مصير “إدلب” يحدده لقاء “بوتين” “أردوغان” المرتقب
مثّل الصراع الدائر في إدلب، منذ اتفاق مارس/ آذار/مارس 2020، تحولات استراتيجية في العلاقات بين موسكو وأنقرة؛ فقد شهد عام 2020 والنصف الأول من العام 2021 تنافسا بين روسيا وتركيا، لإثبات حسن النية، في التعاون في مجالات مختلفة، يأتي في مقدمتها مواجهة “الإرهاب”، وفق تصنيف طرفي الصراع. إلا أن الكثير من مظاهر التقارب الروسي التركي حملت طابعا إعلاميا، استغل فيه الجميع التراجع الدولي لحل الملف السوري، وبالأخص روسيا التي استغلته أبشع استغلال كوسيلة لتوسيع نفوذها في المنطقة تحت شعار محاربة “الإرهاب”.
في سياق ما تدعو إليه إستراتيجية بوتين، يبدو أن هنالك ما يبرّر لأنقرة التمسك بالشراكة مع روسيا، يدلل على ذلك التصعيد العسكري الروسي والمسارات السياسية المختلفة بمعنى أن حجم العلاقات الروسية التركية أكبر من ملف إدلب، سواء في شرق الفرات حيث تحتاج أنقرة لموسكو للضغط على “وحدات الحماية الكردية” التي تشكل كما تقول أنقرة خطرا يهدد أمنها القومي، فضلا عن حجم التبادل التجاري بين الدولتين، مع إدراك تركيا بأن حجم دعم “الناتو” لها لا يقترب من الدعم العسكري الحقيقي، وما العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد سوى أداة ضغط على الجانب الروسي للجلوس على طاولة المفاوضات ورسم المستقبل السياسي في سوريا، والحدّ من النفوذ الإيراني، كما تدرك روسيا أهمية تركيا كشريك أساسي في أيّة صفقة تتناول سوريا مستقبلا، لهذا يبدو أننا أمام إسقاط خيار الحرب الروسية التركية حتى عبر الوكلاء، والذي يتجلى بالقصف الروسي اليومي على منطقة (أردوغان-بوتين) دون ردود فعل حقيقية من أنقرة سوى التذكير بالاتفاقيات المبرمة مع موسكو والدعوة للالتزام بها. فضلا عن الحفاظ على تجنب الاشتباك بينهما في مناطق التماس.
بالنتيجة: يبدو أن الخيار المتاح أمام موسكو في ظل التحولات السياسية الدولية والتطورات الميدانية في إدلب تجنبا لانزلاقات عسكرية غير مضمونة، الضغط على أنقرة للتوصل إلى صيغة توافق جديدة أقل من اتفاق “موسكو” وأكثر بقليل من اتفاقية “آضنة” وهذا مرهون بلقاء “بوتين-أردوغان” المرتقب في سوتشي أواخر شهر سبتمبر/أيلول الجاري.