لماذا الحياة في إدلب أفضل من سواها من مناطق الشمال السوري المحرر ..؟
يجمع الكثير من السوريين الذين يتنقلون بين مناطق الشمال السوري المحرر ، على أن محافظة إدلب ، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابيا ، هي أفضل بدرجات كثيرة ، مقارنة بباقي المناطق التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني ، وغيرها من الفصائل العسكرية ، وذلك من عدة نواحي ، بينها الظروف الأمنية ، والتنظيم الإداري ، بالإضافة إلى الحياة المعاشية التي تعتبر أكثر رخصا في إدلب بالنسبة لباقي المناطق المحرر .
وفي البحث عن أسباب هذا التفاوت بين إدلب وسواها من مناطق الشمال المحرر ، يقول أحد الأطباء العاملين في تلك المنطقة في تصريحات خاصة لـ “قاسيون” ، إن حكومة الإنقاذ التي تقود إدلب ، تحاول أن تمارس دور الدولة ، عبر مؤسسات مدنية ، بعيدا عن الفصائلية العسكرية ، وبدون تدخل واضح منها ، وهو ما جعلها تسيطر على الوضع بشكل أفضل وتنظم الحياة المدنية والمعاشية للناس ، وفق قوانين واضحة وعادلة إلى حد ما ..
وأضاف هذا الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ، أنك على سبيل المثال إذا كنت تقود سيارة عليه نمرة اعزاز أو عفرين ، فإنك تستطيع أن تتجول فيها داخل كل مناطق محافظة إدلب ، بينما العكس ليس صحيح ، لأن الفصائل الكثيرة التي تتحكم في تلك المناطق ، كل منها يضع قوانين وشروط خاصة به ، الأمر الذي يعوق حسب رأيه من حركة الناس وأصحاب المصالح ، وبينهم الأطباء ، الذي يجدون صعوبة في زيارة مرضاهم في مناطق سيطرة الجيش الوطني .
كما يقول هذا الطبيب ، أن فوضى الأسعار في مناطق عفرين واعزاز والباب وغيرها ، لن تجدها في مناطق إدلب ، التي يتواجد فيها جهاز رقابي صارم يمنع التجار من العشوائية في التسعير .. بما في ذلك آجار البيوت والمحال التجارية وغيرها ، والتي تخضع لنظام ثابت ورحيم حسب قوله ، يراعي الحالة الاقتصادية للناس ، وبالذات المهجرين .
ويرى أن المشكلة التي تعاني منها مناطق سيطرة الجيش الوطني ، ترجع في كثير منها لسيطرة الحالة العسكرية ، والفصائل على شتى مناحي حياة الناس وهناك وتدخلهم في كل كبيرة وصغيرة .. بما في ذلك ممارستهم لأعمال البلطجة والتشليح على الحواجز ، وأخذ الأتاوات من الناس والتجار وأصحاب المصالح ، وبصورة لا تختلف كثيرا عما كان ولازال يمارسه النظام ، وهو ما يضر حسب رأيه على الحالة الأمنية ، إذ أن تلك المناطق تشهد الكثير من التفجيرات ، وهو يعود كما يقول إلى أن اهتمام تلك الفصائل بجمع الأموال ، جعل من السهل اختراقها عبر الفساد والرشاوي ، وبالتالي ، أدى إلى ما نشاهده اليوم ، من توتر ، أمني حيث قليما يمضي يوم دون حدوث انفجار هناك أو هناك ، يودي بحياة عدد من المدنيين ..
ويشير هذا الطبيب ، إلى أن أفضل طريقة لعودة الأمن إلى تلك المناطق ، هو من خلال رفع سلطة العسكر عنها ، وإبعاد حواجزهم إلى خارج المدن ، والتخفيف منها ما أمكن ، مع وضع رقابة عليهم ، بحيث لا يحاولون استغلال المارين على تلك الحواجز ، وإنما القيام بالمهام الموكلة إليهم ، وهي حفظ الأمن فقط ، وليس ممارسة التسلط على الناس .
ويتابع ، أن هذا الأمر يجب أن يكون من مسؤولية الإئتلاف والحكومة المؤقتة ، التي يجب أن تتولى إدارة تلك المناطق بشكل جدي ، وتبعد الفصائل عن الشوارع داخل المدن ، إلى خارجها ، ثم وضع إدارة مدنية تكون تلك الفصائل في خدمتها وهي من تحمي عملها ، وليس العكس .
وفي الختام ، رأى هذا الطبيب ، أن المناطق المحرر يجب أن تكون مثالا يحتذى في الإدارة والتنظيم ، من أجل تشجيع السوريين في الخارج على العودة إليها والعمل فيها ، لكنه يرى أنه ضمن الظروف الحالية ، فإنه من الصعب ، تستقر تلك المناطق ، ومن الصعب أن يفكر المرء في الاستقرار فيها ، وخصوصا أبناء المناطق المهجرة ، لأنه يتم التعامل معهم كغرباء ، أو كفرصة لاستغلال حاجتهم ، إلى كل شيء .. وبالذات المسكن والعمل
المصدر : قاسيون