السوريون الفارّون من لبنان يواجهون مخاطر الاعتقال والتعذيب عند عودتهم إلى سوريا
الوضع المأساوي للعائدين السوريين: اعتقالات وانتهاكات مستمرة
أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بأن السوريين الذين يعودون إلى بلادهم بعد فرارهم من لبنان يتعرضون لمخاطر قمعية خطيرة من قبل الحكومة السورية. تشمل مخاطر عودة السوريين الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والوفاة أثناء الاحتجاز. وجاء هذا بعد تصاعد الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على لبنان منذ سبتمبر 2024، مما دفع مئات الآلاف من السوريين إلى الفرار عائدين إلى وطنهم. ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن 207 من القتلى في هذه الغارات كانوا من السوريين.
تحديات العائدين من لبنان: قصص الاعتقال والإخفاء القسري
تواجه شريحة واسعة من العائدين من لبنان، وخاصة الرجال، اعتقالات تعسفية وانتهاكات صارخة على يد السلطات السورية. وقد وثقت “هيومن رايتس ووتش” حالات اعتقال عدة خلال هذه الفترة، إلى جانب تقارير إضافية عن عشرات الاعتقالات الأخرى. كما تم تسجيل وفاة شخصين سوريين، أحدهما تم ترحيله من لبنان والآخر من تركيا في عام 2023، أثناء احتجازهما في سوريا. ورغم التوقعات بأن العفو الحكومي سيحميهم، إلا أن العديد من العائدين اختفوا قسريًا أو تعرضوا للاعتقال منذ وصولهم.
غياب الأمان وانعدام الرعاية الدولية
أعرب آدم كوغل، نائب مدير الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، عن قلقه قائلاً:
“يُجبر السوريون الفارون من العنف في لبنان على العودة إلى سوريا، حتى مع بقاء سوريا غير صالحة للعودة الآمنة أو الكريمة وفي غياب أي إصلاحات ذات مغزى لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح. الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا”.
الحملة الإنسانية ودور مفوضية اللاجئين
بين سبتمبر وأكتوبر، لجأ حوالي 440 ألف شخص إلى سوريا، غالبيتهم من السوريين، وسط استجابة إنسانية تقودها “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” و”الهلال الأحمر العربي السوري”. ورغم فتح الحدود وتخفيف الإجراءات، إلا أن كثيرين لا يزالون يعبرون بطرق غير رسمية، مما يزيد من هشاشة أوضاعهم.
شهادات مروعة من داخل سوريا
أجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلات مع عائدين وأقارب معتقلين لتوثيق معاناتهم. ومن بين القصص المؤلمة، ذكرت إحدى النساء كيف اعتقلت المخابرات السورية زوجها فور عبوره الحدود. وأكدت أن عائلتها تعيش الآن في حالة من اليأس بعد انقطاع أخباره، متمنية لو بقوا تحت القصف في لبنان بدلًا من مواجهة مصير مجهول في سوريا.
اقرأ أيضاً: استغلال اللاجئين اللبنانيين في سوريا: سرقة المساعدات وتحويل الأزمة إلى ورقة ضغط
ضغوط متزايدة وبيئة معادية
تواجه المخيمات في لبنان اكتظاظًا ونقصًا في الموارد، مما يزيد الضغط على العائدين السوريين. كما ذكرت تقارير أن بعض أصحاب العقارات اللبنانية أجبروا مستأجريهم السوريين على الإخلاء لصالح نازحين لبنانيين. وبالرغم من الوضع الصعب في لبنان، يظل السوريون مجبرين على التفكير في العودة، على الرغم من البيئة القمعية التي تلاحقهم في سوريا.
مطالب بتعزيز الحماية الدولية
تدعو “هيومن رايتس ووتش” البلدان المضيفة إلى وقف عمليات الإعادة القسرية للسوريين، حيث تظل الظروف في سوريا بعيدة عن توفير الأمان للعائدين. كما أوصت المنظمة بتقديم دعم مالي وبرامج إنسانية لدعم النازحين، مع ضرورة ضمان عدم وجود أي حوافز تدفعهم للعودة المبكرة.
ختاما
تبقى سوريا في حالة من انعدام الأمان، فيما يظل العائدون السوريون ضحايا للاعتقالات والانتهاكات المستمرة. وبينما تتفاقم مخاطر عودة السوريين والضغوط على اللاجئين في لبنان، تجد الدول المضيفة نفسها أمام مسؤولية إنسانية كبيرة لدعم هؤلاء اللاجئين وحمايتهم من مخاطر العودة القسرية.