ليبيا… الحرب تفاقم عمالة الأطفال
لجأت بعض العائلات الليبية إلى تشغيل أطفالها في بعض المهن لتوفير موارد مالية بهدف مواجهة الظروف المعيشة الصعبة الناجمة عن استمرار المعارك في طرابلس وعدة مدن أخرى بين قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ومنذ اندلاع المعارك في الرابع من شهر إبريل/ نيسان الماضي، نزحت آلاف العائلات من جنوب العاصمة الليبية طرابلس إلى مناطق أكثر أمناً، تاركة كافة أملاكها وأراضيها، بسبب الحرب.
ويقول محمد الأشهب، نازح من منطقة عين زارة ويسكن في إحدى المدارس لـ”العربي الجديد” إن ظروفه المعيشية في غاية الصعوبة، لذلك قام بتشغيل أطفاله في بعض المهن، مشيراً إلى أن أحدهم دون العشر سنوات يقوم ببيع التمور، وآخر يقوم بمساعدته في بيع الخضروات قبالة أحد المساجد.
وأضاف الأشهب أنه يسعى في جمع مبلغ مالي لكي يقوم بإيجار وحدة سكنية بدلاً من الإقامة المشتركة مع نازحين آخرين في مدرسة.
وفي محطة سيارات النقل العامة (الأفيكوا) يقوم طفل بالعمل مع أحد أقاربه بتجميع الأموال من الركاب. وقال السائق محمد الترهوني لـ”العربي الجديد” إن أسرة الطفل نازحة وطلبوا مني تشغيل الطفل من أجل توفير مبلغ مالي لهم، مشيراً إلى أن شهر رمضان عطلة مدرسية للتلاميذ.
وأمام مخبز “بن عاشور” في وسط العاصمة يجلس طفلان لبيع أرغفة الخبز البلدي، وقالا لـ”العربي الجديد” إنهما من أسر نازحة ويعملان يومياً من أجل المساهمة في مصاريف البيت، وأضاف الطفلان: “والدنا يقف في طوابير المصارف من أول شهر رمضان ولم يتحصل على شيء حتى الآن”.
وفي منطقة جنزور غرب طرابلس يقف طفل بجوار العمارات ليبيع بعض السلع، وقال لـ”العربي الجديد”: إن منزلنا تحطم في منطقة خلة الفرجان وأنه يعمل من أجل توفير إيجار شقة صغيرة يسكن فيها هو وإخوته بمنطقة انجيلة، موضحاً أنه يحصل يومياً على 20 ديناراً (الدولار = 1.39 دينار) مقابل هذا العمل المؤقت.
ويعيش النازح الليبي وضعاً إنسانياً صعباً للغاية، إذ قال الباحث الاقتصادي بشير الصلح لـ”العربي الجديد” إن ضعف الدولة جعل الناس تشغل أطفالها بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة ولاسيما مع نزوح العائلات في جنوب العاصمة طرابلس، رغم أن القانون يجرم تشغيل الأطفال دون السن القانونية، موضحاً أن حالات الفقر في ليبيا بدأت في التفاقم مع استمرار الصراعات المسلحة.
وتشهد ليبيا الغنية بالنفط زيادة في البطالة والفقر مع تصاعد الاضطرابات الأمنية وتراجع الإيرادات المالية وتدهور الأوضاع الاقتصادية. وتعتمد البلاد على النفط في توفير 95% من إيراداتها المالية، حسب تقارير رسمية.
وأشار الصلح إلى وجود مفارقة عجيبة في إدارة أزمة النازحين، فالدولة وفي أعقاب الثورة، كانت توفر لهم ثمن الإيجارات، وتمنحهم مساعدات مالية، ولكن في عام 2019 اختلف الأمر فلم نعد نسمع بأي اهتمام حكومي لمساعدة النازحين، ولم تسع حتى إلى حصر أعدادهم.
وأكد أن عمالة الأطفال ظاهرة غالباً ما ترتفع حدتها في ظل النزاع المسلح، وليبيا تعيش اليوم وضعاً اقتصادياً صعباً ساهم في تفاقم الظاهرة.
إلى ذلك، طالب مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في ليبيا، وبصورة عاجلة، الحصول على 5.5 ملايين دولار ليتمكن من مواصلة الاستجابة العاجلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المتضررين بالنزاع في طرابلس وغرب ليبيا.
وأشارت المنظمة في منشور عبر صفحتها على “فيسبوك” إلى أنّ احتياجاتها العاجلة تأتي بسبب وجود عجز يصل إلى 4.78 ملايين دولار، بالإضافة إلى الاحتياجات الإنسانية الطارئة في البلد.
وقال عبد الرحمن غندور، الممثل الخاص لليونيسف في ليبيا عبر تصريحات صحافية: “حتى الآن نزح أكثر من 60 ألف شخص، بينهم الآلاف من الأطفال”.
ويمثل نقل الإمدادات جواً من قِبل اليونيسف جزءاً من جهود الاستجابة السريعة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لما يقارب 575 من الأسر المتضررة من النزاع، والأسر النازحة مع أطفالها والذين يقيمون موقتاً في مراكز الإيواء التي أنشأتها لجنة الأزمة في طرابلس.
2019-05-16
المصدر: العربي الجديد