مقالات

ماذا يعني أن يكون الطالب مستنفذاً منذ الصف الأول؟

ريم زيدان

قد لا يبدو غريباً في الآونة الأخيرة أن نرى طفلا بعمر العشر سنوات في الصف الأول ، أو طفلة بعمر الثانية عشرة  في الصف الثاني ، فيتبادر إلى الذهن مباشرة السؤال التالي :” أين استنفذ هؤلاء الأطفال سنواتهم الأولى؟

وخاصة بعد أن أصبحت ظاهرة منتشرة على نطاق واسع، استوجب أن نقف عندها قليلاً.

يعتبر التأخر الدراسي واحدة من أهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع أثناء الأزمات والحروب، إذ يستنفذ الطالب سنواته الأولى المخصصة لتأسيس مخزونه الذهني ، ووضع أولى أحجار بنائه خارج إطار المدرسة، ويعاني منها الطالب والآباء والمدرسون أيضا.

في هذا الصدد جعل برنامج إدارة الحالة في منظومة وطن هذه الحالات في مقدمة اهتماماته وقد أولى أهمية كبيرة للطلاب المنقطعين عن الدراسة وفق خطة تهدف إلى مساعدتهم على تجاوز أهم الصعوبات التي تواجههم.

تأخذ هذه المشكلة  أبعادا كثيرة وأهمها :
الأبعاد النفسية والتربوية، وفي بعض الأحيان أبعاد صحية وتعليمية.

غالبا ما يظهر الأطفال الذين يتأخرون لعام أو أكثر عن الالتحاق بالمدارس أداء سيئا في الاختبارات المدرسية ، وذلك بسبب عدة عوامل أهمها حدوث فجوة في الوقت المخصص للحصول على أكبر كم من المعلومات لدماغ الطفل ما يؤدي إلى  إضعاف وإخفاض المستوى الطبيعي للتركيز والإستجابة للمعلومات .

وفي الوقت الذي يرى بعض الخبراء أن تأخر الأطفال في الالتحاق بالمدرسة ولو لسنة واحدة يعود عليهم ببعض الفوائد إلا أن التجارب أظهرت عكس ذلك استناداً إلى تحليل أسباب التأخر الدراسي أولاً، والتي منها :
•    أسباب اجتماعية: فقد تكون الخلافات العائلية أحد أهم أسباب تأخر الطفل عن الأعوام الأولى في المدرسة ، أو قد يتسبب بإهمال أو كره للدراسة ، وتسيب عام تجاه جميع الاهتمامات الطبيعية التي تأخذ مجراها الطبيعي لدى الأطفال في الأوساط الاجتماعية السوية.

•    أسباب صحية: قد يعاني الطفل من تأخر عقلي أو تأخر في النطق بما في ذلك ضعف البصر أو السمع، ويرى العديد من المربين أنه لا فائدة للمدرسة في هذا الأمر ، ويلجأ العديد منهم إلى حرمان الطفل من المدرسة بهذه الذريعة.

•    أسباب ثقافية : مثل إهمال تسجيل الطفل إلى عمر متأخر أو إشغال الأطفال بالعمل بدلا من الدراسة بدواعي الأولويات لديهم .

•     أسباب تعليمية : وهي الأهم، فإن تراجع مستوى التعليم أثناء الحروب يولد ردة فعل من عدم الثقة في جدوى وفاعلية المدارس ، وإن تقصير العديد من المعلمين جراء أسباب مختلفة قد تتراوح ما بين أسباب قاهرة تسببها الأزمات ، وبين أسباب تعود إلى المعلم ذاته فقد لا يملك الكفاءة أو الخبرة الكافية في أساليب التعليم، وينتج عن هذا كله نظرة شمولية تتولد لدى شرائح مختلفة من المجتمع القابع تحت تأثير الضغوطات اليومية والمتغيرة.

•    أسباب اقتصادية: من المعروف أن الفقر هو أولى كوارث الحروب، وأن انعدام قدرة فئة كبيرة جدا من المجتمع عن تحمل تكاليف  الدراسة قد يدفع بهم إلى التخلي عن التعليم لسنوات عديدة.
•    أسباب تتعلق بالأمن والسلامة: فإن المناطق الأكثر عرضة للنزاعات المسلحة ، تشهد انقطاعاً تاماً للأطفال عن السنين الأولى والتي قد تصل في بعض الأحيان لسنوات التعليم الأساسي الإعدادي.

•    جراء هذا كله كان لا بد أن تضع منظومة وطن الهادفة إلى إحداث تغييرات جذرية طارئة لإنقاذ التعليم برنامج إدارة الحالات والدعم النفسي بخدمة إعادة وضع هؤلاء الطلاب ضمن أولويات الخطة الهادفة إلى ترميم أكبر قدر ممكن من هذه الفجوة لدى ” الطالب المستنفذ” وذلك عبر برنامج الدعم النفسي الرديف من خلال عدة نقاط :

•    إقامة علاقة جيدة وقوية بين الطفل والوالدين  وإقامة أجواء من الألفة، ودعم الطفل وتشجيعه، والتركيز على التعزيز الإيجابي الهادف.

•    معرفة أسباب التأخر ومعالجة كل منها بطريقة مختلفة بحسب درجة خطورتها وتأثيرها على الطفل .

•    مراعاة الدوافع المختلفة للطلبة المتأخرين عن الالتحاق بالتعليم ، والعمل على اتباع معالجتها لتجنب الشعور بالفشل والدونية..

•    إيلاء قدر كبير من الاهتمام بالأنشطة الذهنية المتعلقة بتنشيط الذاكرة وألعاب الذكاء وأنشطة تحفيز الإبداع في جو وبيئة صديقة للطفل.

•    مراعاة المراجعة دوما والتواصل والمتابعة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى