إشكاليات الأخبار المفبركة وتأثيرها في تشكيل الرأي العام
تبحث الدراسة الإشكاليات التي تطرحها الأخبار المفبركة أخلاقيًّا/مهنيًّا وانعكاساتها على الثقة المؤسسية في المؤسسات الإعلامية، وتأثيرها السياسي والاقتصادي والممارسات الاحتيالية المرتبطة بالغش في نشر الأخبار الكاذبة. كما تستقصي الدراسة آراء أساتذة الإعلام والصحفيين في الأردن بشأن تأثير الأخبار المفبركة
مقدمة
لا تزال اللحظة التي قدَّم فيها وزير الخارجية الأميركي الأسبق، كولن باول، في 5 فبراير/شباط 2003، خطابًا مُفَبْرَكًا أمام مجلس الأمن الدولي ضد العراق، مشهودةً عندما عرض ما اعتبرته الولايات المتحدة “أدلة” على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وإيوائه لعناصر من تنظيم القاعدة. بعد حوالي ثمانية أعوام، نقلت صحيفة “لونوفيل أوبسرفاتور”، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2010، عن كولن باول اعترافه لأول مرة بأن خطابه الذي اتَّهم فيه العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل أمام الأمم المتحدة كان مُفَبْرَكًا وسيظل نقطة سوداء في ملفه. وهو الخطاب الذي اعتمدته الإدارة الأميركية لمحاولة تشكيل رأي عام محلي ودولي يتسم بالإجماع أو الموافقة على الخطوة التي ستعقب شَيْطَنَة النظام العراقي. وقد كان العلماء، وفي مقدمتهم والتر ليبمان (Walter Lippmann)، وضعوا تصوراتهم المتميزة عن الرأي العام وآليات تشكيله باعتباره عملية اجتماعية وتواصلية، حيث تعتمد آراء الأفراد بطرق عديدة على السياق الاجتماعي المحيط بالمسائل العامة. وبناءً على ذلك، نتناول في هذه الدراسة التفاعل بين الهويات الاجتماعية للناس وتقارير وسائل الإعلام لاسيما الأخبار المفبركة حول القضايا العامة التي تؤكد تضارب الرأي بين المجموعات الاجتماعية المختلفة.
وتُستخدم النظرية والبحث الحاليان بشأن تحديد الهوية الاجتماعية والسلوك بين المجموعات للعمليات الإدراكية والسلوكية التي قد تنجم عن التقارير الإعلامية المفبركة عن نزاع المجموعة. لذا، فإن تقريرًا إخباريًّا يركز على نزاع المجموعة حول قضية (1) يلمح لمستلميها بالتفكير في القضية من خلال منظور المجموعة الخاصة بهم، وفي القضية (2) يؤدي إلى تصورات مستقطبة أو مبالغ فيها لآراء المجموعة، وأخيرًا القضية (3) يؤدي إلى تعبير عن رأي شخصي يتفق مع هذه التصورات المبالغ فيها لمعايير المجموعة. كما يتم دمج العوامل التي تسهم في هذا النوع من الاستجابة وتثبيته في الاستنتاجات. وقد تزايدت مخاوف الإعلاميين والسياسيين حول تأثير الأخبار المفبركة وتحديدًا التي يُرَوَّج لها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث علت الأصوات الداعية لمحاربة الأخبار المفبركة التي تُنشر عبر فيسبوك وغوغل خوفًا من تأثيرها على المسار الديمقراطي وتأثيرها بشكل سلبي على الرأي العام ليس في دول العالم الثالث فحسب بل في الدول الكبرى أيضًا.
وتُظهِر استطلاعات الرأي العام انخفاضًا قويًّا في ثقة الجمهور بالمنافذ الإخبارية التقليدية. ومع ذلك، تُقدِّم شبكات التواصل الاجتماعي طرقًا جديدة لتلقي المحتوى الإخباري؛ استُخدمت كواجهة لبرمجة تطبيقات فيسبوك للتلاعب فيما إذا كانت القصة الإخبارية نُشرت عبر هذه المنصة من قبل أحد (أصدقاء فيسبوك) الحقيقيين المستجيبين أم لا. وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي العام أن هناك تحسنًا بمستويات الثقة في وسائل الإعلام الاجتماعي، مما يجعل الناس يقبلون على متابعة المزيد من الأخبار عبر هذا المنفذ الإعلامي الخاص في المستقبل. علاوة على ذلك، يتم تضخيم هذه التأثيرات عندما يُنظر إلى صديق الحياة الواقعي الذي يشارك القصة على شبكات التواصل الاجتماعي باعتباره قائد الرأي مع ملاحظة الآثار المترتبة على ممارسات الديمقراطية والأنشطة الإخبارية الأخرى.
وأثبت استطلاع رأي، أجراه موقع (YouGov)، أن 54% من المستخدمين يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار، في حين أن 24% منهم فقط يستطيعون التفرقة بين الأخبار الصحيحة والمفبركة مما يزيد من خطورة تداول الأخبار المضلِّلة على شبكات التواصل الاجتماعي(1). وسلَّطت صحيفة “الإندبندنت” الضوء على الأخبار المفبركة وتأثيرها في الأزمات، وكيف أسهمت في صبِّ الزيت على بارود متفجر بمنطقة الشرق الأوسط. وضربت مثلًا لذلك بما يجري تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي من أحداث مصطنعة لا علاقة لها بالواقع المحسوس، وأيضًا ما خلَّفته الأزمة الخليجية من تراشق إعلامي ونشر لأخبار غير صحيحة، مشيرة إلى أن الأزمة بدأت عندما اختُرق موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، ونشر بيان مفبرك منسوب لأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني(2).
الإعلاميون والأخبار المفبركة
أصبح معروفًا للمتابعين أن استعداد الإنسان المعاصر لنشر وتصديق الأخبار المفبركة ظاهرة لها جذورها وتقاليدها الثقافية القديمة، لكن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في ترسيخها، وسلبت الناس الوقت الكافي للتَّحقُّق من الأخبار بسبب كثافة تدفقها وسرعة سريانها على شبكة الإنترنت. وقد رافقت صناعة ونقل الأخبار المزيفة والمفبركة مسيرة الإنسانية لعشرات الآلاف من السنين، فلم تولد المبالغة والتهويل في عصر مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت؛ إذ كانت لعبة الإنسان منذ تعلم الكلام وأتقن حَبْك القصص والروايات، لكن في الماضي كان الخبر المزور ينتقل ببطء شديد، ويؤثر في مجموعة صغيرة من الناس في مناطق جغرافية صغيرة ومحدودة، أما الآن فيمكن لأي خبر أو قصة أن تنتقل بسرعة فائقة وتنتشر في أرجاء المعمورة وتُحْدِث تأثيرات وتنتج عنها تداعيات لا يستطيع أحد التنبؤ بها، ولا حتى صانعها أو مؤلفها.
وأصبحنا اليوم، في عصر التواصل الاجتماعي، نعيش في بيئة إعلامية مختلفة، حيث تنتشر الأخبار بكثافة أكثر وبسرعة أكبر ومن مصادر متعددة جدًّا. ويبدو أن شهية الناس للأخبار المفبركة ازدادت بشكل كبير في السنتين الماضيتين، ويرى عالم النفس كيث آبلو (Keith Ablow) أن “نشر وتصديق الأخبار المفبركة ظاهرة لها جذورها الثقافية القديمة، ولكن منصات التواصل الاجتماعي جعلتنا هدفًا أسهل، وسلبتنا الوقت الكافي للتَّحقُّق من الأخبار بسبب كثافة وسرعة الشبكات الاجتماعية”؛ فقد كانت صناعة الأخبار والقصص الخيالية في الماضي تحدث بوتيرة أقل، وانتشارها كان يستغرق سنين طويلة ليصل إلى المدى الذي يؤثر في مجموعات كبيرة من البشر كي يغير أحداث التاريخ أو ينتج أخرى جديدة(3).
كما أن القصص بكل أنواعها تمر عبر ما يشبه عملية “انتقاء طبيعي” طويلة، تخضع من خلالها القصة لعملية تصفية وفحص بطيئة وقاسية، فإن كانت القصة تخدم مصلحة الإنسان وبقاءه في بيئة معينة ومجتمع معين وزمن معين عاشت وانتعشت وانتشرت وإلا ماتت أو تغيرت أو تحولت لتكون أكثر مناسبة للظروف والزمان والمكان. وحتى إن أصر مجتمع ما على تبني روايات وقصص وهمية لا تناسبه ولا تتناسب مع زمانه ومكانه غالبًا ما اختفى ذلك المجتمع وتلاشت معه أساطيره. وفي هذا السياق، يشير مايكل رادوتسكي (Michael Radutzky)، أحد منتجي برنامج (60 Minutes) عبر قناة “سي بي إس”، إلى أن برنامجه يعتبر أن الأخبار المفبركة “يمكن إقامة الدليل على خطئها، ولها قدرة اجتذاب (شعبية) هائلة في الثقافة، ويستهلكها ملايين الأشخاص”، ولم يُدرِج ضمن هذه الفئة الأخبار المفبركة التي “يُطلقها سياسيون ضد وسائل الإعلام على خلفية أخبار أو تعليقات لا تروقهم”. وقال غاي كامبانيل (Guy Campanile)، وهو أيضًا من منتجي برنامج (60 Minutes): ما نقصده هو أخبارٌ يتم تلفيقها من لا شيء. وفقًا لمعظم المعايير، وبحكم التعريف، إنها أكاذيب متعمَّدة“(4). ورأت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن “سهولة الوصول إلى عائدات الإعلانات عبر الإنترنت، وزيادة الاستقطاب السياسي، وشعبية وسائل الإعلام الاجتماعية، كلها عناصر متورطة في انتشار الأخبار الزائفة“(5).
