وباء المعلومات ينافس “فايروس كورونا” على الانتشار في سوريا والوقاية شبه معدومة
تخلى سامي عروف (٣٦ عاماً) عن الاحترازات الوقائية التي كان يتبعها خلال عمله كبائع لقهوة “الإكسبريس” في بلدته بريف إدلب الشمالي. نزع كمامته وبات يمارس عمله دون أن يحرص على التباعد الاجتماعي.
يقول سامي إنه تخلى عن هذه الإجراءات مع دخول أشهر الصيف. ويظن، بحسب المعلومات التي حصل عليها من وسائل لتواصل الاجتماعي أن نشاط الفايروس يتراجع مع ارتفاع درجات الحرارة.
بعكس سامي لم تلتزم هدى الأحمد (٢٨ عاماً) بأي من الإجراءات الوقائية، تخبرنا أن انتشار الفايروس يتعلق بأطعمة معينة لا تباع في إدلب حيث تسكن، كذلك تمثل العادات الصحية التي يلتزمها المسلمون من الوضوء والطهارة حماية كاملة لسكان المنطقة.
وتمارس الطالبة هبة الأحمد (١٦ عاماً) حياتها دون خوف، هي لا تؤمن بوجود فايروس كورونا وما يتعلق به من خطورة، رغم ما حصلت عليه من معلومات استقتها من وسائل التواصل الاجتماعي وأحاديث صديقاتها.
ويرجع أبو محمد من جبل الزاوية ما يحصل لمؤامرة اقتصادية تقوم بها شركات دوائية كبرى وتسعى من خلالها لتحقيق مكاسب عامة على حساب إثارة الذعر والخوف بين السكان.
كذبة.. تهويل إعلامي.. حقيقة دون وقاية
في استطلاع للرأي أجراه فريق التحقيق في محافظة إدلب وتضمن خمسة وعشرين شخصاً من أعمار وخلفيات ثقافية وتعليمية مختلفة توصل الفريق إلى أن ١٦٪ من الأشخاص يعتقدون أن الفايروس كذبة، بينما اعتقد ٢٨٪ بوجود الفايروس إلا أن الأخبار المرافقة له تدخل في إطار “التهويل الإعلامي”، و٢٤٪ اعتقدوا بصحة المعلومات عن الفايروس دون اتخاذ أي إجراءات وقائية، و٣٢٪ من الأشخاص الذين التزموا أحياناً بإجراءات وقائية غير مكتملة.

ازدادت أعداد المصابين بالفايروس في مناطق المعارضة السورية ووصلت إلى ١١٥٧ حالة في الثاني من تشرين الأول الحالي، بينها ٥٣٠ حالة نشطة حتى الآن و٦٦ حالة وفاة (٣٦ في إدلب و٣٠ في حلب) منذ ظهور الإصابة الأولى لأحد الكوادر الطبية في إدلب في التاسع من تموز الماضي، بحسب مختبر الترصد الوبائي الخاص بكوفيد 19 التابع لوحدة تنسيق الدعم.
ويقول الدكتور محمد سالم مدير برنامج اللقاح في لقاء على قناة حلب اليوم في الثالث من أيلول الماضي إن الفايروس دخل مرحلة الانتشار المجتمعي. وأضاف في لقاء له عبر تلفزيون سوريا في الثالث والعشرين من أيلول الماضي إنه لا يوجد لقاح أو علاج حتى اللحظة للفايروس، وإنه لا قدرة صحية ضمن المشافي والمراكز الصحية في المنطقة على الاستجابة الطارئة للفايروس، مؤكداً أن لا سبيل للحد من انتشاره سوى بـ “الوقاية”.
ويقول طبيب الجراحة الصدرية أحمد الشعيب إن نسبة غير الملتزمين بالإجراءات الوقائية كبيرة، ووصف ما يحدث بالأمر “الخطير” خاصة مع بدء زيادة عدد المرضى، مؤكداً أن الأعداد ربما تزيد عن الأرقام المذكورة، وذلك لقلة عدد المختبرات والقدرة على إجراء المسحات الطبية، وعدم مراجعة قسم كبير من المصابين للمراكز الصحية.
يخبرنا الطبيب، ويؤكد كلامه إحاطة لـ “رامش راجاسينغهام” قدمها لمجلس الأمن في السابع والعشرين من آب الماضي إن “التقارير التي تفيد بامتلاء مرافق الرعاية الصحية والأعداد المتزايدة لإخطارات الوفاة والدفن تشير جميعها إلى أن الحالات تتجاوز بكثير الأرقام الرسمية”، ويضيف “يتردد الكثيرون في الذهاب إلى المرافق الطبية طلباً للرعاية مما يؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة عند وصولهم”، كما يقول إن “العاملين في القطاع الصحي ما يزالون يفتقرون إلى معدات الحماية الشخصية“.
وباء المعلومات
لا يقتصر انتشار الشائعات الكاذبة حول فايروس كورنا بسكان سوريا، بل يتعدى ذلك إلى مختلف دول العالم، وتختلط بسبب هذا الانتشار المعلومات الكاذبة بالصحية.
في الحالة السورية تزداد هذه الشائعات لأسباب كثيرة أهمها غياب القدرة على التأكد من المعلومات وتأخر المصادر الرسمية في الحديث عن المعلومات الصحيحة وتفنيد الشائعات، كذلك اعتماد قسم كبير من السكان على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات من خلال متابعة الأشخاص أو عن طريق غرف الواتس آب والماسينجر دون وجود رقابة حقيقية وصارمة تجاه هذه المعلومات والتأكد من صحتها.
من أصل خمسة وعشرين شخصاً في الاستطلاع الماضي وجدنا أن ٧٢٪ يعتمدون على صفحات الفيس بوك في الحصول على معلومات الفايروس، و٤٪ يعتمدون على قنوات التيلغرام و٨٪ عبر الواتس آب واليوتيوب و٤٪ عن طريق البروشورات والندوات الطبية و١٢٪ على كلام الأصدقاء.
المصدر : فوكس حلب