستوى كل الكليات لطرح الأفكار وتحديد الاحتياجات التدريبية.
“لا يجوز لطالب أن يعلّم طالبًا”، حسب رأي الدكتور محمد العمر، الذي يدرّس طب الأطفال في كلية الطب البشري بجامعة “إدلب”، لأن النهج الأكاديمي هو الأساس للتعليم، حسب رأيه.
وقال العمر، إن المدرّس يجب أن يكون حاصلًا على شهادة جامعية تخصصية ليكون مؤهلًا لتدريس الطلاب، وأما فيما يخص تدريبات اللغة أو غيرها من الأنشطة التكميلية فإن ما تقدمه الجامعة “كافٍ” بتقدير الطبيب الذي كان سابقًا عميد الكلية، “لو كنتُ عميد الكلية حاليًا أو رئيسًا للجامعة، لن أقبل أي دورة إلا عن طريق معهد اللغات”.
من جانبه، يرى رئيس جامعة “إدلب”، الدكتور أحمد أبو حجر، أن أنشطة التدريب الطلابية “جيدة” وتستحق الشكر، لأنها تساعد على صقل شخصية الطلاب، وتشعرهم بالتشارك الاجتماعي، وتساعدهم على التعاون مع بعضهم، حسبما قال لعنب بلدي.
لكن أبو حجر نفى أن تكون التدريبات المقدمة ناقصة في الجامعة، مشيرًا إلى أنها ستكون مفيدة للطلاب الذين يفوتون حضور دروسهم الجامعية بسبب أوقات الدوام التي قد لا تلائمهم
المصدر : عنب بلدي