أين وصل التعليم عن بعد في ادلب ؟
ستة أشهر مرت على بدء مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب مشروع التعليم عن بُعد إثر إغلاق المدارس المتكرر نتيجة انتشار الفيروس في المنطقة، مشروع لم ينتهِ بعد إعادة فتحها نهاية أيلول الماضي، مع استمرار الحاجة و”ازدياد” الإقبال.
“تربية” عن بُعد
“نقص الخيارات” حسب وصف مدير المكتب الإعلامي في مديرية التربية، مصطفى حاج علي، كان هو الدافع الأول لبدء مشروع “التربية عن بُعد”، كما سماه مجلس الإدارة.
بفريق متطوع، حاصل على تدريبات حول كيفية إنشاء الدرس مع التعامل بالأجهزة الإلكترونية والتطبيقات المناسبة، بدأت المديرية مواجهة الحجر، الذي كان مؤقتًا في آذار الماضي، ثم عاد بعد تسجيل أول حالة إصابة للفيروس بالمنطقة، في 9 من تموز الماضي.
تُنشر الدروس، التي ترتكز على المنهاج السوري المنقّح، بعدما اُستبعدت منه مقاطع تمجيد حزب “البعث” وقادة النظام، عقب مراجعة لجنة تدقيق ومراقبة من قبل دائرة التوجيه “لتكون ذات قيمة مادية ومعنوية وبتقنية وتنقيح جيد”، حسبما قال حاج علي لعنب بلدي، مشيرًا إلى تنسيق اللجنة مع فرق الإعداد كي لا تقع في الخطأ والتكرار.
انطلقت الدروس تباعًا، وشملت المراحل التعليمة كافة، حتى زاد عددها على 500 درس مع بداية تشرين الأول الحالي، ورغم “ضعف” الإقبال على متابعتها بداية، فإنها حصلت على عشرات آلاف المشاهدات حتى الآن، عبر منصة “يوتيوب“، وتجاوزت ساعات مشاهدتها الحقيقية 3500 ساعة، حسب إحصائيات المنصة الإلكترونية.
برأي أحمد العيسى فإن “خبرة” المعلمين زادت من جودة المقاطع المقدمة خلال الأشهر الماضية، التي عانت من بُعد الصورة أو عدم وضوح الصوت، إلا أن نسب الاستفادة من مشروع التعليم عن بُعد “ليست بالمستوى المطلوب” بتقديره، مشيرًا إلى أن اهتمام الأهل وتعاونهم مع الأساتذة والطلاب هو شرط أساسي.
متعة وتعب
استمتع الأطفال بدورسهم الجديدة، كما قال أهالٍ لعنب بلدي، إذ إن الإمساك بالهاتف والنظر إليه واللعب به هو من الأمور المحببة لهم، “غيّرنا توجه أبنائنا، بدل متابعة الطفل (يوتيوب) أصبح يتابع دروسه ويتواصل مع معلمه، وزاد تعلّقه بالمعلومات المقدمة”، حسبما قال عبد العزيز الأحمد الخلف متحدثًا عن تجربة ابنته في التعليم عن بُعد.
إمكانية إعادة المعلومات المسجلة مرارًا من قبل الطالب، والرجوع إلى المعلم لأي سؤال أو استفسار، وقدرة الأهل على متابعة ما حصل عليه ابنهم من دروس، هو ما جعل المشروع “محببًا” من قبل عبد العزيز، الذي اعتبر أن المجهود الأول والأخير هو للمعلم الذي يسهل على الطلاب التلقي.
ورغم المصاعب المتعلقة بمتابعة الدروس، مثل ضعف الإنترنت، فإن المشروع وفر على الأهالي شراء القرطاسية للطلاب، التي مثل ارتفاع أسعارها همًا للعائلات، حسب رأي عبد العزيز، الذي أشار إلى أن استمرار استخدام المشروع ودمجه مع التعليم في المدارس هو “فكرة جيدة”، لأنه يسمح للأستاذ بإرسال المعلومات للطالب، الذي يستطيع بدوره إرسال وظائفه عبر الهاتف.
وبرأي مدير مشروع “التربية عن بُعد”، خالد الخالد، فإن الدروس الإلكترونية ستبقى رديفة للتعليم الفيزيائي، كما أنها الخيار “الأخير” عند تعذر متابعة افتتاح المدارس بسبب نقص توفير وسائل الحماية ضد الفيروس، الذي بلغت أعداد المصابين به في شمال غربي سوريا نحو ألفي شخص منتصف تشرين الأول الحالي، وفقًا لبيانات “وحدة تنسيق الدعم“.
نقص للموارد يهدد المدارس
استمر تقديم التعليم في إدلب رغم المخاطر الأمنية وشح الدعم، وعادت المدارس للعمل بعد توقفها مرارًا تارة بسبب نقص الأمن وتارة بسبب النزوح، مع خروج المئات منها عن الخدمة نتيجة القصف أو بسبب تحولها إلى ملاجئ للنازحين.
ووفقًا لأحدث تقرير أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، فإن نقص الموارد والتمويل يعوق تقديم تعليم بجودة عالية في المنطقة، مع افتقار المعلمين والطلاب للمواد التعليمية الأساسية.
ومع عدم تمكن 30% من السكان في المنطقة من الوصول إلى الإنترنت والهواتف الذكية، فإن مشروع “التربية عن بُعد” لا يستطيع استهداف كل الطلاب.
وقال مدير مجمع إدلب، عبد الله العبسي، لعنب بلدي، إن أعداد الطلاب الحاليين في إدلب يصل إلى 650 ألف طالب، منهم 400 ألف ملتحقون بدروسهم، و250 ألفًا متسربون، محملًا المنظمات الداعمة مسؤولية التحاق الطلاب بدروسهم من عدمه، “فعلى القدر الذي يتوفر فيه دعم للمدارس وافتتاحها، نجد إقبال الطلاب عليها”.
المصدر : عنب بلدي