مقالات

بينها سوريا.. محاولات للعدالة بعد “جرائم الحرب” حول العالم

منذ عام 2015، كانت القارة الأوروبية ميدان النزاعات الحقوقية التي جمعت ضحايا التعذيب في سوريا مع جلاديهم تحت أقبية المحاكم، وأُقيمت فيها أبرز المحاكمات ضد مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية بعد عمل المنظمات الحقوقية السورية والأوروبية على توثيق تلك الجرائم.

ولا تعتبر هذه المحاكمات هي الوحيدة من نوعها بالتأكيد، إذ شهد العالم خلال السنوات الماضية محاكمات لرؤساء دول ورجال مخابرات وقادات جيوش أمام “المحكمة الجنائية الدولية” ارتكبوا “جرائم حرب” في بلدانهم أو في أماكن أخرى، وفيما يلي أبرز تلك المحاكمات حول العالم:

محاكمات “نورنبيرغ”

القانون هو الطريق الوحيد للبحث عن العدالة بعد الإبادة الجماعية، وبعد “الحرب العالمية الثانية” قامت المحاكم المحلية والعالمية لتسيير محاكمة المتهمين بـ”جرائم حرب”.

وأعلنت حكومات “قوات الحلفاء” في بداية شتاء عام 1942، حين أعلن إطلاق النار، اعتزامها معاقبة “مجرمي الحرب النازيين عبر طريق مشروعة”.

وأصدر زعماء كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا و”الاتحاد السوفيتي”، في كانون الأول 1942، أول بيان رسمي مشترك يسجل حدوث قتل جماعي لليهود الغربيين، واعتزامهم محاكمة المسؤولين عن العنف ضد المدنيين.

وتُعد محاكمات “نورنبيرغ” من أشهر المحاكمات التي تناولت أولى جلساتها، “مجرمي حرب القيادة النازية” بعد سقوط “الرايخ الثالث“.

وفي المرحلة الثانية من تداول المحاكمات، حُوكم الأطباء الذين “أجروا التجارب الطبية على البشر“.

وعُقدت أول جلسة في 20 من تشرين الثاني 1945 واستمر استئناف المحاكمة حتى 1 من تشرين الأول 1946، داخل قصر العدل في مدينة “نورنبيرغ” جنوبي ألمانيا، وسبب عقد الجلسات في هذا القصر هو الدمار الذي آلت إليه دُور المحاكم الألمانية جراء قصف الحلفاء خلال الحرب.

وحوكم في تلك الجلسات أكثر من 20 شخصًا، واختلفت حينها أحكام المحكمة بين الإعدام والمؤبد والبراءة، لتلك الشخصيات.

محاكمة منغستو مريام في إثيوبيا

وحوكم رؤساء سابقين في إفريقيا، ومن أبرزهم الرئيس الإثيوبي السابق، منغستو هيلا مريام، الذى واجه حكمًا بالسجن مدى الحياة عام 2007 بتهمة ارتكاب جرائم إبادة خلال فترة حكمه التي عرفت باسم “الرعب الأحمر”، إثر انقلابه ضد الإمبراطور هيلاسلاسى عام 1974.

وظهر منغستو باعتباره “الأقوى” بين مجموعة من ضباط الجيش الماركسيين الذين أطاحوا بالإمبراطور، والذي أطيح به عندما استولت “الجبهة الثورية الديمقراطية” لشعب إثيوبيا علي أديس أبابا عام 1991.

وانفرد بالحكم المطلق وأعدم رموز العهد السابق خلال حكمه وبلغ قتلى عهده 100 ألف بسبب الترحيل القسرى إلى أن قضت محكمة أخرى بإعدامه في 2008.

محاكمة صدام حسين

وانضم الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، في 2004 لقائمة القادة الذين حوكموا بتهمة “ارتكاب جرائم حرب”. فبعد دخول القوات الأمريكية للعراق في آذار 2003، اعتقل حسين في أيلول من العام نفسه في عملية “الفجر الأحمر” للقوات الأمريكية.

وسُلِم الرئيس العراقي السابق مع 11 مسؤولًا بارزًا في حزب “البعث” وذلك “بصورة قانونية” من قبل القوات الأمريكية التي تعتقله في معسكر “كروبر” (Camp Cropper) بالقرب من مطار بغداد الدولي إلى الحكومة العراقية المؤقتة لغرض محاكمتهم في قضايا “جرائم حرب” و”انتهاك لحقوق الأنسان” و”إبادة جماعية”.

ووجهت “المحكمة الجنائية الدولية” تلك التهم في إطار العمليات العسكرية التي تعرضت لها بلدة الدجيل عام 1982 بعد تعرض موكب صدام في أثناء مروره بهذه البلدة إلى محاولة اغتيال فاشلة نظمت من قبل حزب “الدعوة الإسلامية” في العراق، والذي كان معارضًا لحكومة صدام حسين، وكان من شأن ثبوت التهم أن يحكم على صدام حسين بالإعدام شنقًا حتى الموت، وهو ما حدث في 30 من أيلول 2006.

البشير في المحكمة بعد تنحيه

في عام 2009 و2010 أصدرت “المحكمة الجنائية الدولية” أمرين باعتقال الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، بتهم ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” تشمل الإبادة والقتل والتهجير القسري، ومهاجمة المدنيين، وكانت المرة الأولى التي يتخذ فيها إجراء من هذا القبيل ضد رئيس لا يزال في منصبه.

وتتعلق التهم بالصراع الذي تفجر في إقليم دارفور غربي السودان، والذي تقول الأمم المتحدة إنه أسفر عن مقتل 300 ألفًا من الشعب السوداني، في حين كان رد الخرطوم أن عدد ضحاياه لم يتجاوز عشرة آلاف قتيل.

وبعد إسقاط الحراك المدني في السودان البشير، قضت محكمة سودانية في كانون الأول لعام 2019، في قضية الفساد التي يحاكم فيها البشير، بإيداعه في مؤسسة إصلاحية لمدة عامين، ومصادرة المبالغ التي تحفظت عليها السلطات.

وبحسب نصوص القوانين المعمول بها في السودان فإن أقصى عقوبة في التهمتين اللتين يحاكم فيهما البشير تبلغ 13 عامًا، لكن القاضي أصدر حكمه المخفف نظرًا لتجاوز البشير سن الـ70.

ولم يحاكم البشير بعد على قضية الجرائم في دارفور، لكن السلطات الانتقالية وافقت على تسليمه لمحكمة الجنايات، في شباط 2020.

سوريا.. محاولات يفشلها الحلفاء

وخلال سنوات النزاع في سوريا دعا ساسة غربيون ومعارضون سوريون ومنظمات حقوقية دولية إلى محاكمة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، باعتباره المسؤول الأول عن جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة داخل سوريا، لكن التعقيدات السياسية والقانونية المحيطة في الملف السوري تضعف إمكانية حصول ذلك.

وفي ظل استخدام روسيا حق النقض المتكرر في “مجلس الأمن الدولي” عام 2011 فشلت كل المحاولات لإحالة ملف سوريا إلى “المحكمة الجنائية الدولية” من أجل محاكمة المسؤولين عن “جرائم الحرب”.

لكن دعاوى رفعها ناشطون وحقوقيون سوريون في أوروبا تمكنت من البدء بمحاكمة مسؤولين سابقين في النظام السوري، أبرزهم أنور رسلان وإياد الغريب في ألمانيا.

المصدر : عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى