مهما تقدموا في العمر.. سوريون يبحثون عن عمل في إدلب
أُحيل عبد الجبار الأحمد، البالغ من العمر 60 عامًا، إلى التقاعد عام 2011 بعد أن عمل في مؤسسة “الحبوب” بمحافظة حماة لمدة 33 عامًا، ثم صار يتقاضى راتبه التقاعدي من المصرف العقاري.
مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، انخرط أبناء عبد الجبار في المظاهرات، فتسرب إليه تهديد بالملاحقة الأمنية، له ولأبنائه، وكانت الأجهزة الأمنية حينها تعتقل موظفي الدولة الذين تدور حولهم شبهات المشاركة في أي نشاط سياسي معارض، ما جعل عبد الجبار يتوقف عن الذهاب إلى قبض راتبه التقاعدي في مدينة حماة.
عمل عبد الجبار في أرضه الزراعية الواقعة على أطراف نهر “العاصي”، وفق ما قاله لعنب بلدي، إلى أن سيطرت قوات النظام السوري على قريته سهل الغاب عام 2019، لينزح بصحبة أسرته إلى مخيمات في ريف إدلب الشمالي، تاركًا منزله وأرضه.
في إدلب، لم يكن سهلًا على الرجل الستيني أن يجد عملًا في اختصاصه، زراعة الحبوب الغذائية، فالسوق وأرباب العمل يبحثون عن أيادٍ شابة، ولا يرغبون بكبار السن في مثل هذه الأعمال.
يعيش عبد الجبار الأحمد الآن على السلة الغذائية المقدمة من المنظمات الإغاثية العاملة في الشمال السوري، وهي مصدر قوته الوحيد في المخيم الذي يسكنه، حاله كحال معظم سكان المخيم الذين نزحوا من قرى ومدن سورية مختلفة تاركين وراءهم كل شيء، وبينهم الآلاف من كبار السن والمتقاعدين. “أنا لستُ راضيًا عن هذا المصير أبدًا، اعتدتُ أن أصرف من عرق جبيني”، قال عبد الجبار.
لا فرص عمل لكبار السن
يعتبر عبد الجبار الأحمد أن الشخص الذي يمتلك صحة بدنية يجب أن يبحث دائمًا عن مكان للعمل، مهما تقدم في العمر، يستفيد منه ويفيد به مجتمعه.
“ولكن في مدينة إدلب، كل فرص العمل تذهب إلى الشباب، وهذا أمر طبيعي، ومع ذلك، على المسؤولين أن يبحثوا عن حلول لنا، كي نستطيع أن نشتغل في اختصاصاتنا”، قال عبد الجبار، رافضًا أن يكون مصير كل المسنين في دور الرعاية.
لا استجابة من الجهة المسؤولة
بموجب قانون العمل السوري رقم “17” لعام 2010، نصت المادة رقم “62” منه على أن بلوغ العامل سن الـ60 عامًا هو حالة من حالات إنهاء عقد العمل، مهما كان نوع هذا العمل، ما لم يكن العقد محدد المدة، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه هذه السن، حيث لا ينتهي العقد في هذه الحالة إلا بانقضاء مدته.
لكن بنود هذا القانون لا تطبق في مدينة إدلب شمالي سوريا، بسبب عدم وضوح القوانين التي تتبعها حكومة “الإنقاذ” العاملة في المدينة لتنظيم شؤون العمال في المنطقة.
تواصلت عنب بلدي مع حكومة “الإنقاذ” العاملة في مدينة إدلب لسؤالها عن مدى إمكانية عمل الأشخاص من كبار السن في الوظائف الحكومية المشرفة عليها، أو عن المشاريع التي قد تقوم بها من أجل توفير فرص عمل لليد العاملة من هذه الفئة، ولكن لم تجب عن الأسئلة الموجهة إليها حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
ويعاني كبار السن في مدينة إدلب من صعوبات اقتصادية وصحية واجتماعية، بسبب هجرة بعض أبنائهم إلى خارج سوريا، بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية السيئة.
المصدر : عنب بلدي