ما أهمية الدور التركي في تحفيز الاستثمار في الداخل السوري؟
يتصف الاقتصاد السوري بتنوع وغنى مصادره وتعددها مما يجعله عامل جذب مهم لرؤوس الأموال ودول الجوار. وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية والأمنية في مناطق الداخل السوري. إلا أن الدور التركي كان واضحاً من تحفيز بعض مفاصل الاستثمار في الداخل السوري خلال السنوات الأخيرة. والسؤال هنا: ما أهمية الدور التركي في تحفيز الاستثمار في الداخل السوري؟
ما آليات جذب المستثمرين للداخل السوري؟
يُقصد بالتحفيز تشجيع المستثمرين وجذبهم للاستثمار في الداخل السوري. وعادة ما يحتاج الاستثمار الخارجي إلى مجموعة ليست بقليلة من المحفزات لجذبه وإقناع المستثمرين بأن بيئة الاستثمار مناسبة.
تمكنت المناطق الشمالية السورية خلال الأعوام السابقة من جذب العديد من الشركات الاستثمارية المحلية والأجنبية التركية. وباتت تساهم بشكل مقبول في العمل على تأمين بنية تحتية تساعد على الاستثمار المستقبلي.
ما أهمية توفر الأمن في تحفيز الاستثمار؟
يعد عنصر الأمن من العناصر المؤثرة في القرار الاستثماري. وقد لعب الوجود التركي في الشمال السوري دوراً مهماً في تحقيق واقع أمني مقبول على الرغم من التعقيدات الكبيرة. هذا الواقع ساهم بدور كبير في تجربة التعافي المبكر التي تعد الخطوة الأولى في الاستثمار المستقبلي.
ومن جهة أخرى فإن دعم تجربة الإدارة الذاتية ساهم إلى حد مقبول بتوفير العديد من الخدمات وبتنظيم العمل في الشمال السوري. في ظل الكثافة السكانية الكبيرة وانتشار المخيمات. حيث بلغ عدد المخيمات على الشريط الحدودي مع تركيا في الشمال السوري نحو 1300مخيم. يقطنها أكثر من مليون نازح في عام 2020.
كذلك لا يمكن تجاهل التسهيلات التي ساهمت بها تركيا في تفعيل دور المنظمات وفرق العمل الإنسانية والتطوعية.. إلخ في الداخل السوري. وتشير الإحصائيات في عام 2020 بحسب منسقي استجابة لوجود أكثر من 106 منظمات تعمل في الداخل السوري. ساعدت في التقليل من معاناة 4ملايين مواطن وتوفير جو مقبول من الاستقرار رغم المعاناة الكبيرة. حيث ساعدت العديد من المنظمات في تمويل مشاريع استثمارية صغيرة.
كيف ساهمت تركيا اقتصادياً في تحفيز الاستثمار في الشمال السوري؟
تساعد البنية التحتية على جذب العديد من الاستثمارات. بناء على ذلك شهدت مناطق الشمال السوري استثمارات تركية في قطاع الكهرباء. حيث تم إنشاء محطات كهربائية وشبكات جديدة. على سبيل المثال العقد الموقع عام 2020 بين المجلس المحلي لعفرين وشركة الكهرباء التركية “ste energy”.
كما استثمرت بعض الشركات التركية في قطاع النقل من خلال صيانة الطرق المهمة من الناحية التجارية بعد أن دمرتها الحرب. وقامت بإنشاء طرق جديدة تضاف إلى شبكة المواصلات في الشمال السوري. وفي هذا الإطار تستمر أعمال إنشاء طريق سريع يمتد من معبر جوبان بيه الحدودي وحتى مركز بلدة الراعي في سوريا.
لا بد من التأكيد على أهمية المدن الصناعية التي تسعى الإدارة الذاتية لإنشائها. ومن أهمها مدينة الباب التي انتهى العمل بها في عام 2020. والتي تقع على الطريق العام الذي يوصل بين معبر الراعي الحدودي والداخل التركي.
بسبب التضخم الكبير وانخفاض قيمة الليرة السورية تم استبدال التعامل بالعملة المحلية بالليرة التركية في الشمال السوري. وهذا كان له دور جيد في توفير جو من الاستقرار النقدي الذي يشكل حافزاً من حوافز جذب الاستثمار. بالإضافة إلى سهولة تحويل الأموال بين الشمال والخارج والذي يعد عاملاً مهماً لجذب الاستثمار للشمال السوري.
كما أن نشاط قطاع الاتصالات التركية ساهم في تعزيز الاستثمار في الشمال السوري. من خلال تأمين الاتصالات الخليوية وخدمات الإنترنت ومنها شركة تركسل على سبيل المثال. بالإضافة إلى شركة إيلوكس التي تغطي خدماتها أكثر من 70% من مساحة الشمال السوري.
كما لا يمكن تجاهل الجهود التركية لتحسين الزراعة في الشمال السوري. فعلى سبيل المثال قامت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH” بإطلاق مشروع الدعم الزراعي في عدة مناطق بالشمال السوري. بهدف زراعة ما مساحته 23 ألف دونم. وتشجيع المزارعين على استثمار أراضيهم وتحقيق دخل لهم.
في النهاية على الرغم من الصعوبات الكبيرة والتعقيدات المختلفة في الشمال السوري. إلا أنه لا يمكن إغفال الدور التركي السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي لدعم الاستثمار في الداخل السوري. بداية من التعافي الاقتصادي المبكر وصولاً للمدن الصناعية. وتهيئة بنية تحتية خدمية جيدة لتكون عامل استثمار مستقبلي للمنطقة.
المصدر : ترندز للدراسات الاقتصادية