لماذا انخفض إنتاج القمح بإدلب إلى أقل من نصفه؟
لم يتوقع محمد أبو خالد المزارع من ريف إدلب أن ينخفض إنتاجه من القمح من 250 كيلو غراماً إلى 90 كيلو غراماً فقط مقارنة بالسنة الماضية، الأمر الذي سبب له خسارة كبيرة.
حسب الإحصائيات الأخيرة لحكومة الإنقاذ فإن إنتاج القمح تراجع لسنة 2021 إلى 33 ألف طن ونصف الطن، بينما تجاوز إنتاجه في العام الماضي 2020 الـ 70 طناً بما يقدر بأكثر من ضعف الإنتاج الإجمالي وذلك بعد تراجع مساحة الأراضي المزروعة من أكثر من 19 ألف هكتار إلى 9 آلاف و800 هكتار فقط.
أسباب انخفاض المحصول وحلول للتحسين
المهندس أحمد الكوان، معاون وزير الزراعة والري في “الحكومة” يرجع سبب هذا الانخفاض إلى قلة الهطول المطري لهذا العام، إضافة إلى توجه المزارعين لزراعة الفول وحبة البركة نظرا لارتفاع أسعارها ويشير إلى أن “هذا الأمر لن يستمر بسبب عدم نجاح زراعتها هذا العام، وأكّد أن هناك توجها لدى المزارعين لزيادة مساحاتهم من محصول القمح للموسم القادم نتيجة ارتفاع أسعاره كمادة أساسية في المنطقة.
واعتبر الكوان أن الطريقة الأفضل من أجل تحسين المحصول للسنة القادمة هي تشجيع المزارعين على زراعة القمح عن طريق رفع سعر شراء المحصول وتوجيه المنظمات لدعم المزارعين الراغبين بزراعة القمح بمستلزمات الإنتاج كافة وتوعية الفلاحين لأهمية هذا المحصول الاستراتيجي وأكّد بقوله: “تخطط الوزارة لزراعة 16 ألف هكتار من محصول القمح للموسم القادم” أي بما يساوي ضعف المساحة المزروعة لهذا العام.
تقلص الأراضي المزروعة وزيادة الكثافة السكانية
“قلة المحصول كانت أمراً بديهياً لأن المساحة المزروعة تقلصت بعد خسارة كثير منها لصالح النظام السوري في الريف الجنوبي” حسب ما أوردت المهندسة الزراعية صبا بيراوي الفاعلة في عدد من المشاريع الزراعية في المنظمات الإنسانية منذ 2016، وتضيف: “قلة الأمطار ساهمت بانخفاض المحصول للأراضي المزروعة إذ شهدت ربيعاً جافّاً وخريفاً جافاً في الوقت الذي لم تحقّق فيه الأمطار في الشتاء نصف المعدل”.
وتشير المهندسة صبا إلى أن اتجاه المزارعين لمحاصيل حبة البركة بسبب أنّها محصول نقدي يدرّ رأس مال كبير لكنّها لا تعرف إن كان هو السبب الحقيقي في انخفاض إنتاج القمح لأنّ أمراً كهذا يحتاج إلى إحصائيات حسب ما أوردت.
وقالت إن الحاجة للاستهلاك المحلي لم تتغير لكن الأراضي المزروعة تقلّصت الأمر الذي ضاعف الحاجة، وتؤكد أن الحل هو “الزراعة التكثيفيّة” من أجل تحقيق استفادة أكثر من الأراضي الموجودة وتشغيل اليد العاملة من المزارعين الذين نزحوا من أراضيهم، الزراعة التكثيفية حسب بيراوي هي زراعة أكتر من محصول بنفس الوقت.
“يمكن زراعة القمح مع الزيتون إذا كان هناك حاجة كبيرة لكن الحصاد سيكون يدوياً في هذه الحالة لأنه من الصعب أن تدخل الحصادة بين أشجار الزيتون” وتضيف أنّه من الممكن أن تتحمّل المحاصيل مع بعضها بعضا في الأرض الواحدة فيكون التكثيف في هذه الحالة رأسياً وهو زيادة الإنتاج بنفس المكان “من الممكن للأرض الواحدة أن نزرع فيها 3 أو 4 محاصيل في السنة الواحدة إذا كانت خطة مدروسة مع التسميد والري الجيّد”.
كيف يتأثر خبز المستهلك بانخفاض الإنتاج؟
“لا يتم استخدام القمح البلدي في تصنيع الخبز في الأفران، بل يتم استخدام الدقيق المستورد” حسب ما قال محمود أبو أسعد صاحب فرن المدينة في مدينة إدلب، لكنه أضاف أن الأزمة الحالية زادت من أسعار الدقيق المستخدم بشكل كبير “كنا نشتري الدقيق ب 290 دولاراً للطن الواحد بينما اليوم 350 دولاراً، بفرق حوالي 60 إلى 70 دولاراً هذا التأثير يعتبر عبئاً كبيراً علينا”.
ويؤكد صاحب الفرن أنّه لا توجد حلول بديلة كما لا يمكن الاعتماد على القمح البلدي “الحنطة البلدية تساوي 340 دولاراً بينما الدقيق الجاهز المستورد يساوي 370 دولاراً فلا يوجد فرق كبير، كما أنّ الحنطة الموجودة بالمحرر كلّها لا تكفي لاستيعاب الحاجة الموجودة”.
محمد أبو خالد المزارع في ريف إدلب الذي يمتلك 50 دونماً في حزرة شمالي الدانا، تحدث عن خسارته الكبيرة في أرضه في جميع المحاصيل التي زرعها ولا سيما القمح بسبب قلة الأمطار، إذ انخفض إنتاجه إلى أقل من النصف بينما انخفض إنتاج حبة البركة إلى 50 كيلوغراماً للدونم الواحد والعصفر إلى 10 كيلو غرامات للدونم الواحد وبذور عباد الشمس إلى 90 كيلو غراماً، ويصف أبو خالد هذه السنة بأنها سنة “محل” ويضيف أن المحصول كان ضعيفاً جداً بالنسبة للسنة الماضية “كانت خسارة كبيرة للمزارع”.
وتجدر الإشارة إلى عودة الحرائق جنوبي محافظة إدلب في الأراضي الزراعية التابعة لسيطرة المعارضة التي تقع على مقربة من قوات الأسد والتي تعتبر أبرز مناطق زراعة القمح، وذلك نتيجة قصف الأراضي بشكل مقصود من أجل إحراق المحاصيل
المصدر : تلفزيون سوريا