1. الإجراءات المنهجية للدراسة
أ- مشكلة الدراسة:
تُظهِر الملاحظة الاستكشافية لحالات انتشار الأخبار المفبركة وترويجها المؤسسي الذي حوَّلها لصناعة اتصالية/دعائية تأثيرها المتزايد وتداعيات على شبكة العلاقات بين الأفراد وحتى المؤسسات والدول، وقد ظهر ذلك واضحًا في أحداث وقضايا مختلفة خلال العامين الماضيين، وكانت عاملًا بارزًا وأساسيًّا في صراعات وأزمات سياسية بدول كثيرة، بل وفي العلاقات الدولية أيضًا، مثل الأزمة الخليجية التي اندلعت، في 5 يونيو/حزيران 2017، بعد التصريحات المفبركة التي نُسبت لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقبل ذلك الأزمة التي لا تزال أيضًا فصولها تتفاعل بشأن الاتهامات الموجهة إلى روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. ويمكن صياغة الإشكالية التي تثيرها الأخبار المزيفة كالآتي: ما تأثير الأخبار المفبركة على الرأي العام؟ وما أبعاده ومجالاته ومخاطره؟
ب- أهمية الدراسة:
تستمد الدراسة أهميتها من خطورة الانتشار المتسارع للأخبار المفبركة في وسائل الإعلام المختلفة، لاسيما منصات الإعلام الاجتماعي وشبكاته، حيث بدأت الظاهرة تتخذ أبعادًا أخلاقية/مهنية تمس بمصداقية الممارسة الإعلامية والعمل المؤسسي وأيضًا أبعادًا سياسية وأمنية واقتصادية، وهو ما جعل بعض الدول تسارع إلى سن تشريعات قانونية لاحتواء تداعيات ظاهرة الأخبار المزيفة. كما أن الجدة التي يتسم بها الموضوع في الأدبيات البحثية العربية تضفي أهمية على أي جهد بحثي يُبذل في دراسته.
ج- أهداف الدراسة:
في سياق استقصاء الإشكاليات التي تطرحها الأخبار المفبركة وتأثيرها في الرأي العام، تهدف الدراسة إلى:
– تحديد مفهوم الأخبار المفبركة وأهدافه ومخاطره.
– الكشف عن دوافع الاعتماد على الأخبار المفبركة ومجالاته.
– تسليط الضوء على أساليب التعامل مع الأخبار المفبركة.
– التعرف على حجم تأثير الأخبار المفبركة على الرأي العام.
د- الدراسات السابقة:
اطَّلع الباحث على عدد من الدراسات في الأدبيات البحثية العربية التي تناولت بشكل أساسي “تأثير الأخبار المفبركة في الرأي العام”، وكان من أبرزها:
- دراسة بعنوان: “نموذج التواصل السياسي لكامبريدج أناليتكا: فبركة الأخبار وهندسة الجمهور“(6)، وقد حددت أطر واستراتيجيات التواصل السياسي لشركة الاستشارات السياسية “كامبريدج أناليتكا”، واعتبرتها حالة دراسية للتواصل الاستراتيجي الذي يسعى فيه القائم بالفبركة لهندسة الجمهور والتأثير فيه باستخدام تقنيات معقدة لصناعة أخبار كاذبة ومحتويات دعائية مختارة بدقة تتجاوب مع حاجيات المستخدم المستهدف. ولاحظت الدراسة أن كامبريدج أناليتكا استفادت إلى حد كبير من النظريات التقليدية المعروفة في مجالات التأثير في الجماهير، وهندسة الرأي العام، مستفيدة من التطور التكنولوجي، والكم الهائل من المعلومات المُتاحة على مواقع التواصل الاجتماعي، للسيطرة على الجماهير، وهندسة الرأي العام، والتلاعب بالأفراد والمجتمعات، تبعًا لأجندات سياسية مدفوعة الثمن، دون مراعاة لأي حدود أو ضوابط أخلاقية. وفي المقابل، أشارت إلى أن الجماهير، التي وقعت في فخ “مسرحية الغزو الفضائي” قبل ما يقرب من مئة عام، لم تتعلم بعد، كيف تنجو من تأثير وكالات الاتصال السياسي والدعاية والعلاقات العامة التي تدفع الأجندات السياسية لزبائنها، وتجتاح الفضاء الرقمي بموجات متتالية من البيانات والأخبار، التي لم يعد سهلًا التمييز بين الغث والسمين فيها، وطغى الزيف فيها على الحقيقة.
- دراسة بعنوان: “صناعة الأخبار الكاذبة ولولب الحصار المعلوماتي للرأي العام“(7)، قدَّمت إطارًا معرفيًّا تفسيريًّا لصناعة الأخبار الكاذبة ودورها في تشكيل الرأي العام من خلال نموذج “لولب الحصار المعلوماتي” الذي يُحدِّد سيرورةَ عملية هذه الصناعة ومراحلَ حصار الوسيلة/الرسالة، وأبرزت الكيفيةَ التي تؤثر بها الأخبار الكاذبة في الرأي العام وتطبيقاتها في علاقات الأفراد والمؤسسات والدول. وتوصلت الدراسة إلى أن الأخبار الكاذبة إذا كانت صناعة اتصالية، فلابد أن تكون لها أهداف معينة تعبِّر عنها الأطر التي تصوغ رؤية السرديات البديلة للخطاب المنافس، وتشكِّل أيضًا أولويات أجندته الاتصالية/السياسية؛ حيث يكون القائم بالفبركة مسكونًا بخلق حالة الخوف والإرعاب تجاه الخصم السياسي وسط الرأي العام لشيطنته والإضرار بمكانته ومركزه الاجتماعي والسياسي والثقافي ودمغه بجميع الأوصاف التي تسهم في عزله وتحطيمه، وهو ما يُحوِّل الأخبار الكاذبة لسلاح أو أداة تدميرية للآخر باستخدام جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وهنا، تظهر خطورة هذه الصناعة الاتصالية/السياسية التي يتجاوز تأثيرها وتداعياتها بعض النماذج الاتصالية التقليدية، مثل التضليل الإعلامي الذي كانت مصادره معلومة ووسائل نشره محدودة، بينما تتشابك اليوم في إنتاج الأخبار الكاذبة شبكة واسعة من المفبركين التي تروِّج لمنتجها عبر وسائل مختلفة وتتسبب أيضًا في أزمات وصراعات سياسية لا متناهية، وفي انتهاك سيادة الدول واستقلال قرارها السياسي الوطني، وزعزعة الأمن والسلم الدوليين.
بالرجوع إلى جميع الدراسات التي اطلع عليها الباحث -باستثناء الدراستين المشار إليهما أعلاه- فإنها لم تتناول موضوع تأثير الأخبار المفبركة على الرأي العام، كما لم يُدْرَس الموضوع في أي من الدراسات العربية بشكل أكاديمي، ولذا تفتقد المكتبة العربية لمثل هذا النوع من الدراسات في حين نجد أن هناك اهتمامًا نوعيًّا بهذا الموضوع في الأدبيات الأجنبية وهذا ما دفعنا إلى الاعتماد كثيرًا على ما توصلت إليه الدراسات الأجنبية، حيث يبدو واضحًا أن معاناتهم من انتشار الأخبار المفبركة أكثر إيلامًا مما نستشعره في واقعنا العربي؛ مثلما حدث في الولايات المتحدة خلال انتخابات الرئاسة في 2016؛ إذ أثارت الأخبار الكاذبة قدرًا كبيرًا من السجال، ووصف بعض المعلِّقين مشاعر القلق إزاء هذه الأخبار بالهلع الأخلاقي أو الهستيريا الجماعية، وأبدى آخرون خشيتهم من الأضرار اللاحقة بالثقة العامة. وفي يناير/كانون الثاني 2017، أجرى مجلس العموم في المملكة المتحدة تقصيًا برلمانيًّا حول “الظاهرة المتنامية للأخبار الكاذبة”. في حين دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى إقرار قانون ضد الأخبار الكاذبة؛ ما فتح سجالًا حول الحريات في المجتمع الفرنسي، وعن الجهة التي يحق لها تصنيف الحقيقة.
ه- منهج الدراسة:
اقتضت ضرورات الدراسة استخدام المنهج الوصفي لدراسة ظاهرة الأخبار المفبركة في سياقات مختلفة، ووصف أبعادها وصفًا دقيقًا وشاملًا، وتفسير جميع الظروف المحيطة بها للوصول إلى دلائل وبراهين تضع أطرًا محددة للمشكلة. وتندرج هذه الدراسة في إطار دراسات الرأي العام الوصفية التي تشمل كل ميادين الحياة؛ حيث يمكن إجراء دراسات للتعرف على رأي الجمهور في أية قضية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. أما الأدوات والوسائل التي استعان بها الباحث فهي الاستبيان، إضافة إلى الأساليب الإسقاطية عن طريق إكمال جمل ناقصة أو تداعي الكلمات أو باستخدام اختيارات إسقاطية، وتحليل الشائعات حيث يعبِّر عن الرأي العام في موضوعات معينة.
