محمد العمر
أصوات جائعة تسمع من سوريا، مع اشتداد وقع الأزمة المعيشية التي تضرب مناطق سيطرة النظام، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة قلقها من تردي الوضع الإنساني شمال غربي البلاد المكتظ بالنازحين والمهجرين، وسط دعوات للمجتمع الدولي بتمويل الاحتياجات الإنسانية.
استجابة المجتمع الدولي المتأخرة للأزمة الإنسانية في سوريا، باتت تطرح سؤالا ملحا حول آلية عمل المجتمع الدولي، الذي عايش الموت السوري عشر سنين وكأنه جزء من صيرورة التاريخ
الموت، الدمار، القصف، النزوح، والتهجير، أحداث تحولت إلى روتين لدى الغرب، لا بد من كسره بصدمة، مثل ذلك استجابة جاستن ترودو رئيس الوزراء الكندي لمأساة الطفل السوري الغريق إيلان كُردي عام 2015، الإحساس بالذنب لم يكن هو ما دفع ترودو، لقبول طلب لجوء عبد الله كردي المرفوض سابقا، .
هل ماتت صورة إيلان وغيرها من صور ومقاطع فيديو كان لها الحظ في الانتشار العالمي، واستطاعت إثارة أسئلة على الأقل لدى السوريين، حول الموقف الأخلاقي من الحدث السوري؟ بعيداً عن السردية التي سادت لاحقاً حول الإرهاب وخطر “تنظيم الدولة” وتهديد اللاجئين للمجتمعات الأوروبية، كما يرى اليمين المتطرف.
السوريون أرقام
تقول صحيفة “تايمز” البريطانية في تقرير لها عام 2017 “تظهر البيانات أن العالم كان في غفلة بينما كان عدد القتلى في الحرب السورية يرتفع باطراد إلى مئات الآلاف.
وتضيف أن “آلاف الصور المؤلمة التي كانت أقرب إلى الإحصاءات يمكن أن تجعلنا بسرعة في حالة من التخدير”.
الفرادة في الموت
قال زعيم الاتحاد السوفييتي السابق جوزيف ستالين “موت إنسان واحد هو مأساة كبرى، وموت الملايين مجرد إحصائيات”،
موت السوريين منذ عشر سنوات وإلى اليوم مازل فريداً؛ براميل متفجرة وسلاح كيمياوي، صواريخ باليستية وقتل تحت التعذيب وإعدامات ميدانية، ما الخطأ إذاً الذي جعل الاهتمام بالمأساة السورية يتراجع.. هل صحيح أن جمهور وسائل الإعلام حساس أمام صور الموت والقتل؟ تراجع الخبر السوري منذ العام 2013 بعد أن كان الأعلى مشاهدة ليكون خبرا مليئا بالبروباغندا، من خلال التركيز على أخبار نظام الأسد وجبهة النصرة وتنظيم الدولة، أما المدنيون فأخبارهم يجب أن تكون فريدة لتنقل إلى الشاشات والصحف.
اليوم يهدد الجوع 60 في المئة من السوريين وخاصة القاطنين في المخيمات شمال غربي سوريا بحسب الأمم المتحدة، كذلك ناشدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” المجتمع الدولي بتمويل قدره 1.4 مليار لتأمين الاحتياجات الإنسانية للأطفال السوريين، فهل يجب أن نبحث بكاميراتنا عن طفل بانت عظامه من الجوع وينتظره حيوان ما ليقتات على بقاياه؟ وهو ما حدث فعلا في السودان عام 1993.
ربما يكون على الصحفيين في سوريا مهمة أخيرة، وهي أن يحملوا كاميراتهم إن استطاعوا والخروج بحثا عن صورة أو مقطع فيديو يكسر قلوب المتابعين، فعلى ما يبدو أن العالم قاس بما يكفي ويحتاج إلى صورة من سوريا لإنهاء الأزمة الإنسانية أو لتسكينها.