من مختلف دول العالم.. طلاب المنح التركية يساهمون بخدمة متضرري الزلازل
ساهم عدد من الطلاب الأجانب المستفيدين من برنامج المنح التركية بشكل فعال في إغاثة المتضررين وأعمال البحث والإنقاذ خلال الزلزال التي ضربت مناطق عدة جنوبي تركيا.
مساهمات الطلاب المستفيدين من المنحة التركية لم تقف عند من يواصل منهم دراسته في الجامعات التركية، بل شملت أيضاً من أنهوا دراستهم بالفعل وعادوا إلى أوطانهم.
وتقدم تركيا منحاً لطلاب من حول العالم للدراسة في مراحل تعليمية مختلفة، بدءاً من الثانوية مروراً بالجامعة وصولاً إلى الدكتوراه، في برنامج يتربع على رأس البرامج الداعمة للطلاب الدوليين البالغ عددهم حالياً أكثر من 170 ألف طالب.
وفي 6 فبراير/شباط الماضي ضرب زلزال مزدوج جنوبي تركيا وشمالي سوريا، قوة الأول 7.7 درجة، والثاني 7.6 درجة، تبعهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما أودى بحياة عشرات الآلاف إضافة إلى دمار واسع.
طلاب سنغافورة
سيافيق ماردي، 29 عاماً، مواطن من سنغافورة تخرج العام الماضي من قسم العلوم الإسلامية، ضمن برنامج المنح التركية الذي تموله الحكومة، وتديره رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى (YTB).
ماردي شارك مع زملائه في سنغافورة في جمع حزمة مساعدات غذائية وتجهيزها للشحن إلى تركيا لدعم متضرري الزلازل، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان (23 مارس/آذار الجاري).
وقال سيافيق للأناضول إنه يعمل مع أصدقائه على “تقديم تبرعات مستدامة لتكون جزءاً من أعمال إعادة الإعمار في تركيا، كما جمعوا أكثر من 20 ألف دولار في أسبوع، إضافة إلى أشياء ضرورية أخرى كالطعام والملابس”.
وأوضح أنه يشارك في العمل التطوعي لشحن المساعدات الإغاثية النقدية والعينية من سنغافورة إلى المتضررين من الزلازل في تركيا، مشيراً إلى أن “حملة التبرعات تأتي ضمن أعمال منظمة (كن رحيماً) السنغافورية”.
وتابع ماردي الذي درس بدءاً من 2013 بجامعة تشوكوروفا في ولاية أضنة (جنوب) أنهم يعملون على “مشروع طويل الأمد في التعليم وأنشطة البناء الاجتماعي”، مشيراً إلى أنه “حان الوقت الآن لرد الجميل لتركيا”.
الفلبين وماليزيا
ومن العاصمة التركية أنقرة انضم الطالب الفلبيني شيرهان عباس، 27 عاماً، إلى مجموعة طلابية لمساعدة المتضررين في منطقة الزلازل.
وسافر عباس القادم من منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم وذات الأغلبية المسلمة جنوبي الفلبين مع طلاب أجانب من ماليزيا وبانغسامورو وإندونيسيا والروهينغا إلى الولايات المتضررة من الزلازل.
وقال الطالب الفلبيني الذي يدرس ماجستير نظم المعلومات بجامعة “غازي” في أنقرة: “كلما شعرنا (في بلادنا) بالاحتياج، تكون تركيا دائماً موجودة من أجلنا”.
وأضاف للأناضول: “الأمر لا يتعلق بالدين فقط، فنحن إخوة وعلينا أن يساعد بعضنا بعضاً، ولا أعتقد أن أي شخص يمكنه رفض مساعدة هؤلاء المتضررين من الزلازل”.
وتحت قيادة منتدى الشباب الدولي في تركيا، وزع الطلاب مواد إغاثية على المتضررين من الزلازل شملت بطانيات وسلالاً غذائية وأحذية وألواحاً شمسية وسترات.
طلاب الروهينغيا
منذ وصوله إلى أنقرة ضمن برنامج المنح التركية في عام 2018 لم يتمكن أونغ نيانغ شوي، 31 عاماً، من زيارة عائلته المتضررة من اضطهاد الجيش في ميانمار لمجتمع الروهينغيا.
وقال شوي، طالب الدكتوراه في جامعة أنقرة يلدريم بايزيد، إنه “ساهم في تقديم الاحتياجات النفسية والاجتماعية للمتضررين من الزلازل، فهو حدث صادم ونحن بحاجة إلى تخفيف هذا النوع من الصدمات على عقولهم”.
وأوضح شوي، الذي عمل لمدة أربع سنوات مستشاراً نفسياً: “الأشخاص المتضررون من الزلازل يحتاجون إلى الدعم النفسي لأن بعضهم فقد والديه والبعض الآخر فقد منزله وممتلكاته”.
وأضاف: “تدعم تركيا الناس في كل مكان حول العالم، ولا سيما مجتمع الروهينغيا سواء طبياً أو تعليمياً، عبر مساعدات كانت فعالة جداً لشعبنا”، مؤكداً أن “توفير التعليم يعد كل شيء لمجتمع كمجتمعنا”.