و- مفاهيم الدراسة:
– التأثير: ونعني به إجرائيًّا، تأثيرًا أو إحساسًا يُحْدِثُه عامِلٌ بشِدَّة الوَقْع المُؤثِّر، وهو قياس لتأثير حادثة أو مشكلة أو تغيير على مواقف الأفراد. وينبني التأثير عادةً على كيف ستتأثر مستويات الخدمة.
– الأخبار المفبركة: ونقصد بها إجرائيًّا، ووفقًا لما حدَّده غاي كامبانيل، قصصًا مصنَّعة من العدم، وبمعظم التدابير، عمدًا، وفي تعريفها، هي عبارة عن أكاذيب.
– الرأي العام: هو تكوين فكرة أو حكم على موضوع أو شخص ما، أو مجموعة من المعتقدات القابلة للنقاش وبذلك تكون صحيحة أو خاطئة، وتخص أعضاء في جماعة أو أمة تشترك في الرأي رغم تباينهم الطبقي أو الثقافي أو الاجتماعي، فيعترض ذلك مع الرأي الخاص الذي يشير إلى أمور ومسائل شخصية تتعلق بفرد واحد(8).
ز- الإطار النظري للدراسة:
تستند هذه الدراسة في إطارها النظري على تحديد الأولويات أو نظرية الأجندة (Agenda Setting Theory) وتطبيقات السبين (SPIN) الإعلامي.
ترجع أصول نظرية الأجندة الأساسية إلى الباحث والتر ليبمان في كتابه (الرأي العام) الذي ظهر في العشرينات من القرن الماضي، وتشير أطروحة هذه النظرية إلى أن هناك علاقة طردية موجبة بين درجة تركيز وسائل الإعلام على قضية من القضايا، ودرجة اهتمام الجماهير بتلك القضية، أي كلما زاد تركيز وسائل الإعلام على تلك القضية، زاد اهتمام المتلقين بها والعكس صحيح. وتنطلق هذه النظرية من فرضية أن وسائل الإعلام لها تأثير كبير في تركيز انتباه الجمهور نحو الاهتمام بموضوعات وأحداث وقضايا معينة، وطرح رؤى تراعي المساواة في النوع، يمكن أن يؤدي إلى اهتمام الجمهور بهذه القضايا. ووفقًا لهذه النظرية، يرتب الإعلام أولويات الجمهور من حيث أولويات القضايا (المستوى الأول)، ومن حيث وجهة النظر وجزئيات القضايا، وهي بمجموعها تؤكد بشكل يصعب التشكيك فيه، أن الإعلام يحدد الأولويات ويرسم الصور الذهنية ويؤطِّر وجهات النظر، والناس عبر الزمن(9).
إن الفرض الرئيسي في معظم الدارسات الخاصة بنظرية الأجندة هو “الاتفاق بين ترتيب أجندة وسائل الإعلام، وترتيب أجندة الجمهور للاهتمام بالقضايا والموضوعات الإعلامية”، أي وجود ارتباط إيجابي بين ترتيب الاهتمام لكل من الوسيلة والجمهور، مما يشير إلى دور وسائل الإعلام في ترتيب أولويات اهتمام الجمهور بالقضايا والموضوعات المطروحة بنفس الترتيب الذي تعطيه الوسائل لهذه القضايا والموضوعات. وتركز وسائل الإعلام على الأحداث العامة والقضايا لتحقيق التوحد الجمعي وتشكيل الخطاب الاجتماعي، وانتهى كثير من البحوث إلى أن الصحافة تنجح أكثر من التليفزيون في التأثير على أجندة الجمهور؛ ذلك أن التليفزيون يهتم أكثر بالقضايا العامة وليست الفرعية الأكثر تخصصًا التي يمكن أن تهتم بها الصحف، حيث تهتم الصحف بالعمق والاهتمام بالتفاصيل(10).
وقد تطورت البحوث حول نظرية وضع الأجندة للبحث في العلاقة بين متغيرين، هما:
- أسلوب المعالجة الإعلامية للأحداث من حيث اختيار المصادر ونقاط التركيز والجانب المرئي في الرسالة والعناصر الطبوغرافية في الوسائل الصحفية وغيرها من أساليب المعالجة الإعلامية.
- توجيه انتباه الجمهور نحو جانب محدد من القضية على حساب جانب آخر.
وقد ارتبطت هذه النظرية بدراسة التغطية الإعلامية للصراعات الدولية، كما تطورت النظرية بشكل كبير لتوجيه البحوث المعنية بأثر المعالجات الإعلامية لقضايا الأقليات على الرأي العام وغيرها من القضايا الاجتماعية. وتوصف نظرية الأجندة بتعدد المناهج البحثية مع وجود رابط مشترك يتمثَّل في كون التغطية الإخبارية منتجًا يتم تصنيعه وإقراره من خلال التأثيرات المتعددة. ويمثِّل تحليل المضمون بشقيه الكمي والكيفي منتجًا نهائيًّا لوضع الأجندة(11).
أما السبين الإعلامي: فقد كثر في الآونة الأخيرة استخدام مصطلح “السبين” (Spin) في العالم السياسي والإعلامي. وأصل التسمية ومصدرها من الحركة الدورانية للكرة التي يلقيها أحد اللاعبين باتجاه اللاعب مع المضرب في لعبة البيسبول. وتمثل سرعة السبين مقياسًا لقدرة رامي الكرات. والسبين: هو خطه مدروسة، مقصودة وقصيرة المدى، يقوم بإعدادها أشخاص أو جهات جماهيرية بهدف تركيز الانتباه أثناء التغطية الإعلامية على شيء آخر، أو لصرف النظر أو القيام بالتضليل حول حقائق القصة أو تفسيراتها. ويوجد “السبين” على حد دقيق بين الحقيقة والكذب، ويتميز بكونه كذبًا أبيض يهدف عادة إلى صرف أنظار وسائل الاعلام وخلق “ضوء” يبهر “أعين” وسائل الإعلام ويصرف انتباهها عن موضوع أو تضليل في تغطية قصة إعلامية(12).
وتُعَدُّ تطبيقات سبين عبارة عن مبادرة من قِبَل السياسي لإشغال الإعلام بموضوع معين والتغاضي عن مواضيع أخرى مهمة، حيث يسعى السياسي من خلال ظاهرة “السبين” إلى إشغال الأجندة الإعلامية والجماهيرية بالاتجاهات المريحة له، وكل ذلك بهدف “تغطية” أو “تصليح” نتائج لأحداث غير مُرضية قد حدثت. ويتم ذلك عن طريق تأليف قصص تتوافق مع أهداف السياسي الذي يحاول من خلال “السبين” صرف الانتباه والاهتمام عن أمور مهمة، وبالمقابل مدح وتمجيد السياسي بالطريقة المرغوب فيها، وبذلك يكسب السياسي دعم وتأييد الجمهور له.
هناك أشكال مختلفة من التأثير المتبادل بين الجدول اليومي الخاص بوسائل الاعلام، والجدول الخاص بالجمهور والجدول الخاص بالسياسة(13)؛ إذ يؤثر جدول الإعلام اليومي تأثيرًا مباشرًا على جدول الجمهور اليومي على الأقل نتيجة قدرة وأهلية وسائل الإعلام على جذب انتباه الجمهور. كما أن السياسيين ينصتون إلى رأي الجمهور، ومن المفروض أن يتصرفوا كرُسُلِه. فمن شأن جدول الجمهور اليومي أن يُشكِّل/يُحَدِّد جدول السياسة اليومي؛ فمثلًا: مشكلة البطالة، أو مشكلة الإسكان التي تقلق الشباب والقادمين الجدد، يمكنها أن تصل إلى جدول السياسيين اليومي. من جانب آخر، يؤثر جدول الإعلام اليومي تأثيرًا مباشرًا على جدول السياسة اليومي أيضًا، حيث يمكن اعتباره أحيانًا كمُعِّبر عن الرأي العام، وعن جدول الجمهور اليومي. ثم هنالك مواضيع وظروف يكون فيها لجدول السياسة اليومي تأثير مباشر وقوي على الجدول اليومي للإعلام(14). كما أن مجموعة عوامل أو أحداث عالمية، مثل كوارث أو أزمات أو انقلابات، يمكنها بشكل مباشر أو غير مباشر أن تحدد جدول عمل الجمهور. وفي حالات ليست قليلة، تفرض الأحداث نفسها على وسائل الإعلام التي تضطر أن تهتم بها نظرًا لضخامتها.
