مشروع استبدال العملة السورية بالتركية في إدلب.. معوّقاته وإيجابياته؟
عمر حاج أحمد
خسرت العملة السورية خلال الأيام الأخيرة ما يُقارب ثلاثة أضعاف قيمتها النقدية عمّا كانت عليه قبل شهر من الآن، وذلك بعد الانهيار المتسارع الذي شهده سوق العملة السورية، مما جعل فكرة استبدال هذه العملة بعملة أخرى قيد الدراسة الجدّية في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام أسد.
وأكّدت مصادر اقتصادية خاصة لأورينت نت أن العملة البديلة للعملة السورية في المناطق المحررة سيتم اعتمادها خلال الأسابيع القليلة القادمة، ورجّحت هذه المصادر اعتماد الليرة التركية كعملة بديلة للتداولات اليومية بينما الدولار الأمريكي سيُعتمد للتعامل التجاري الأكبر قيمةً، وذلك رغم كل المعوقات التي تواجه مشروع استبدال العملة السورية بعملة أخرى.
الشروع بالاستبدال
من جانبها، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة وبعض المؤسسات المعنيّة باستبدال القيمة النقدية لبعض المواد من الليرة السورية إلى الليرة التركية، وذلك بالتزامن مع البدء بضخ العملة التركية ذات الفئات النقدية الصغيرة الخاصة بالتداول اليومي.
وفي هذا السياق، قال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور عبد الحكيم المصري لأورينت نت: “بدأت الحكومة السورية المؤقتة بتسعير العديد من المواد الأساسية بالليرة التركية والدولار الأمريكي في مناطق شمال حلب كالقمح والخبز والمحروقات والمواد الغذائية تمهيداً لعملية استبدال العملة السورية بعملة أخرى”.
وأضاف المصري “لدينا أكثر من 74 مادة أساسية تم تسعيرها بالليرة التركية من أجل البدء باستبدال التعاملات الشرائية من الليرة السورية إلى الليرة التركية، وبحسب مؤشر التضخم الذي أجريناه فإن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية سيُحافظ على القيمة الشرائية لهذه المواد التي تم تسعيرها”.
في حين، أكّد الصرّاف وليد الدعدوع لأورينت نت أن، “الليرة التركية متوفرة بكثرة في المناطق المحررة وكذلك الدولار الأمريكي، ولكن كان ينقصنا الفئات النقدية الصغيرة كالربع ليرة والنصف والليرة الواحدة والخمس ليرات، وهذا ما تمّ توفيره وضخه مؤخراً في حلب وإدلب، وذلك للبدء بمشروع استبدال الليرة السورية بالليرة التركية للتعامل اليومي بينما الدولار الأمريكي مخصص للصفقات التجارية
المعوّقات
مشروع استبدال الليرة السورية في إدلب بعملة أخرى ليس وليد الانهيار الأخير للعملة السورية، وإنما هو مشروع مطروح على الطاولة منذ زمن ولكن بسبب المعوقات الكثيرة تمّ تأجيله مراراً.
وحول هذه المعوقات، يقول محمد بكور مسؤول نقابة الاقتصاديين السوريين الأحرار لأورينت نت، “كان لدينا الكثير من المعوقات التي حالت دون تنفيذ مشروع استبدال العملة السورية بعملة أخرى وخاصة العملة التركية، ومن بين هذه المعوقات عدم توفر الفئات النقدية الصغيرة والتي قيمة صكّها أكبر من قيمتها وهذا يحتاج لتداولات كثيرة ومراعاة جوانب عدة”.
وأضاف بكور “من بين المعوقات التي تواجهنا أيضا مرحلة سحب القطع السوري واستبداله بالقطع البديل وهي مرحلة تحتاج لوقت وجهد كبير من كافة الشرائح في المناطق المحررة، بالإضافة للانتقال إلى تسعير المواد بالعملة البديلة بدلاً من العملة السورية ومراقبة هذه التسعيرة”.
كما ذكر وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة لأورينت نت عدداً من تلك المعوقات بقوله، “لدينا في المناطق المحررة كتلة نقدية كبيرة جداً من العملة السورية، فالتخلّص من هذه الكتلة يُعتبر من أكبر المعوقات، بالإضافة للتعامل التجاري بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة نظام أسد وهذا التعامل يحتاج لوجود الليرة السورية وبالتالي لن يتم سحب كامل الكتلة النقدية من السوق”.
وتابع الوزير حديثه قائلاً: “ومن المعوقات التي تواجهنا بداية الأمر هو أجر العمال والموظفين الذين يقبضون بالليرة السورية، فعملية التصريف ستتسبب خسارة نقدية لهم، ولكن بالمجمل هذه المعوقات سهلة الحل مع مرور الزمن خاصة أن الخسائر اليومية من التعامل بالليرة السورية هو أكبر بكثير من هذه المعوقات”.
استقرار اقتصادي
وعن أهم إيجابيات مشروع استبدال العملة السورية بالعملة التركية، يقول الدكتور عبد الحكيم المصري: “مشروع استبدال العملة بات حاجة ملحّة كون إيجابياته أكبر بكثير من سلبياته، فأهم ما في هذا الاستبدال هو تحقيق الاستقرار الاقتصادي في المناطق المحررة، وبالتالي المحافظة على القوة الشرائية في المنطقة والتي تنعكس إيجاباً على البائع والمشتري”.
وبنفس الإطار، أشار بكور إلى إيجابيات مشروع استبدال العملة السورية في إدلب بقوله، “من إيجابيات استبدال العملة السورية بعملة أخرى أكثر استقراراً كالعملة التركية هو ارتفاع مستوى هامش الأمان والثقة في التعاملات التجارية، وكذلك انخفاض معدل خسائر التصريف وانخفاض مستوى الأسعار”.
واستدرك بكور قائلاً، “بالإضافة إلى ذلك، تحديد أجور العمال بعملة أكثر استقراراً، وارتفاع حجم القيمة المضافة من الأعمال في المحرر، عدا عن تنشيط الحركة التجارية وزيادة سرعة دوران العملة الجديدة في الأسواق”.
ورأى بكور أن “استبدال العملة السورية المنهارة بعملة أكثر استقراراً هي ضربة قاصمة لنظام أسد لأنها ستحرمه من فوائد سحب القطع الأجنبي الموجود في إدلب إلى مناطق سيطرته، وبالتالي فكّ ضائقته النقدية من القطع الأجنبي والاستفادة من فرق التصريف خاصةً أن عملته لا قيمة لها”.
يشار إلى أن مراكز المديرية العامة للبريد التركية المعروفة بـ” PTT”” في شمال حلب، بدأت مؤخرا بضخ كميات من العملة المعدنية من فئة الليرة، وذلك بعد عدة قرارات صادرة المجالس المحلية في المنطقة تقضي استبدال الليرة السورية بالتركية.
المصدر : اورينت نت