الصراع مع القمامة …ظاهرة تزداد انتشارا في الشمال السوري المحرر (حصري)
دعاء الجبان
تشهد سوريا منذ بدء النزاع عام 2011 أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية التي تترافق مع انهيار قياس في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين بات الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
الفقر يجبر كثيرا من سكان الشمال السوري على البحث في مكبات النفايات عن أرغفة خبز وبقايا الطعام وملابس وكل ما يمكن الاستفادة منه وبيعه لجني القليل من المال.
ظاهرة ليست بجديدة على السوريين ،حيث تفاقمت بعد ارتفاع معدّلات الفقر وزيادة تدفّق النازحين بين المحافظات السورية،
منظر النفايات المقزز والروائح الكريهة المنبعثة منها والأمراض الناتجة عنها لم تمنع عشرات النساء في إدلب والشمال السوري المحرر من العمل في مكبات النفايات لإيجاد ما يعود عليهن ببعض المال فيسدوا بها رمق أطفالهن الجائعين، بعد أن أغلقت الأبواب في وجه حصولهن على عمل أفضل.
أم محمد نازحة من ريف ادلب الجنوبي ،فقدت زوجها منذ بداية الحرب ، وغدت المعيلة الوحيدة لأبنائها الأربعة وسط أوضاع معيشية غاية في السوء،مادفعها للبحث عن عمل بغية مساعدة نفسها وأبنائها في هذا الزمن الصعب لكنها لم تتوفق بايجاد أي عمل كونها غير متعلمة ولاتملك مهنة معينة.
تستتر في ساعات الصباح الأولى وبعيداً عن الأنظار
للقيام بعملها هذا خجلاً من أن يراها الناس وتغدو محط عطف وشفقة ونظرات استهزاء جارحة، فإن الكثيرات من النساء في مخيمات النزوح شمال إدلب يخرجن على شكل جماعات قاصدات مكبات النفايات القريبة من المخيم، ليقضين به نصف يومهن بعملية البحث،يستخدمن قفازات وعصي خشبية في عملية البحث تلك.
وتؤكد أن العمل شاق ومقرف غير أنهم مضطرين لذلك إذ: “يبقى عملاً شريفاً ويغنينا الحاجة والسؤال والتماس عطف الآخرين”.
كانت تشكو إصابتها وإصابة أبنائها بأمراض جلدية وليشمانيا نتيجة تعرضهم للدغات البعوض المنتشر في تلك الأماكن،”ومع ذلك مستمرين ،لأن الغلاء فاحش والظروف صعبة ولدينا أولاد بحاجة لطعام وكساء ودواء فكيف لنا أن نؤمن لهم مايلزم إن لم نعمل،وإن لم نعمل فلن نأكل “.
يبتسم طفل وكأنه حقق انتصاراً بعدما وجد بنطال جينز، بينما يجد أحدهم حذاء أسود اللون في علبة. وتستعين فتاة صغيرة بعصا حديدية خلال بحثها عن عبوات مشروبات غازية تضعها في كيس تحمله على كتفها. وكلما كانت الكمية أكبر كان المردود المالي من بيعها أفضل.
بدورها علقت المرشدة الاجتماعية روعة الصطوف على عمل النساء والصعوبات التي واجهتهن في ظل الحرب بالقول إن سوء الأوضاع الاقتصادية جعل العائلات السورية لا يكفيها معيل واحد فاضطرت النساء للعمل لتأمين مستلزمات الحياة.
وأشارت إلى أن التنقيب في النفايات كانت آخر ما يمكن توقعه بأن تعمل به النساء السوريات وهو إن دل على شيء فهو يدل على مدى الحالة المعيشية المتردية التي وصلت إليها حال الأسر النازحة في ظل الفقر والغلاء وغياب المعيل.
حيث شددت الصطوف على ضرورة إنقاذ هؤلاء النساء من الخوض في هذه المهنة التي لا تتنناسب مع أجسادهن الضعيفة وأنوثتهن ومكانتهن الإجتماعية ومساعدتهن على إيجاد فرصة عمل أفضل من خلال تدريبهن لإتاحة الفرصة أمامهن باكتساب خبرات ومهارات وفرص عمل.