ما الفوائد الاقتصادية من اللجوء السوري في أوروبا؟
صنفت أزمة اللاجئين السوريين على أنها أكبر أزمات اللجوء. وأصبحت أعظم أزمة إنسانية في عصرنا. حيث أجبر الملايين على ترك أماكن سكنهم وأعمالهم وأملاكهم واللجوء للعديد من الدول. وحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة عام 2021 فقد وصل عدد اللاجئين السوريين 6.6 مليون حول معظم دول العالم وقاراتها. أغلبهم في دول الجوار وبعض الدول الأوروبية.
ما أبرز أماكن انتشار اللاجئين السوريين؟
بين صيف 2015 وربيع 2016 وصل مئات آلاف اللاجئين من اليونان عبر البحر مرتحلين شمالاً. وذلك عبر ما يسمى طريق البلقان إلى شمال وغرب أوروبا وألمانيا تحديداً. على وجه التحديد تستقبل تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين 3.6 مليون. ولبنان 865000. والأردن 665000. والعراق 243000. ومصر 131000. في حين تستقبل ألمانيا 790000. والسويد 100000. وينتشر البقية في دول عدة مثل بلجيكا وهولندا… إلخ.
كيف استفادت أوروبا من اللاجئين السوريين؟
يعرف عن الشعب السوري حبه للعمل والتزامه بواجباته وارتفاع إنتاجيته وتوليه مناصب متنوعة إدارية عبر التاريخ الحديث خارج بلده. هذه الصفات الإيجابية للعمالة السورية انتقلت عبر حركة اللجوء لتصل إلى أوروبا. إلا أن مشكلة التفاعل واللغة كانت العائق الأساسي للعديد من اللاجئين السوريين في أوروبا وخاصة من أصحاب المهن.
في الحقيقة لم تكن الدول الأوروبية بحاجة إلى الأجانب من ذوي المهارة الفائقة الحاصلين على الشهادات العليا واللغات الأجنبية والمحلية. بل كانت بحاجة إلى العمالة الأقل تعليماً التي تتقن المهارات الفنية. وهذا ما بدا واضحاً في ألمانيا.
ساهم اللاجئون السوريون في سد الحاجة من الأيدي العاملة للشركات الأوروبية وخصوصاً الألمانية. حيث كانت ثلث الشركات الألمانية تبحث عن موظفين من الخارج لملء الفجوة في قوة العمل لديهم. كما أن نقص الأيدي العاملة كان كبيراً لدرجة أن وكالة التوظيف الفيدرالي تراه عائقاً رئيسياً أمام النمو المستقبلي. وتظهر المسوحات أن 80% من الشركات الألمانية كانت عازمة على تدريب وتوظيف اللاجئين الذين لم يكونوا يواجهون خطر الترحيل.
كما أن 49% من اللاجئين السوريين الذين وصلوا بين عامي 2013 و2018م يعملون حالياً إما بوظائف دوام كامل أو دوام جزئي. 55% منهم من العمالة الماهرة. و44% منهم من العمالة غير الماهرة.
عانت شركات أوروبية عديدة من نقص حادّ في الأيدي العاملة تم التخفيف منه بفضل اللاجئين السوريين. ووفقاً لدراسة أجرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية عام 2019م كان 56% من الشركات الألمانية عاجزاً عن إيجاد العمالة التي يحتاج إليها. وكان هناك نحو 207.000 شاغراً للتدريب المهني. ومن بين شواغر التدريب المهني التي شغلت كان 15% منها يعود للاجئين السوريين الذين وصلوا في 2015 و2016م.
من جهة أخرى أدى وصول اللاجئين السوريين إلى نمو الاستثمار في قطاع التعليم والتدريب في أوروبا. حيث التحق نحو 23% من اللاجئين البالغين بنظام التعليم العام. وخضع نحو الثلث منهم للتدريب المهني. وألحق 98% من أبناء اللاجئين بالمدارس. وتمكن ثلثا هؤلاء من اجتياز الامتحان النهائي. وكان 60% منهم إما في سلك العمل أو منخرطين في برنامج تعليمي ما.
كما ساهمت الأيدي العاملة من اللاجئين السوريين في تحقيق النمو الاقتصادي المستقبلي. ومنع انكماش الاقتصاد مستقبلاً في العديد من الدول الأوروبية وبشكل خاص ألمانيا. وفقاً لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الفيدرالي. فإنه بدون مزيد من المهاجرين فإن قوة العمل الألمانية التي يبلغ تعدادها حالياً 45.5 مليون موظف. ستتقلص إلى 30 مليون موظف فقط بحلول 2060. وهو ما سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد درامتيكياً. كما أن ألمانيا ستحتاج إلى 400.000 عامل سنوياً لكي تحافظ على قوتها الاقتصادية. وسيساهم اللاجئون السوريون في تأمين جزء من العمالة اللازمة مستقبلاً.
لماذا تعد تجربة اللاجئين السوريين في ألمانيا من أفضل التجارب في أوروبا؟
تعد تجربة اللاجئين السوريين في ألمانيا من أفضل التجارب في أوروبا. حيث تمكنت الحكومة الألمانية من الاستفادة من مهارات اللاجئين السوريين الفنية. إضافة إلى استقطاب العديد من المهارات المتميزة للعديد من الأطباء وأساتذة الجامعات الذين ساهموا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى الرغم من محدودية استثمارات اللاجئين السوريين في أوروبا. إلا أنه لُوحظ وجود بعض التجارب في مجال المطاعم والسياحة تعد مقبولة وفقاً لإمكانات اللاجئين الذين نزحوا خلال فترة الحرب.
في النهاية تعددت الفوائد الاقتصادية للاجئين السوريين في أوروبا. وكانت الأيدي العاملة المهنية أهم الفوائد التي تساهم في تأمين حاجة الشركات والمصانع الضرورية منها. والتي ساهمت في تحسين الواقع الاقتصادي لدول اللجوء وبشكل محدد في القطاع الخاص. كما تلعب هذه العمالة دوراً مهماً في المستقبل الاقتصادي لهذه الدول.
المصدر : ترندز للدراسات الاقتصادية