أما فيما يخص السبين الإعلامي فإن هناك علاقة تبادلية بين ما تنشره وسائل الإعلام ومدى اهتمام الجمهور بها لنجد أن القضايا التي تركز عليها وسائل الإعلام وتقوم بتكرارها تصبح مع الوقت مهمة لدى الجمهور. ففي بعض الأحيان قد تركز وسائل الاعلام على قضية تحظى باهتمام الجمهور فتكون هناك علاقة تبادلية بين ما تنشره وسائل الإعلام وما يهتم به الجمهور. أما عن علاقة هذه النظرية بالدراسة فهي علاقة تبادلية بين وسائل الاعلام التي تسلط الضوء على هذا الموضوع وجمهور المتلقين اللذين يأخذون المعلومات من هذه الوسائل الإعلامية وقد وجدنا توافقًا واضحًا بين مرتكزات نظرية الأجندة وتطبيقات السبين الإعلامي في دراستنا.
2. إشكاليات الأخبار المفبركة أخلاقيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا
أ- الثقة المؤسسية في المؤسسات الإعلامية:
أصبح الجمهور أقل انتباهًا للأخبار السائدة وزاد من السلبية والقابلية تفاقم مشكلة مصداقية وسائل الإعلام على المستوى الكلي، وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع ثابت في ثقة الجمهور في مؤسسة الأخبار. وازداد شعور الناس من جميع الانتماءات السياسية بعدم الرضا عن الأخبار، حيث يُلاحَظ انخفاض مستويات الثقة في وسائل الإعلام(15).
ومع ذلك، وفي ظل التطور التكنولوجي وما وفرته من وسائل الإعلام، فإن مشكلة مصداقية الأخبار لا تؤثر بشكل موحد على المواقف في جميع وسائل الإعلام؛ على سبيل المثال، فالجمهور أكثر ثقة في منافذه المفضلة للأخبار وأكثر ثقة بالمنافذ الإخبارية المحلية(16). بعبارة أخرى، تعتمد الثقة في وسائل الإعلام إلى حد ما على خصائص منفذ الأخبار؛ فقد وجد استطلاع رأي أُجري عام 2014 عن السياسة العامة أن “فوكس نيوز” مثلًا تعتبر أكبر مصدر للأخبار وأقلها ثقة. هذا يشير إلى أن مصداقية منفذ الأخبار تختلف حسب التوجهات الحزبية. وفي مرحلة اختيار وسائل الإعلام، يختار الجمهور منافذ تتوافق مع الميول الأيديولوجية للفرد، وهذه العملية من التعرض الانتقائي تجعل الناس لا يثقون بالمنافذ غير المضيافة وربما يثقون في منافذهم الإخبارية المفضلة. وبخلاف التفضيلات الحزبية، يمكن للمتغيرات الديمغرافية والمعرفة السياسية أن تلعبا دورًا في تحديد المنافذ الإخبارية التي يرى المرء أنها ذات مصداقية أعلى. لقد وضع الباحثون مفهومًا موثوقًا حول وسائل الإعلام بطرق متنوعة، بما في ذلك الثقة في المحتوى الإخباري، والثقة بأولئك الذين يقدمون الأخبار، والثقة في ملكية وسائل الإعلام(17). ولما كان القرب والتهيؤ السياسي يلعبان دورًا في التأثير على التقييم العام لمصداقية الأخبار، فمن المهم وضع تصور لمصداقية وسائل الإعلام على مستوى المنفذ وليس على المستوى المؤسسي. واستكشف ماير درجة الثقة بوسائل الإعلام من خلال قياس الإدراك العام للدقة والإنصاف والتحيز وسياق القصة والجدارة بالثقة. بعبارة أخرى، ركزت الدراسة على مصداقية المؤسسة الإخبارية. وتشير الأبحاث الحديثة في سياق عملية وضع مفهوم للثقة بوسائل الإعلام إلى أهمية النظر في كيفية تحديد ماهيات الثقة بوسائل الإعلام وسلوكيات البحث عن المعلومات.
ب- الأخبار المفبركة تقض مضاجع المسؤولين في الدول الكبرى:
لم يخترع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالتأكيد عبارة “الأخبار المفبركة”، لكنه أكسبها شهرة وزادها انتشارًا. فمن بين 2608 تغريدات أنتجها خلال عامه الأول في البيت الأبيض، كان تعبير “الأخبار المفبركة” هو الأكثر تكرارًا؛ إذ وردت هذه العبارة في 196 تغريدة في إطار تهجمه على وسائل الإعلام ورده على أخبارها التي لا يتفق معها أو يصنفها باعتبارها معادية له. وحتى قبل دخوله البيت الأبيض وعلى مدى فترة حملته الانتخابية، تكررت هذه العبارة كثيرًا في خطاباته ولقاءاته الجماهيرية، وأصبحت من بين التعبيرات واسعة التداول. وفي نهاية 2017، أصبحت “الأخبار المفبركة” كلمة العام وفقًا لاختيارات قاموس “كولينز” للكلمات الأكثر تأثيرًا وحضورًا.
لم يكن الاختيار بسبب ترامب وحده، وإنما برزت مشكلة الأخبار والصور المفبركة والفيديوهات المركبة مع الانتشار الواسع لوسائط التواصل الاجتماعي وطغيانها على الحياة المعاصرة وتأثيراتها على حياتنا، وأصبحت قضية تشغل المجتمعات والحكومات لآثارها السالبة والخطيرة في كثير من الأحيان. فخلال تواصلنا اليومي يمر علينا خبر أو فيديو يتبين لاحقًا أنه مفبرك، أو صورة يتضح لاحقًا أنها معدلة أو موضوعة في خارج سياقها بهدف التضليل والتشويش. إن الأخبار المفبركة لم تعد مصدر إزعاج للناس فحسب، بل أصبحت خطرًا يقض مضاجع الحكومات والدول خصوصًا بعدما ثبت أنها أصبحت سلاحًا تستخدمه بعض أجهزة الاستخبارات للتضليل والتأثير على الرأي العام أو لتصدير القلاقل وزعزعة الأمن. وأوضح مثال على ذلك هو التدخل الذي حدث في الانتخابات الأميركية والذي أجمعت أجهزة الاستخبارات الأميركية على أن روسيا كانت تقف وراءه للتأثير على العملية الانتخابية، وزعزعة الاستقرار، والإضرار بالديمقراطية الأميركية. فقد أثبتت التحقيقات حدوث عمليات منسقة لبث صور وأخبار وموضوعات مفبركة للتأثير على الناخبين، أو لإثارة الكراهية والمشكلات العنصرية، أو إحداث بلبلة إزاء بعض القضايا.
أميركا لم تكن وحدها التي تحدثت عن تدخل روسي بهذه الأساليب، فقد صدرت تصريحات وتحذيرات من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن حملات منسقة قيل: إن مصدرها روسيا، وهدفها التأثير على الرأي العام وإثارة القلاقل من خلال بث الأخبار والمعلومات المدسوسة والمفبركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولمواجهة هذا الخطر المتنامي، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستنشئ وحدة خاصة في مجال الأمن الوطني لمواجهة “الأخبار المفبركة” التي تقف وراءها أجهزة دول أخرى أو جهات تعمل على إثارة القلاقل وزعزعة الأمن(18). لكن الحكومات الغربية ترى أن هناك أمورًا كثيرة على الشركات التي تملك منصات التواصل الاجتماعي وتجني من ورائها أرباحًا طائلة القيام بها. لذلك صعَّدت الضغوط على شركات فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، لتطوير وسائل للتصدي لهذه الظاهرة ومواجهة الترويج للأخبار والمعلومات المفبركة. وعلى الرغم من أن الشركات المعنية بدأت تتخذ إجراءات لإغلاق بعض الحسابات والتصدي للأخبار المفبركة، فإن القضية تبقى بالغة التعقيد نظرًا للكم الهائل من القصص والصور والفيديوهات التي يجري تداولها عبر هذه المنصات، وصعوبة فرز المزور منها بالسرعة المطلوبة وقبل أن يقع الضرر. خذ على سبيل المثال، قصة السيدة المسلمة المحجبة التي نشرت لها صورة أثارت جدلًا واسعًا عقب حادث الدهس في لندن، في مارس/آذار 2017؛ إذ بدا أنها كانت تسير قرب المصابين وهي تشيح بوجهها وتتحدث على هاتفها الجوال وكأنها غير مكترثة بالمصيبة حولها. وكان واضحًا أن الهدف من الصورة التي جرى تداولها على نطاق واسع هو إثارة مشاعر سلبية ضد المسلمين خصوصًا مع تداول تعليقات مسيئة، بعضها تحت عناوين مثل “احظروا الإسلام“.
وعلى الرغم من أن السيدة المعنية سارعت إلى إصدار بيان توضح فيه أنها كانت تعاني من صدمة شديدة ورعب مثل الكثيرين الذين كانوا في موقع الحادث وهرعوا لمغادرة المكان، وهو ما أيدها فيه الكثيرون، ومن بينهم المصورة التي التقطت الصورة، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل بسبب ما نالها ونال المسلمين من تعليقات سلبية. الأدهى من ذلك أن موقع تويتر اكتشف لاحقًا أن المستخدم الذي بث الصورة لأول مرة عبر منصته كان واجهة لجهة في روسيا أرادت إحداث قلاقل، فقامت بحظر الحساب.
