موجات اللجوء والهجرة: بين الأزمات الإنسانية والبحث عن الأمان في أوروبا ولبنان
في ظل تصاعد أزمات اللجوء والهجرة، تكشف الأرقام والقصص خلف هذه الظاهرة عن رحلات بحث محفوفة بالمخاطر نحو الأمان والاستقرار. اكتشف الدوافع الإنسانية والتحديات العالمية التي تقف وراء هذا السعي المستمر.
في ظل تصاعد أعداد طالبي اللجوء والمهاجرين على نحو غير مسبوق، تبرز الأزمات الإنسانية والتحديات الاقتصادية كدوافع رئيسة تقف وراء هذه الظاهرة. خلال العام الماضي، شهد الاتحاد الأوروبي زيادة ملحوظة في عدد طلبات اللجوء، حيث تجاوزت الأعداد المليون طلب، بزيادة قدرها 100 ألف عن العام السابق، لتصل إلى 1.14 مليون طلب لجوء. سوريا، التي تعاني من حرب طاحنة، تتصدر قائمة الدول المصدرة لطالبي اللجوء، يليها الأفغان، وبشكل متزايد، الفلسطينيون، خاصة بعد تجدد النزاع في غزة.
ألمانيا تظل الوجهة الأكثر إقبالاً لطالبي اللجوء، مع تسجيل 334 ألف طلب جديد في عام واحد فقط. وعلى الرغم من هذه الأعداد القياسية، يُظهر التاريخ أن الاتحاد الأوروبي قد استقبل أعدادًا أكبر في السنوات الماضية، خاصة خلال ذروة الأزمة السورية في 2015 و2016. من المهم الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تشمل أكثر من 4.4 مليون أوكراني الذين لجأوا إلى الاتحاد الأوروبي وحصلوا على حماية مؤقتة بسبب الحرب الروسية.
من جهة أخرى، يبرز لبنان كنقطة عبور رئيسية للسوريين الراغبين في الهجرة بحثًا عن فرص عمل أو كمحطة أولى قبل تقديم طلبات اللجوء في دول أخرى. الجيش اللبناني أعلن عن إحباط عدة محاولات لتسلل مئات السوريين عبر الحدود. تأتي هذه المحاولات في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان وانهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة للبنانيين واللاجئين على حد سواء.
السوريون، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من القوى العاملة في لبنان منذ الخمسينيات، يواجهون اليوم ظروفاً اقتصادية متردية في بلادهم تدفعهم للبحث عن فرص عمل خارجها، حيث يُنظر إليهم كعمال لا يترددون في قبول أي نوع من العمل. الأزمة الاقتصادية في سوريا، إلى جانب السياسات اللبنانية التي تسعى للحد من تدفق اللاجئين، تعقد من محاولاتهم للعثور على حياة أفضل.
في الوقت نفسه، تشهد قبرص زيادة في عدد المهاجرين القادمين بالقوارب من سوريا ولبنان، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 60% في الأشهر الأخيرة من عام 2023. الحكومة القبرصية تصف نتائج جهودها لمواجهة الهجرة بأنها “مشجعة”، لكنها تواجه تحديات في ترحيل السوريين بسبب الوضع الأمني في سوريا والالتزامات الدولية.
الظروف المعيشية الصعبة، البحث عن فرص عمل، وتجنب الخدمة العسكرية الإلزامية، هي من بين الدوافع الرئيسية للهجرة من سوريا. دراسة استقصائية أجريت في دمشق كشفت عن رغبة أكثر من 63% من المستجيبين في الهجرة، مما يعكس اليأس العميق والرغبة في الفرار من الظروف القاسية في البلاد.
هذه الأزمات المتشابكة تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات والحكومات في التعامل مع تدفقات اللاجئين والمهاجرين، وتبرز الحاجة الماسة لحلول شاملة تتناول جذور الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي تدفع الناس لترك ديارهم بحثاً عن الأمان وفرص الحياة الكريمة.