ما الذي حققته خمسون عاماً من الحكم الأسدي بعد حرب دمرت الحجر والبشر (حصري) .
دعاء عبد الرزاق
قبل خمسين عاماً في 16 نوفمبر 1970، استولى حافظ الأسد على السلطة من الفصائل المنافسة في حزب البعث الحاكم،. يمثل انقلاب الأسد الذي أطلق على نظامه الجديد اسم “الحركة التصحيحية”
وعندما خلف بشار الأسد والده حافظ في حزيران عام 2000، دخلت سوريا ناديا خاصا،عقد عليه الغرب الكثير من الآمال للقيام بإصلاحات سياسية شاملة. غير أن تفويت فرصة الإصلاح فتح الباب أمام احتجاجات وتدخلات دولية وإقليمية أخذت طابعا دمويا أودى بحياة مئات الآلاف.
كان الدفاع عن الكرسي هو هاجسا للرئيس السوري ومفتاح بقائه، معتمدا في ذلك على الدولة الأمنية التي ورثها عن والده الذي بناها بطريقة منهجية على مدى 40 سنة لحماية عائلة حاكمة متماسكة، فشقيقه الأصغر ماهر يقود قوات النخبة في الجيش، والعديد من أبناء عمومته يسيطرون على أجهزة الأمن، ورجل أعماله المقرّب رامي مخلوف الذي امتص الاقتصاد السوري، هو الذي يدير الحرب.
وهؤلاء جميعا قد عقدوا العزم على الحفاظ على النظام وعدم الاستسلام للثورة الشعبية، فانخرطوا منذ البداية في حملة قمع لا هوادة فيها، ظلت تتصاعد وتيرتها وحدتها. فبعد إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين السلميين الأوائل، قصفت المدفعية أحياء الثائرين، ثم في نهاية عام 2012، دمرت القوات الجوية مدنا بأكملها على رؤوس سكانها.
وفي عام 2013، وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وانخرط الجيش في القمع ضد شعبه تحت قيادة الضباط “الموالين”، لأن العائلة الحاكمة حشدت الأقلية العلوية التي تنحدر منها أسرة الأسد، من خلال جعلها تعتقد أن بقاءها مرهون ببقاء النظام.
الأعداد الموثقة للمتضررين من الأسد تفيد بملايين النازحين وملايين المهجرين وأكثر من مليون قتيل ومئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين.. سوريا مدمّرة عمرانياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مع انهيار لمقومات الدولة، فلا الأرض ولا الشعب ولا السلطة ولا السيادة كما يجب ولا كما يفترض ولا كما نصّت عليه الأوراق الصفراء للقانون الدولي.
بعد أن قصفوا بالقنابل الكيميائية والعنقودية والفوسفورية والفراغية بعد أن دُمرت منازلهم وأريقت دمائهم وذبح أبناءهم أصبحوا دعاة باطل وصار المجرم بطلاً قومياً مكافحاً للإرهاب في ظل صمت دولي وعربي ظالمٍ بحق السوريين المنكوبين،
لا يوجد عدّاد قادر أن يبين لنا كم الألم ولا كم الحزن ولا كم الغضب ولا كم المذلة التي سببها نظام الأسد.
إن الأسد الاب والابن قد عاثوا في الارض فسادا ،
وهذا النظام بكامل مؤسساته وأفراده وجيشه ظلم السوريين قبل الثورة، وانتقم منهم في الثورة، وإن بقي في السلطة فستتحول سوريا إلى جهنم للسوريين ، فلا سيادة للدولة السورية مع استمرار هذا النظام الذي فرّط بكل شيء بما فيها المقدسات والمحرمات.
إن بقاء الأسد يعني استمرار القمع والظلم، وضياع الحلم السوري بالحرية والعدالة ، ومع الأسد ستغيب حقوق كل السوريين المتضررين بشرياً ومادياً ومعنوياً، يعني المزيد من المعتقلين والمغيبين ،
استمرار الأسد هو دعوة لتقسيم سوريا كأرض وثروات ومقدرات،سيجرّم كل الثائرين من أجل الحرية والكرامة ،
ولا يستطيع أن يبني اقتصاداً ولا أن يقدم فرصة عمل ولا لقمة عيش، ولا يستطيع رد المظالم لأهلها لأن إنصاف السوريين مفردة غابت من سوريا منذ اغتصب هذا النظام السلطة.
حكم عائلة الأسد لسوريا مثل سرطان اجتاح سوريا ولابد أن يستأصل من جذوره ولابد ان يتم التخلص منه بشكل نهائي، معركتنا ليست مع بشار الاسد بشخصه ،بل مع نظام قتل وشرد وقهر شعب بأكمله.
آل الأسد لن يتنازلوا عن السلطة مطلقا، لا بمرحلة انتقالية ولا بانتخابات، ولا بالبكائيات التي تتضمنها البيانات بما فيها بيانات الأمم المتحدة، والسبيل الوحيد لإزالتهم هو استمرار ثورة السوريين، حتى لو تجاهلها “مجتمع الظالمين” سبع سنوات أخرى… فكما الخيارات أمام الثوار محدودة، أيضا خيارات نظام الأسد والداعمين له في ظل إصرار السوريين محدودة أيضا.
ولكن قد أقسم أحرار سوريا منذ اندلاع ثورتهم على المضي في درب الكفاح والصمود حتى تحقيق الهدف، الهدف الذي ضحى لأجله مئات الآلاف من الثائرين الذين رفعوا شعارات حفرت في قلوب السوريين وستبقى محفورة في قلوب الأجيال القادمة شعارات لن ننساها ماحينا. “هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه”، “الموت ولا المذلة”.
لم ينتصر الاسد ولن ينتصر ،الثورة السورية لا تنتهي بانتهاء منطقة أو حتى بسقوط نظام، وإنما هي ثورة إنسان من أجل الحياة ومن أجل كرامة الإنسان،هي بمثابة حلم لخلاص قريب ومحقق، هي الأمل بأن تعود سوريا لكل السوريين، وسيذكر التاريخ يومًا ما كل البطولات التي سجلها السوريون.