ج- الأخبار المفبركة قضية مثيرة للجدل والنقاش:
تتزايد مخاوف الإعلاميين والسياسيين من تأثير الأخبار الزائفة التي يُرَوَّج لها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علت الأصوات الداعية لمحاربة الأخبار الكاذبة التي تُنشر على فيسبوك وغوغل خوفًا من تأثيرها على المسار الديمقراطي ونتائج انتخابات الدول الكبرى(19).
فقد ازداد النقاش والجدل بين المعنيين، وسيستمر بلا شك، حول قضية الأخبار المفبركة في وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لتأثيراتها المتشعبة اجتماعيًّا وأمنيًّا وسياسيًّا وحتى اقتصاديًّا، وأيضًا لصعوبة التصدي لها. فإذا كان الاتفاق على تعريف الأخبار المفبركة يبدو سهلًا، فإن اكتشافها هو الأصعب، والتصدي لها هو المعضلة، بالنظر إلى الكم الهائل من الأخبار والمعلومات والصور وأشرطة الفيديو التي يجري تداولها يوميًّا في منصات التواصل الاجتماعي. كما أن الناس يسارعون بنشر هذه الأخبار والقصص والصور من دون تقصي مصادرها أو التَّحقُّق من صحتها في أغلب الأحيان، مما يزيد القضية تعقيدًا بالنسبة للجهات التي تبحث عن حلول لمسألة يُتوقع أن تثير مزيدًا من الجدل والمشكلات والقلاقل. وأعلن مسؤولون ألمان بارزون، بداية العام 2018، عن نيتهم إقرار تشريع لمواجهة “خطاب الكراهية” على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها فيسبوك، وفرض عقوبات صارمة في حال لم تتم إزالة هذه المنشورات والرسائل بسرعة. وكانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قد وجهت، بداية العام 2017، أصابع الاتهام إلى روسيا، واتهمتها بمحاولة التأثير في الانتخابات التشريعية الألمانية التي نُظِّمت عام 2017. واتخذت مسألة الأخبار الكاذبة أهمية كبيرة بعد تحذيرات أجهزة المخابرات الألمانية والأميركية من الجهود الروسية للتأثير على الانتخابات والرأي العام في البلدين، خاصة بعد اتهامها من قبل الولايات المتحدة بشن هجوم إلكتروني أثَّر على نتيجة الانتخابات الأميركية.
أما على الصعيد الفني العالمي، فقد انتشر قبل فترة خبر عن وفاة نجم هوليوود، الممثل والمخرج والمنتج السينمائي، سلفستر ستالون. وقد غزا الخبر فضاء الإنترنت، مما جعل كثيرين يصدِّقونه. ونشرت مئات الحسابات على تويتر مرثيَّات في ستالون، وسلسلةً من إنجازاته وأعماله. لكن الخبر كان كاذبًا، هو الآخر. بعد ساعات من انتشاره، اكتشف المغردون، والصحافة، أن مصدره موقع ينشر أخبارًا كاذبة عن وفاة الفنانين والمشاهير، بعد انتشار صورة له من فيلمه الجديد “كريد”، يبدو فيها ضعيفًا صحيًّا. ويؤكد خبر وفاة ستالون استفحال أزمة الأخبار الكاذبة والمتصيِّدين على مواقع التواصل، وعجز شركات التواصل الاجتماعي عن إيجاد حلٍّ لها، أو، على الأقل، الحد من قدرتها على الانتشار والترويج للتضليل والعنصرية والانقسام السياسي.
د- فيسبوك المتهم الأكبر بالترويج للأخبار المفبركة:
نشرت شركة التحليلات الشهيرة “جمب شوت”، في ديسمبر/كانون الأول 2017، تقريرًا حول المواقع التي تنشر الأخبار الوهمية والمضلِّلة، والتي تعتمد بشكل كامل على موقع التواصل فيسبوك، للحصول على أعلى معدل زيارات لها. وجاء في التقرير أن المواقع الوهمية تحصل على أكثر من 70% من حركة المرور الخاصة بها من خلال زيارات المستخدمين القادمة من فيسبوك، وعلى النقيض من ذلك، تحصل المواقع الإخبارية المهمة على أقل من 30% من عدد الزيارات الخاصة بها، مثل “نيويورك تايمز”. وزعم موقع فيسبوك أنه طرح عددًا من الأدوات الجديدة لمنع انتشار قصص إخبارية زائفة على شبكة التواصل الاجتماعي. وستسهِّل الشركة على المستخدمين الإبلاغ عن المقالات الزائفة على صفحاتهم الرئيسية، وستعمل مع مؤسسات مثل “سنوبس”، المتخصصة في مراجعة الحقائق، و”إيه. بي.سي نيوز” و”أسوشيتد برس”، في مسعى للتأكد من مصداقية القصص. ويتعرض فيسبوك لانتقادات شديدة لفشله في وقف فيض المقالات الإخبارية الكاذبة خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، واستخدامه في نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة(20).
ه- أخبار “الإثارة” والمدرسة الجديدة المسماة “عاجل خطير“:
يسلط باحثون وصحافيون الضوء على إشكالية الأخبار الكاذبة، سواء في أوروبا أو على الصعيد العالمي، مؤكدين أن هذه الأخبار يكون وراءها أشخاص يحاولون تحقيق مصالحهم الخاصة، ومبرزين أن هناك دولًا تعمل على اختراع أخبار كاذبة، ناهيك عن ربطها بنموذج اقتصادي جديد للصحافة يقوم على أكبر عدد من النقرات، ما يجعل عددًا من المواقع الإلكترونية تنشر بعضًا من هذه الأخبار. وقد تؤدي هذه الظاهرة الخطيرة إلى إمكانية فقدان مهنة الصحافة أمام انتشار ما يسمى بـ”أخبار البوز” أو الإثارة (الغرائب والشائعات)؛ وهو ما “بات يشكِّل خطرًا كبيرًا على المهنة وأيضًا على المجتمع”. إن الأخبار الكاذبة لا تختلف كثيرًا عن البروباغاندا والإشاعات، وإن من بين أسباب انتشارها ما بات يسمى بالنموذج الاقتصادي الجديد لوسائل الإعلام الذي أصبح يمثل إشكالية في وقت كنا نعلم أن هناك جرائد يتم إنتاجها لتباع للناس وأن هناك معلنين يقدمون عروضهم ويختارون الجرائد التي لها أكبر عدد من المبيعات، لكن اليوم المعلن يبحث عن وسائل الإعلام التي تحقق أعلى المتابعات. وتبرز الإشكالية هنا في نوعية الأخبار التي يتم نشرها لجلب هذه المتابعات؛ فالتحقيقات تتطلب ميزانيات مرتفعة، وبالتالي فإن عددًا من هذه المواقع يعمل على اختراع الأخبار وتكذيبها في آن واحد من أجل تحقيق عدد أكبر من المتابعات.
وهناك إشكالية أخرى تتمثل في حجم المواد والتقارير الإخبارية التي يتم نشرها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما في الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية؛ إذ لا يتم إنتاج أخبار تحليلية أو تحقيقات كبرى فيها، بل تعتمد على نشر أخبار مقتضبة وقصيرة جدًّا دون أي محتوى، وعرف ذلك باختراع مدرسة جديدة تسمى “عاجل خطير”. إن سرعة انتشار الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تلفت الانتباه إلى مدى تأثيرها على نسبة المقروئية؛ فالناس تتباين قراءاتهم بين بلد وآخر. ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك أخبار تخلق ضجة كبرى لكن لا أحد يعلم ما تنتجه التحقيقات بعدها وسرعان ما تنسى. وعلى الرغم من التغييرات التي يعرفها المشهد الإعلامي إلا أن الوسائل الإعلامية التقليدية لا تفقد جمهورها؛ إذ إن الجمهور يريد أخبارًا موثوقة وحقيقية، وهذا ما يجعله متشبثًا بالصحافة القديمة.
و- استغلال الأخبار المفبركة تجاريًّا في البيع المكشوف:
من شأن الاستراتيجيات المربحة المحتملة أن تستند على الجمع بين البيع المكشوف ونشر الأخبار الكاذبة: أحدهما البيع المكشوف أولًا، ثم نشر الأخبار السلبية الكاذبة التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار، وأخيرًا تغطية السعر المنخفض. والآخر هو نشر أخبار إيجابية كاذبة تزيد من سعر السهم، والبيع المكشوف الملحوق بسعر متضخم، ويغطي في النهاية بعد أن يدرك السوق زيف الأخبار وتلاشي تضخم الأسعار. ولهذه الممارسة الاحتيالية الأكثر عمومية في نشر الأخبار الكاذبة والتجارة بهدف الاستفادة الناتجة عن تمويه السعر، في أي شكل تم تنفيذه، عدة آثار اجتماعية ضارة. اثنان من هذه الآثار يشبه الآثار الضارة بالتلاعب المحض الناجح. وكما التلاعب المحض، سيقوم نشر الأخبار الكاذبة الذي يحفزه إمكانية الربح من تمويه السعر بتحريك أسعار الأسهم مؤقتًا بعيدًا عن قيمها الأساسية، وبالتالي يقلل المستوى الشامل لدقة سعر السهم والذي تسفر عنه الأسعار الدقيقة من أجل التشغيل الفعال للاقتصاد الحقيقي. أيضًا، وكما التلاعب المحض الناجح، تقوم الممارسة الاحتيالية المتمثلة في نشر الأخبار الكاذبة والتجارة بهدف الاستفادة الناتجة عن تمويه السعر بتحويل الثروة بعيدًا عن الغالبية العظمى من المستثمرين لفئة المتداولين القادرين على تنفيذ الاحتيال. وهذا بدوره يقلل من العائد المتوقع للمجموعة الأولى من الاستثمار، كما ويقلل من حوافزهم للاستثمار في السوق على الإطلاق.