وأشار شوي في هذا السياق، إلى الدعم المقدم من وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” وإدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، إلى مواطني الروهينغيا الذين يعيشون في بنغلاديش.
ومنذ 25 أغسطس/آب 2017 يشن الجيش في ميانمار ومليشيات بوذية حملة عسكرية ومجازر وحشية ضد مسلمي الروهينغيا في راخين، ما أسفر عن مقتل آلاف الروهينغيين ولجوء قرابة مليون منهم إلى بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة.
طلاب كشمير
أما مصيب أفضال فهو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي وخريج جديد من برنامج المنح التركية عاد أخيراً إلى وطنه في إقليم كشمير الخاضع للإدارة الهندية، ومنذ وقوع الزلازل ساهم في حملات لدعم المتضررين في تركيا.
وقال أفضال للأناضول إنه “عمل على تنظيم ومساعدة الأفراد والمنظمات في منطقة الهيمالايا لشحن مواد الإغاثة إلى تركيا”، مؤكداً أن “الناس (في كشمير) تريد أن تقف بجانب الشعب التركي ولو عبر مساهمات بسيطة”.
وللتدليل على ذلك أشار إلى واقعة مؤثرة في سريناغار عاصمة إقليم جامو وكشمير، حيث قال له أحد الباعة إنه “لا يملك نقوداً كافية ليقدمها” للمتضررين، وإن “كل ما لديه هو قبعات الأطفال”، راجياً منه إرسالها قريباً إلى تركيا.
أفضال اكتسب آلاف المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب محتواه الرقمي الذي ينشر الوعي بشأن الفرص التعليمية والثقافية وغيرها من الفرص المتاحة في تركيا.
وتحدث أفضال الذي تخرج في قسم العلوم الإسلامية بجامعة رجب طيب أردوغان عن الأوقات التي أمضاها في التطوع مع الطلاب ومنظمات المجتمع المدني بولاية ريزا التركية المطلة على البحر الأسود (شمال).
وأوضح أن “العمل مع منظمات المجتمع المدني المحلية ومجموعات الطلاب ساعده على فهم الثقافة التركية جيداً، وتكوين تواصل عميق مع السكان المحليين الأتراك ورؤية حبهم تجاه المسلمين من أجزاء أخرى من العالم”.
وأكد أن المنظمات الإنسانية التركية “موجودة دائماً من أجلنا في أي مكان من العالم”، لذا لم يكن غريباً أن “يرسل كثير من الناس الدعم العيني والنقدي” لإغاثة المتضررين في تركيا.
نيجيريا
وإلى جانب الطلاب الكشميريين شارك طالب المنحة التركية النيجيري أيوديلي أكين آدامو مع زملائه في المساعدة في تغليف وتوزيع المواد الغذائية بولاية كيليس جنوبي تركيا.
وقال أيوديلي للأناضول إن رحلته إلى ولاية كيليس ساعدته على “فهم تأثير الزلازل بشكل مباشر ومشاهدته للوضع على الأرض بنفسه”.
وأوضح الطالب الذي يدرس تخصص الهندسة المعمارية بجامعة “9 أيلول” بمدينة إزمير (غرب) أنه غادر من إزمير باتجاه كيليس بصحبة صديقه الكشميري رضوان الزمان لمساعدة المتضررين حسب استطاعته.
وانضم أيوديلي وصديقه إلى أعمال هيئة الإغاثة التركية (IHH) التي تتخذ من إسطنبول مقراً لها، وتدير أحد أكبر مراكز الإغاثة في كيليس، القريبة من الحدود مع سوريا.
وأشار إلى أن الخبرة العملية مع هيئة الإغاثة “مكنت الطلاب الدوليين من معرفة كيفية عمل المنظمة، والمساهمة في إعداد الطعام وتوفير المأوى المؤقت والملابس والمواد الأساسية الأخرى” للمتضررين من الزلزال.
طلاب عرب
ومن بين الطلاب العرب المستفيدين من برنامج المنح التركية قاد العراقي أمجد ياسر مجموعة من زملائه إلى ولايتَي قهرمان مرعش وهاطاي الأكثر تضرراً من الزلازل.
وقال ياسر للأناضول: “أسسنا منظمة طلابية في تركيا لمساعدة المتضررين من الزلازل مكونة من نحو 50 طالباً، تعمل بالتنسيق مع منظمات في العراق ترسل المواد الإغاثية وتساعد في جمع الأموال”.
وأضاف: “قدمنا تبرعات نقدية كبيرة للهلال الأحمر التركي وإلى إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، وإلى أكثر من ألف أسرة، إضافة إلى شراء نحو ألف خيمة للمتضررين من الزلازل”.
وأشار إلى أن العمل الإنساني للمجموعة جرى تنسيقه من قبل مجلس الشباب في إسطنبول التابع للاتحاد العالمي لمنظمات العالم الإسلامي غير الحكومية.