نازحو شمال غربي سوريا يواجهون البرد بلا كسوة شتوية
في شمال غربي سوريا، وبالتحديد في ريف إدلب الشمالي، تقف الفتاة الصغيرة وسط الوحل، وهي تغطي قدميها بكيس بلاستيكي تحت الحذاء المكشوف الذي ترتديه.
انتشرت صورة الفتاة سلمى لتذكّر بالمشاكل التي تفرضها حياة المخيمات على سكانها المعرضين لجميع العوامل الجوية، في تجمعات لا تضم بنى تحتية ملائمة، وهم لا يستطيعون تأمين ما يلزم من الملابس لاحتمالها.
لا مساعدات كافية للملابس
قضى محمد الإبراهيم عامين، وهو نازح في مخيم “حاس”، ضمن تجمع مخيمات “دير حسان” بريف إدلب الشمالي، مع أطفاله الثلاثة وزوجته، “المساعدات لا تفي بالغرض، والجو بارد، ولا نملك ما نسد حاجتنا”، كما قال لعنب بلدي.
يحتاج الأطفال وذووهم إلى المعاطف والأحذية والملابس الداخلية والخارجية، بتكلفة لا تقل عن 50 ليرة تركية لكل فرد، ما يمنع محمد من توفير الملابس لعائلته، “لم تصلنا مساعدات شتوية أبدًا، قبل عام فقط وصل لبعض العائلات طقم شتوي واحد لكل عائلة من فاعل خير لكنها لم تكفِ أحدًا”.
في مخيم “غطاء الرحمة” بريف إدلب الشمالي، لم يحصل خالد درويش وبقية الأسر أيضًا على أي مساعدة، “كل عام تحتاج إلى تبديل ملابس الأطفال، وفي المخيم يحيط بنا الوحل والطين، وحين نغسل الملابس تستغرق وقتًا طويلًا لتجف، لذا فأنت بحاجة إلى أن تملك أكثر من طقم من الملابس”.
قال خالد لعنب بلدي، إنه وكما بقية الأسر في المخيم لا يستطيعون تحمل تكلفة الملابس الشتوية، “أنا كغيري لا أستطيع شراء ما يمنحني الدفء، لا لنفسي ولا لأطفالي”.
لا تستثني المنظمات الإغاثية توزيع الملابس الشتوية من مساعداتها التي تستهدف الفئات “الأكثر ضعفًا” من سكان المخيمات، إلا أن المساعدات المقدمة ليست كافية.
“يحتاج النازحون من ثلاث إلى أربع كسوات سنويًا على الأقل بالحالة العامة، لكن بالحالة السورية لا تكاد تؤمّن الأسر كسوة واحدة سنويًا”، بحسب ما قاله مدير مكتب جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية” في سرمدا بريف إدلب الشمالي، معاذ بقبش، لعنب بلدي.
تركز المساعدات على الأطفال خاصة، وفق بقبش، وتتضمن معطفًا وكنزة من الصوف وبنطالًا، مع قبعة وشال وقفازات وأحذية، مشددًا على أن الحملات الإغاثية “لا يمكن أبدًا أن تغطي الاحتياج”.
يخصص للملابس في الشتاء من 10 إلى 20% من إجمالي المساعدات التي تقدمها الجمعية للمخيمات، وتعتمد على تقييم الاحتياجات الأولية والثانوية للسكان من قبل فرق المسح الإحصائي، وغالبًا ما تكون مساعدات الملابس من مصادر تمويل عربية، بحسب مدير مكتب الجمعية في سرمدا.
مسؤولة العلاقات العامة في منظمة “بنيان”، بيان صباغ، قالت لعنب بلدي، إن المساعدات الشتوية تشمل ما يزيد على الملابس، من مواد التدفئة والسجاد والبطانيات والمواد الغذائية والنظافة.
وتركز معظم المساعدات على توزيع الملابس الخارجية “التي تكون أكثر ضرورة”، حسب تقدير المنظمة كما قالت بيان صباغ.
يضع 60% من سكان المخيمات الاحتياجات الشتوية ضمن أهم أولويات احتياجاتهم، حسب تقييم لمبادرة “REACH” بناء على بيانات المسح الإحصائي لشهر تشرين الثاني الماضي، الذي كشف أن 78% من العائلات لا تستطيع تدبر التكاليف التي يفرضها الشتاء، و54% منهم لا يستطيعون شراء الملابس خاصة.
وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) من أن نقص المساعدات الشتوية، التي لم يحصل عليها سوى 250 ألفًا خلال تشرين الثاني الماضي من أصل 1.5 مليون شخص، يقود سكان المخيمات للاعتماد على طرق تكيّف غير آمنة للحصول على الدفء، مثل إشعال النيران التي قد تسبب الحرائق في الخيام المهترئة.
وحسبما أوضحت بيانات مبادرة “REACH“، فإن أسعار المواد الأساسية التي تحتاج إليها العائلات شهريًا في شمال غربي سوريا ارتفع إلى أعلى معدلاته، ليصل إلى 107 دولارات بعد أن كان 104 دولارات قبل شهر، ويحتاج العامل العادي إلى العمل 73 يومًا لتأمين تلك التكلفة لعائلته
المصدر : عنب بلدي