ويمكن لهذه الممارسة الاحتيالية الأكثر شيوعًا للتداول على أساس التمويه الناشئ عن الأخبار الكاذبة أن تؤدي إلى أضرار اجتماعية إضافية كذلك. أولًا: لأن المتداول الذي يوزع الأخبار الكاذبة يعرف أن الأخبار خاطئة وأن الطرف الآخر في المعاملة لا يقوم بذلك، كما يؤدي الاحتيال إلى عدم تباين المعلومات بين التاجر والأطراف الأخرى في تجارته. إن احتمال الدخول على نحو غير علني في تجارة مع التاجر الذي يقوم بمثل هذا الاحتيال سيقود الآخذين بسعر السوق شراء وبيعًا إلى زيادة فروق العرض والطلب الخاصة بهم. وتؤدي فروق سعر العرض والطلب إلى تقليل السيولة، مما يؤدي إلى تخلي الأطراف عن التداول بالسوق الثانوية بشكل غير فعال، والذي كانوا سيجدونه جديرًا بالاهتمام من ناحية أخرى. من جهتها، تؤدي الزيادة في العرض والطلب أيضًا إلى المشاركة في التداول استنادًا إلى جمع المعلومات الأساسية الأكثر تكلفة وتحليلها، وذلك من خلال تقليل ربحية مثل هذا التداول، والتقليل من مستوى جمع المعلومات وتحليلها وبالتالي دقة سعر السهم. أيضًا، كلما ازدادت الأخبار الكاذبة، ازدادت الموارد الحقيقية للمستثمرين في محاولة اكتشاف ما إذا كانت أي أخبار معينة صحيحة أم خاطئة، أي كلما زادت تكاليف الاحتياط(21).
وبالتالي، تُعَدُّ الممارسة الاحتيالية المتمثلة في نشر الأخبار الكاذبة والتجارة بهدف الاستفادة من التمويه الناتج عنها ضارة اجتماعيًّا بشكل واضح. ورغم ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان توفر البيع المكشوف يزيد بشكل كبير من مستوى هذه الممارسة الضارة. يمكن القول: إنه لن يكون ذلك؛ إذ إن ثمة طرقًا بديلة للربح من خلال نشر كل الأخبار السلبية والإيجابية دون استخدام البيع المكشوف. والاستراتيجية البديلة للاستفادة من نشر الأخبار السلبية الخاطئة هي نشر الأخبار أولًا، ومن ثم شراء الأسهم عند السعر المنخفض الناتج، ثم إعادة بيع الأسهم بعد أن يدرك السوق زيف الأخبار ويتبدد الكساد في الأسعار. وهناك أيضًا استراتيجية بديلة أخرى للربح من خلال نشر الأخبار الإيجابية الخاطئة، وهي شراء الأسهم قبل نشر الأخبار، ومن ثم بيعها فورًا بعد انتشار الخبر بالسعر المتضخم الناتج.
مع ذلك، يقترح نهج ما أكثر تعقيدًا للمسألة أن هذه الحجة معيبة، وأن توفر البيع المكشوف يزيد من مستوى الممارسة الاحتيالية المتمثلة في نشر أخبار كاذبة والتداول بهدف الاستفادة من التمويه في السعر. يبدأ فهم هذا النهج الأكثر تعقيدًا بملاحظتين. الملاحظة الأولى، بالنسبة لبعض أنواع المعلومات، على الأقل بعض الوقت، قد يكون نشر معلومات سلبية خاطئة بشكل مقنع أسهل من نشر معلومات إيجابية خاطئة مقنعة، وقد يكون العكس هو الصحيح بالنسبة لبعض أنواع المعلومات الأخرى. وعلى سبيل المثال، فإنه لمن الأسهل في بعض الأحيان نشر أخبار كاذبة إيجابية؛ لأنه من المحتمل أن يتم في الغالب تصحيحها على الفور من قِبَل الشركة. خلال أوقات الارتفاع، قد تكون الأخبار الإيجابية الخاطئة أكثر تصديقًا؛ لأن الناس يريدون تصديقها، كما أنها تتفق مع المزاج العام للنشوة. من ناحية أخرى، عندما يكون من المستحسن تجنب الخصوصية، فإن المعلومات السلبية الكاذبة، بسبب قوة التلميحات، ربما يكون انتشارها أسهل من المعلومات الإيجابية الخاطئة.
أما الملاحظة الثانية، فمن شأن المخاطر القانونية والمالية المرتبطة بالغش في نشر الأخبار الكاذبة والتداول بهدف الاستفادة من التمويه في الأسعار أن تكون، في بعض الظروف، أقل عندما تتم التجارة الأولية في وقت مبكر من نشر المعلومات الكاذبة، وعندما يتم إجراء المعاملة الثانية مباشرة بعد أن يكون للأخبار الكاذبة تأثيرها الكامل على السعر. وفي ظل ظروف أخرى، قد يكون من الصعب كشف الغش من الناحية المالية عندما تتم التجارة الأولية بعد أن تُنشر المعلومات الكاذبة وتستمر مع ذلك في تمويه الأسعار، وكذلك عندما تتم التجارة العكسية بعد أن يدرك السوق الحقيقة ويتفرق سعر التمويه.
تشير هاتان الملاحظتان إلى تشكيلة من المجموعات المحتملة من العوامل ذات الصلة. بالنسبة للحالات التي تمثل العديد من هذه المجموعات، فإن الطريقة الأكثر فائدة للقيام بعملية الاحتيال تنطوي على استخدام البيع المكشوف. في بعض هذه الحالات على الأقل، إذا كان البيع المكشوف غير متاح، فإن الاحتيال لا يُعَدُّ جذابًا بما يكفي ليكون ذا قيمة. وبالتالي، فإن توفر البيع المكشوف سيزيد من انتشار الغش الذي ينطوي على نشر أخبار كاذبة وما يرتبط بها من أضرار اجتماعية. في الواقع، وبالمقارنة مع الأنواع الثلاثة الأخرى من الممارسات التي تنطوي على البيع المكشوف والتي تم مناقشتها في هذا الصدد -التلاعب المحض، والسعر المنخفض للربح من خلال عقد مع طرف ثالث، والاستفادة من انخفاض القيمة الأساسية التي تنتج عن انخفاض الاكتتاب الأولي في المبيعات المكشوفة- تشير النظرية إلى أنه من شأن استخدام البيع المكشوف للربح من خلال نشر الأخبار الكاذبة أن يكون له القدرة الأكثر ثباتًا على إحداث تأثيرات اجتماعية ضارة، على الرغم من أنه من الممكن المجادلة بخلاف ذلك. وبالتالي، فإن مثل هذا النشاط يبدو بالتأكيد جديرًا بالتحقيق التجريبي*.
ز- البيع المكشوف على أساس المعلومات السلبية وآثارها:
من المرجح أيضًا أن تكون ممارسة أخرى -التداول على أساس المعلومات المطلعة السلبية- أكثر انتشارًا إذا توفر البيع المكشوف، ذلك لأن ملكية أسهم جهة الإصدار لن تكون ضرورية من ناحية الاستفادة من أي من هذه المعلومات التي قد يحوزها التاجر. وببساطة يستطيع التاجر القيام بالبيع المكشوف ثم تغطيته عندما ينخفض السعر بعد أن تصبح المعلومات عامة. إن التداول على أساس المعلومات المطلعة السلبية له التأثيرات الثلاثة الضارة اجتماعيًّا نفسها، مثل نشر الأخبار والتجارب الكاذبة للاستفادة من التمويه الناتج في السعر: (1) نقل الثروة إلى القادرين على المشاركة في هذه الممارسة، وبالتالي تثبيط المشاركة في السوق من قبل أولئك الذين لا يستطيعون. (2) رفع سعر العرض والطلب مع الانخفاض المصاحب للاستحقاق -انخفاض سيولة السوق والمشاركة في عملية التداول بالأسهم- بما في ذلك التداول على أساس التحليل الأساسي. (3) إضافة إلى مستوى الموارد الحقيقية المخصصة لتكاليف الاحتياط. ومع ذلك، وخلافًا لنشر الأخبار الكاذبة، التي ليس لها فضائل تعويضية، فإن للتداول على أساس المعلومات المطلعة السلبية، رغم أنها غير قانونية في العديد من الظروف، فوائد اجتماعية متضاربة؛ لأنه في الوقت الذي يتم فيه ذلك، يتحرك سعر سهم المصدر نحو قيمة أساسية بدلًا من الابتعاد عنها. ونتيجة لذلك، فإن من شأن الزيادة في هذه الممارسة التي تنتج عن توفر البيع المكشوف، اعتمادًا بشكل جزئي على انتشاره نسبة إلى ممارسة نشر الأخبار الكاذبة جنبًا إلى جنب مع التداول، أن تكون متوازنة مع النتائج الاجتماعية الأقل سلبية.
