هي الأزمة الأكبر منذ بداية الحرب …في مناطق سيطرة نظام أسد
دعاء الجبان
بات مشهد أدوار الانتظار جزءاً من روتين يومي يألفه السوريون، وقد شهدت الآونة الأخيرة أزمة كبيرة للحصول على البنزين تمثلت في أدوار طويلة عند محطات الوقود في مختلف المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام.
وتزعم وزارة النفط – الوزارة المسؤولة عن عملية الإنتاج والتوزيع- بأن الأزمة سببها الرئيسي هو “الحصار الاقتصادي” المفروض على البلد
ويستحوذ النظام على حقول غاز مهمة وذات غزارة نسبية كحقل شاهر في محيط تدمر وحقول قارة وديرعطية والبريج وصدد، وهي حقول تقع في ريفي دمشق وحمص، وتصل طاقتها الإنتاجية اليومية إلى خمسة ملايين متر مكعب من الغاز في الحد الأدنى، أي ما يكفي لإنتاج 1500 إلى 2000 ميغا وات ساعي يومياً. ورغم هذا تعمد الحكومة لعمليات تقنين كبيرة كونها تُصدّر بعض الكميات للبنان، وتعرض على كل من العراق ولبنان تزويده بالمزيد مقابل القطع الأجنبي.
كما تشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة بنزين غير مسبوقة، حيث ينتظر المواطنون في طوابير أمام محطات الوقود ولمدة تتجاوز اليومين في بعض الأحيان، للحصول على جزء من كمية البنزين المخصصة لهم بالكاد تكفي للتنقل اليومي.
وتسببت أزمة الوقود في ازدحام في الشوارع، خاصة في المناطق التي أغلقت فيها محطات الوقود أعمالها، وهو ما تسبب في شجار بين عدد من الأشخاص تسبب في جرح ثلاثة منهم، اثنين في حالة خطيرة.
فقدت شوارع دمشق والمدن السورية الواقعة تحت سيطرة النظام، دوران عجلات المركبات وأصابها الشلل، ما انعكس على أداء عمل المؤسسات الخدمية، وبات تنقل المواطنين بين المحافظات أو داخل المدن صعباً، ولجأ بعضهم إلى قيادة الدراجات الهوائية كحلّ مؤقت.
وأدت الأزمة إلى وقوف طوابير أمام محطات الوقود، وصل طول بعضها إلى كيلومترات عدة من السيارات المصطفة لتعبئة 30 ليتراً فقط عبر بطاقة تسمّى “الذكية” بعد تخفيض الكمية السابقة بـ10 ليترات.
وعلى الرغم من ذلك الوضع الصعب، لا يزال عسيراً على أصحاب المركبات الحصول على ليترات تسدّ حاجاتهم في ظل حالة فلتان أمني تسود أمام المحطات ووسط عدم قدرة رجال الشرطة على ضبط الأمور والتصدي لقوة الميليشيات التي ترغم أصحاب تلك المحطات على تعبئة مركباتهم بقوة السلاح، متجاوزين الطوابير.
النظام السوري، وبعد نحو نصف قرن من حكم عائلة الأسد، جعل البلاد في حالة خراب قتلت وشردت الملايين،وقضت على الاقتصاد السوري، وجعلته في دوامة حرب أهلية منذ عقد.
يعيش السوريون هذه الأيام أزمة مواصلات لم يشهدوا مثيلاً لها حتى في أصعب أيام الحرب، وذلك جراء فقدان مركباتهم العامة والخاصة لمادة البنزين التي باتت نادرة جدا.
حيال هذا لواقع المظلم، تلقي أوساط سياسية اللوم في تلك الأزمة على قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، وما تلاه من تبعات الحرص والحذر من مغبة إمداد النظام الحالي بالمواد النفطية ومشتقاتها. ويرى مراقبون أنه “من المؤسف أن يحصل ذلك في سوريا التي تعدّ دولة نفطية تغصّ أراضيها في الشمال الشرقي والغربي بحقول النفط والغاز”.
كذلك، ردّ سياسيون سوريون أسباب الأزمات المتكررة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية التي أثرت في الوسط الشعبي مباشرةً.
وأدى توقف تبادل الواردات النفطية عبر وسطاء من قبل النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من حقول شمال شرقي البلاد، إلى حالة إرباك لدى السوريين، بعدما كانت دمشق تستجلب تلك المواد الحيوية من مناطق الإدارة الذاتية الكردية، بدعم من الولايات المتحدة المسيطرة على الحقول، التي كانت تخضع قبل ذلك لتنظيمات متطرفة أبرزها “داعش”.
في خضمّ كل هذا، يراقب السوريون المشهد وسط مخاوف من حصار سيترك تأثيراته في كل شيء بما في ذلك لقمة عيشهم، إذ إن محاذير انقطاع الوقود والمحروقات المشغّلة للأفران والمخابز يهددها بالإغلاق التام، إن لم يتمكن النظام السوري وحلفاؤه من إيجاد حلول