وهنا، فإن حالة التخويف والترهيب أو الإرعاب التي تُنْشِئُها وتخلقها عملية صناعة الأخبار الكاذبة تدفع باتجاه محاصرة الرأي العام بخطاب أو سرديات بديلة لمواجهة الخطاب السائد/المُنَافِس أو الجهة التي تُمَثِّلُه، وهي الفرضية التي تؤسس في هذا السياق لنموذج الحصار المعلوماتي عبر صناعة الأخبار الكاذبة وتأثيرها في الرأي العام عبر الضخ والتدفق الهائل للبيانات الزائفة والتحليلات المفبركة. ويدعم هذه الفرضية ثلاثة عوامل رئيسية(22):
1. الأفراد يستجيبون لنوازع الخوف ودوافعه، وقد يتفاعلون سلبًا وإيجابًا مع حالة الترهيب التي تُنْشِئُها وسائل الإعلام، وكذلك تحذيرات الفبركة الإعلامية من الأخطار الخارجية أو حتى التهديدات المحلية؛ فينساقون وراء السرديات البديلة.
2. تقوم السرديات البديلة بتعزيز أطروحاتها وسط الرأي العام عبر الضخ والتدفق الهائل للبيانات المزيفة من قِبَل شبكة المفبركين والجيوش الإلكترونية.
3. سرعة انتشار الأخبار الكاذبة التي تثير حالة الخوف والرعب وسط الرأي العام، وترويج المستخدمين لها أكثر من الأخبار والمعلومات الحقيقية التي تبدو متشابهة إلى حد كبير، بينما الأخبار الزائفة تتميز بعنصر المفاجأة.
3. آراء أساتذة الإعلام والصحفيين في تأثير الأخبار المفبركة على الرأي العام (دراسة تطبيقية)
لغرض التأكد من موثوقية تأثير الأخبار الكاذبة على الرأي العام أجرى الباحث -اعتمادًا على الدراسة الكمية- استطلاعًا للرأي على عينة من أساتذة الإعلام، وكذلك عينة من الصحفيين المسجلين رسميًّا في نقابة الصحفيين في الأردن خلال الفترة الممتدة من فبراير/شباط إلى 15 مايو/أيار 2018، وبلغ عدد وحدات العينتين 110 على النحو الآتي:
– الجنس: بلغت نسبة الذكور الصحفيين 53.6%، ونسبة الإناث 46.4%، بينما كانت عينة المدرسين جميعها من الذكور.
– المؤهل العلمي: بلغت نسبة الحاصلين على البكالوريوس من الصحفيين أفراد عينة الدراسة 57.3%، والحاصلين على الماجستير 32.7%، والحاصلين على درجة الدكتوراه 6.4%، بينما كانت عينة المدرسين كاملة من الحاصلين على درجة الدكتوراه.
– العمر: الغالبية العظمى من الصحفيين أفراد عينة الدراسة هم ممن تزيد أعمارهم عن 41 عامًا بنسبة 58.2%، وجميع أفراد عينة الدراسة المدرسين هم ممن تزيد أعمارهم عن 41 عامًا.
– الدرجة الأكاديمية: بلغت نسبة أفراد عينة الدراسة من المحاضرين 21.6%، ومن الأستاذ المساعد 36.1%، ونسبة المدرس المساعد 42.3%.
– المنصب الوظيفي: غالبية أفراد عينة الصحفيين هم من المراسل الصحفي بنسبة 46.4%، ثم الكاتب الصحفي بنسبة 14.5%، ثم سكرتير تحرير بنسبة 12.7%، ثم محرر رئيسي بنسبة 9.1%، ثم رئيس قسم بنسبة 7.3%، وأخيرًا محرر بنسبة 3.6%.
– سنوات الخبرة: النسبة الأكبر من الصحفيين لديهم خبرة في العمل الصحفي تزيد عن 15 عامًا حيث بلغت نسبتهم 50.9%، وغالبية المدرسين لديهم خبرة في التدريس تتراوح ما بين 11-15 عامًا وبلغت نسبتهم 66.7%.
1.3. أسئلة الدراسة: أهداف الأخبار المفبركة ودوافع اعتمادها وحجم تأثيرها
أ- ركز سؤال الدراسة الأول على: “ما مدى إدراك الصحفيين للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار؟”، ولاحظ الباحث في الإجابة عن هذا السؤال أن إدراك الصحفيين لأهمية الأخبار المفبركة قد حصل على درجة متوسطة؛ إذ بلغ المتوسط الحسابي (3.41)، بينما حصلت جميع الفقرات الأخرى المعبِّرة عن مدى إدراك الصحفيين للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار على درجات مرتفعة تراوحت ما بين (4.45-4.04)، وحصلت الفقرة “يدرك الصحفي أن الأخبار المفبركة تستخدم كأسلوب في التشكيك” على أعلاها، والفقرة “يدرك الصحفي أن الأخبار المفبركة تجعل الفرد في حيرة بين التصديق والتكذيب لمحتواها ما يؤثر على مصداقية الموقع” على أدناها، وبلغت المعدل الكلي (4.17) وهو معدل يمثِّل درجة مرتفعة بشأن مدى إدراك الصحفيين للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار.
ب- نص سؤال الدراسة الثاني على: “ما مدى إدراك مدرسي الإعلام للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار؟”، وأظهرت النتائج أن مدرسي الإعلام يرون أن الأخبار المفبركة تجعل الفرد في حيرة بين التصديق والتكذيب لمحتواها ما يؤثر على مصداقية الموقع بدرجة متوسطة بلغت (3.43)، ويدركون الأصناف المختلفة لأنواع الأخبار المفبركة بدرجة متوسطة بلغت (3.2)، بينما حصلت جميع الفقرات الأخرى المعبرة عن مدى إدراك مدرسي الإعلام للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار على درجات مرتفعة تراوحت ما بين (4.67-3.67)؛ حيث حصلت الفقرة “يدرك مدرس الإعلام أن مهارات التفكير لديه تمكِّنه من تمييز الأخبار المفبركة والتعرف عليها” على أعلاها، والفقرة “يدرك مدرس الإعلام أن الأخبار المفبركة تتسم بالأهمية” على أدناها، وبلغت المعدل الكلي (3.99) وهو معدل يمثِّل درجة مرتفعة من مدى إدراك مدرسي الإعلام للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار.
ج- ركز سؤال الدراسة الثالث على: “ما دوافع اعتماد الصحفيين الأردنيين على الأخبار المفبركة في عملهم؟”، ولاحظ الباحث من خلال الدرجة المرتفعة والبالغة (3.75) أن الدوافع المقترحة لاعتماد الصحفيين الأردنيين على الأخبار المفبركة في عملهم قد حصلت على درجة عالية، وقد حصلت الدوافع “للتحذير من انتشار أمراض في المجتمع، للتنفيس عن قضايا مكبوتة لدى الجماهير ، لقياس الرأي العام حول قضية مهمة في المجتمع، أوقات الكوارث والشعور بالخطر” على درجات متوسطة تراوحت ما بين (3.14-3.64)، بينما حصلت الدوافع “لابتزاز شخصيات مهمة في المجتمع للبحث عن الربح السريع، لإثارة الفضول والتسلية، لتأليب المشاعر ضد فئة معينة من المجتمع، لإسقاط شخصيات مهمة في المجتمع والتشهير بها، لإشباع فضول الجماهير حول قضايا تهمهم، الحصول على السبق الصحفي، للبحث عن الربح السريع، فترة تشكيل الحكومات، فترة الانتخابات البرلمانية والترويج للمرشحين، للحصول على أكبر عدد ممكن من القراءات والتي تؤثر في ترتيبه بالنسبة للمواقع الإخبارية الأخرى” على درجات مرتفعة تراوحت ما بين (4.14-3.68).
د- وفي سؤال الدراسة الرابع: “ما دوافع اعتماد مدرسي الإعلام على الأخبار المفبركة في عملهم؟”، يلاحظ من خلال الدرجة المرتفعة والبالغة (3.86) أن الدوافع المقترحة لاعتماد مدرسي الإعلام على الأخبار المفبركة في عملهم قد حصلت على درجة عالية، وقد حصلت الدوافع “للتنفيس عن قضايا مكبوتة لدى الجماهير، لإشباع فضول الجماهير حول قضايا تهمهم، للتحذير من انتشار أمراض في المجتمع، الحصول على السبق الصحفي” على درجات متوسطة تراوحت ما بين (3.63-3.33)، بينما حصلت الدوافع “لقياس الرأي العام حول قضية مهمة في المجتمع، لابتزاز شخصيات مهمة في المجتمع للبحث عن الربح السريع، لتأليب المشاعر ضد فئة معينة من المجتمع، لإسقاط شخصيات مهمة في المجتمع والتشهير بها، فترة الانتخابات البرلمانية والترويج للمرشحين، فترة تشكيل الحكومات، أوقات الكوارث والشعور بالخطر، للحصول على أكبر عدد ممكن من القراءات والتي تؤثر في ترتيبه بالنسبة للمواقع الإخبارية الأخرى، لإثارة الفضول والتسلية، للبحث عن الربح السريع” على درجات مرتفعة تراوحت ما بين (4.33-3.67).
ه- بحث سؤال الدراسة الخامس: “كيف يتعامل الصحفيون الأردنيون مع الأخبار المفبركة في عملهم؟”، ولاحظ الباحث بأن الدرجة الكلية لكيفية تعامل الصحفيين مع الأخبار المفبركة كانت متوسطة وبلغت (3.53)، وقد حصلت الفقرات “إهمال الأخبار المفبركة وعدم نشرها، التحرك الميداني لمواقع الأحداث مثار الأخبار المفبركة، التثبت من صحة الأخبار قبل بثها، الرجوع إلى أهل الخبرة عند مناقشة أخبار مفبركة ما لمحاولة نفيها، اعتماد مصدر رسمي للأخبار” على درجات مرتفعة تراوحت ما بين (3.83-3.67)، بينما حصلت الفقرات “نشر الأخبار المفبركة بناء على رغبة رؤسائي في العمل، نشر الأخبار المفبركة عند وجود تضارب في الأنباء في المواقع الإخبارية، نشر الأخبار المفبركة التي ترتبط برغبات واهتمامات الجماهير، نشر الأخبار المفبركة المثيرة للقارئ، النفي السريع الأخبار المفبركة، إعادة صياغة الأخبار المفبركة بأسلوب فني وقالب جذاب، إجراء التحقيقات الإعلامية، عدم نشر الأخبار المفبركة التي تؤدي إلى العنف، عدم نشر الأخبار المفبركة حتى لا تؤثر على مصداقية الموقع على المدى البعيد، إرفاق الأخبار المفبركة ببراهين ووثائق تدعم مصداقيتها، عدم نشر الموضوعات التي تغذي الأخبار المفبركة، الإبانة والإفصاح عن حقيقة المواقف في أوقات الحروب والأزمات” على درجات متوسطة تراوحت ما بين (3.65-3.05).
و- وفي سؤال الدراسة السادس: “كيف يتعامل مدرسو الإعلام مع الأخبار المفبركة في عملهم؟”، أظهرت النتائج أن الدرجة الكلية لكيفية تعامل مدرسي الإعلام مع الأخبار المفبركة كانت مرتفعة وبلغت (3.83)، ونلاحظ أن مدرسي الإعلام يتعاملون مع الأخبار المفبركة “في التحرك الميداني لمواقع الأحداث” بدرجة مرتفعة وكانت الأعلى وبلغت (4.67)، ثم “عدم نشر الأخبار المفبركة التي تؤدي إلى العنف” بدرجة مرتفعة بلغت (4.47)، ثم “إهمال الأخبار المفبركة وعدم نشرها، النفي السريع للأخبار المفبركة” بدرجة مرتفعة بلغت (4.33)، “الإبانة والإفصاح عن حقيقة المواقف في أوقات الحروب والأزمات” بدرجة مرتفعة بلغت (4.13)، ثم “إجراء التحقيقات الإعلامية، عدم نشر الأخبار المفبركة حتى لا تؤثر على مصداقية الموقع على المدى البعيد، التثبت من صحة الأخبار قبل بثها” بدرجة مرتفعة وصلت (4.03)، ثم “الرجوع إلى أهل الخبرة عند مناقشة أخبار مفبركة ما لمحاولة نفيها” بدرجة مرتفعة بلغت (3.77)، ثم “نشر الأخبار المفبركة المثيرة للقارئ” بدرجة مرتفعة بلغت (3.73). بينما حصلت الفقرات “نشر الأخبار المفبركة عند وجود تضارب في الأنباء في المواقع الإخبارية، إعادة صياغة الأخبار المفبركة بأسلوب فني وقالب جذاب، نشر الأخبار المفبركة التي ترتبط برغبات واهتمامات الجماهير، إرفاق الأخبار المفبركة ببراهين ووثائق تدعم مصداقيتها، نشر الأخبار المفبركة بناء على رغبة رؤسائي في العمل، اعتماد مصدر رسمي للأخبار، عدم نشر الموضوعات التي تغذي الأخبار المفبركة” على درجات متوسطة تراوحت ما بين (3.6-3.07).
2.3. نتائج الدراسة التطبيقية
بعد ما طبقنا ما ورد في جوهر نظرية الأجندة وتطبيقات السبين الإعلامي على مضامين أسئلة الدراسة التطبيقية، خلصنا إلى مجموعة من النتائج، أبرزها:
- النسبة الأكبر من الصحفيين أفراد عينة الدراسة لديهم خبرة في العمل الصحفي تزيد عن 15 عامًا حيث بلغت نسبتهم 50.9%، وغالبية المدرسين لديهم خبرة في التدريس تتراوح ما بين 11-15 عامًا وبلغت نسبتهم 66.7%.
- مدى إدراك الصحفيين لأن الأخبار المفبركة تتسم بالأهمية قد حصل على درجة متوسطة.
- مدى إدراك الصحفيين للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار قد حصلت على درجات مرتفعة.
- مدرسو الإعلام يرون أن الأخبار المفبركة تجعل الفرد في حيرة بين تصديق مضمونها وتكذيبه ما يؤثر على مصداقية الموقع بدرجة متوسطة.
- معدل إدراك مدرسي الإعلام للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار ذو درجة مرتفعة.
- الدوافع المقترحة لاعتماد الصحفيين الأردنيين على الأخبار المفبركة في عملهم قد حصلت على درجة عالية.
- حصلت الدوافع “للتحذير من انتشار أمراض في المجتمع، للتنفيس عن قضايا مكبوتة لدى الجماهير، لقياس الرأي العام حول قضية مهمة في المجتمع، أوقات الكوارث والشعور بالخطر” على درجات متوسطة من وجهة نظر الصحفيين.
- حصلت الدوافع “لابتزاز شخصيات مهمة في المجتمع للبحث عن الربح السريع، لإثارة الفضول والتسلية، لتأليب المشاعر ضد فئة معينة من المجتمع، لإسقاط شخصيات مهمة في المجتمع والتشهير بها، لإشباع فضول الجماهير حول قضايا تهمهم، الحصول على السبق الصحفي، للبحث عن الربح السريع، فترة تشكيل الحكومات، فترة الانتخابات البرلمانية والترويج للمرشحين، للحصول على أكبر عدد ممكن من القراءات والتي تؤثر في ترتيبه بالنسبة للمواقع الإخبارية الأخرى” على درجات مرتفعة.
- الدوافع المقترحة لاعتماد مدرسي الإعلام على الأخبار المفبركة في عملهم قد حصلت على درجة عالية.
- حصلت الدوافع “للتنفيس عن قضايا مكبوتة لدى الجماهير، لإشباع فضول الجماهير حول قضايا تهمهم، للتحذير من انتشار أمراض في المجتمع، الحصول على السبق الصحفي” على درجات متوسطة من وجهة نظر مدرسي الاعلام.
- حصلت الدوافع “لقياس الرأي العام حول قضية مهمة في المجتمع، لابتزاز شخصيات مهمة في المجتمع للبحث عن الربح السريع، لتأليب المشاعر ضد فئة معينة من المجتمع، لإسقاط شخصيات مهمة في المجتمع والتشهير بها، فترة الانتخابات البرلمانية والترويج للمرشحين، فترة تشكيل الحكومات، أوقات الكوارث والشعور بالخطر، للحصول على أكبر عدد ممكن من القراءات والتي تؤثر في ترتيبه بالنسبة للمواقع الإخبارية الأخرى، لإثارة الفضول والتسلية، للبحث عن الربح السريع” على درجات مرتفعة من وجهة نظر مدرسي الإعلام.
- الدرجة الكلية لكيفية تعامل الصحفيين مع الأخبار المفبركة كانت متوسطة.
- الدرجة الكلية لكيفية تعامل مدرسي الإعلام مع الأخبار المفبركة كانت مرتفعة.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة أقل أو يساوي (0.05) تعود للمنصب الوظيفي بشأن مدى إدراك الصحفيين الأردنيين للأخبار المفبركة من حيث المفهوم والأهداف والأخطار، ونلاحظ أن الفروقات كانت ما بين المحررين من جهة وما بين سكرتير التحرير والمحرر الرئيسي ورئيس القسم والكاتب الصحفي والمراسل الصحفي من جهة أخرى لصالح سكرتير التحرير والمحرر الرئيسي ورئيس القسم والكاتب الصحفي والمراسل الصحفي.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة أقل أو يساوي (0.05) تعود للمنصب الوظيفي بشأن دوافع اعتماد الصحفيين الأردنيين على الأخبار المفبركة في عملهم، ونلاحظ أن الفروقات كانت ما بين سكرتير التحرير من جهة وما بين المحرر والمحرر الرئيسي ورئيس القسم والكاتب الصحفي والمراسل الصحفي من جهة أخرى.
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة أقل أو يساوي (0.05) تعود للمنصب الوظيفي بشأن كيفية تعامل الصحفيين الأردنيين مع الأخبار المفبركة في عملهم.
د.عبد الرزاق الدليمي، أستاذ الدعاية والإعلام بجامعة البترا في الأردن.
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات