لاجئ سوري تسبب نظام الأسد بإعاقته وساعده بلجيكيون بالوصول إلى بلدهم
أثمرت جهود منظمة بلجيكية في إيصال عائلة سورية إلى بلجيكا بعد أن عاشوا أكثر من عامين في أحد مخيمات اللاجئين في اليونان عانوا خلالهما من الأوضاع اللاإنسانية هناك، خصوصاً أن رب العائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي التفاصيل، تمكن ناشطون من مساعدة عائلة اللاجئ السوري خالد العفاط لبدء حياة جديدة في بلجيكا، بحسب ما ذكرت مجلة MO البلجيكية الناطقة بالهولندي في تقرير لها.
خالد، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان يقيم في مخيم مافروفوني اليوناني، “ولم يكن قادراً على الاستحمام أو الذهاب إلى المرحاض بمفرده”.
قبل أسابيع، أمر خالد بمغادرة مخيم “كارا تيبي” اليوناني، الذي كان مجهزاً بشكل خاص لدعم طالبي اللجوء من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى مخيم بعيد عن أنظار السكان المحليين ووسائل الإعلام، يطلق عليه اسم مافروفوني.
ووصل الأب خالد وزوجته نشمية، مع طفليهما خديجة وراضي، إلى محافظة زافينتيم البلجيكية قبل عدة أيام، بحسب ما ذكرت المجلة الهولندية التي نقلت عن الأب قوله: “أعتقد أنه سيكون لدينا حياة أفضل هنا. تبدو بلجيكا بلد جميل جداً بالنسبة لي”.
ووفقاً للمجلة، فإن منظمة “مجموعة استقبال اللاجئين” في مدينة هيرينت هي التي ساعدت العائلة السورية في الوصول إلى بلجيكا بعد أن قرأوا قصتهم في مجلة “MO” وتأثروا بالوضع المزري للأسرة، ومنذ ذلك الحين، قاموا بكل ما في وسعهم لتوفير مأوى آمن للعائلة في بلجيكا.
ترحيب حار
استقبلت المنظمة العائلة السورية في منزل الناشطين المتطوعين مارسيل ولييف، حيث سيقضون الفترة القادمة في غرفة منفصلة إلى أن يجدوا منزلاً مناسباً يمكّن خالد من العيش براحة بما يتناسب مع كرسيه المتحرك.
وتقول العائلة إن الاستقبال كان دافئاً وحميمياً، “لقد تم الترحيب بنا من قبل أعضاء مجموعة الاستقبال. كان مارسيل ينتظرنا في المطار وعندما وصلنا إلى منزله كان هناك حفلة ترحيب صغيرة (..) إن ترحيبهم بنا أسعدنا جداً”.
وأضافت المجلة أن ناشطين يدعيان فابيولا فيلاسكيز وسهراب شيرزاد قدما مع الأسرة لمتابعة أمورهم وتوجيههم في بلجيكا لفترة من الوقت قبل أن يعودوا إلى ليسفوس في اليونان.
وأشارت إلى أن العائلة السورية “مدينة” لناشطَين، ففيلاسكيز هو مؤسس منظمة “Earth Medicine” وهي منظمة غير ربحية تضم عدداً من المعالجين الفيزيائيين، في حين تعمل شيرزاد في المنظمة كمترجمة.
وتقدم المنظمة علاجات إعادة التأهيل البدني والصحي للاجئين في ليسفوس، وعمل فيلاسكيز اختصاصي علاج طبيعي مع خالد في كارا تيبي لمدة عام ونصف.
يقول اختصاصي العلاج الطبيعي بأن حقيقة وجود الأسرة الآن في بلجيكا مصدر ارتياح كبير له، ويضيف: “بصفتنا عمال إغاثة، نتشارك جميعاً في الأمل نفسه: أن يكبر الأطفال في بلد تتوافر فيه الفرص وأن يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة. نحن نفعل هذا ليس فقط من أجل الآباء، ولكن أيضاً من أجل الأطفال”.
فيلاسكيز وشيرزاد ساعدا العائلة في الحصول على تأشيرة دخول إلى بلجيكا، يقول فيلاسكيز: ” رُفض لجوؤهم في اليونان 3 مرات. لذلك قررت الإعلان عن وضعهم على أمل الحصول على دعم من الخارج”.
ويضيف “لذلك تواصلت مع الصحفيين ونشرت قصتهم في وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك MO”.
وعرضت منظمة استقبال اللاجئين في هيرنت الأمر على وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة، سامي مهدي، الذي منح الأسرة تأشيرة إقامة طويلة، ويقول خالد بامتنان: “لولا مساعدة فيلاسكيز ومجموعة الاستقبال، لكنا ما زلنا عالقين في اليونان”.
وبحسب تقرير المجلة البلجيكية فإنه لا يزال هناك كثير مما يجب ترتيبه للعائلة، فعلى سبيل المثال، سيتعين على منظمة “استقبال اللاجئين” البحث عن منزل يناسب خالد كونه على كراسي متحرك، ونظراً لأن منظمة “Oostrem” غير الربحية في هيرنت مستعدة لتقديم التوجيه الطبي والعلاج الطبيعي لخالد، فإنهم يبحثون عن منزل في الجوار.
قصف الأسد أدى لإعاقته
خالد (33 عاماً) أصيب في غارة لجيش نظام الأسد عام 2012 بعد أن سقطت قنبلة على منزله وقتلت شقيقه وأصيب هو في المخ، ما أدى إلى إصابته بشلل في الساقين والذراع الأيمن، ونتيجة لذلك هو الآن على كرسي متحرك.
ونشأ خالد في دير الزور شرقي سوريا، درس الهندسة وتوظّف قبل اندلاع الثورة في عام 2011، يقول خالد “هربت إلى إدلب في عام 2012 وكان المكان آمناً هناك في ذلك الوقت، التقيت بزوجتي نشمية عام 2018، وفي العام التالي أنجبت طفلة (خديجة) وأخبرني الأصدقاء عن رحلة إلى أوروبا حيث ستتم مساعدتي هناك”، ويضيف “حاولنا أربع مرات عبور الحدود إلى تركيا.. نجحنا في المرة الخامسة”.
“لأنني لا أستطيع المشي بمفردي، كان على أربعة من أصدقائي أن يحملوني، لقد كانت تجربة جهنميّة، كانت الرحلة أيضاً صعبة للغاية. كانت ابنتنا خديجة تبلغ من العمر 20 يوماً بالكاد في ذلك الوقت، مجرد طفلة”.
في كانون الأول 2019، وصلت العائلة أخيراً إلى جزيرة ليسبوس، وبعد عدة أيام سُمح لهم بالذهاب إلى مخيم كارا تيبي في ليسبوس، يقول خالد: “كانت الحياة جيدة نسبياً هناك (..) تم إنشاء المخيم خصيصاً للعائلات المستضعفة وقضينا هناك ما يقرب من عام ونصف”، مضيفاً: “كانت الأرض في كارا تيبي مسطحة مما سهل علي التحرك على الكرسي”.
يقول فيلاسكيز أيضاً إن “هذا المعسكر كان مجهزاً جيداً، وتمكنت من مساعدة العديد من اللاجئين ذوي الإعاقة. كما أن الحياة المجتمعية النشطة التي كانت موجودة هناك كانت مصدر دعم للعديد من الأسر المستضعفة”.
وتابع: “كانوا يعيشون على مقربة من بعضهم البعض. أمهات فقدن أزواجهن في الحرب أو على الطريق، وذوي الاحتياجات الخاصة، وما إلى ذلك. تم إنشاء مجتمع متماسك، ساعد الناس بعضهم البعض، وكان الأطفال يستطيعون الذهاب إلى المدرسة وكانت هناك مرافق لائقة لهؤلاء الأشخاص””.
وضع كارثي
كان الانتقال القسري إلى مافروفوني “كارثياً” لخالد وعائلته حيث تحطم كرسي خالد المتحرك بعد شهر، بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن فيلاسكيز من إعادة فتح عيادته في مافروفوني وانتقل مقره إلى مدينة ميتيليني.
وظلت العيادة ملتزمة بمعالجة أكبر عدد ممكن من اللاجئين ذوي الإعاقة، “هناك أشخاص في المخيم يعانون من أمراض مختلفة: إصابات الحبل الشوكي، والكسور، وآلام الظهر، وما إلى ذلك. علينا مساعدتهم”، بحسب فيلاسكيز.
ويضيف أن الحياة الاجتماعية التي عرفوها من كارا تيبي كانت غائبة في مافروفوني: “الجميع متعب. لا أحد يريد أن يفعل أي شيء. إنه مكان قبيح للغاية. عندما يأتي شخص مهم، مثل البابا، يتم تجديد المعسكر، لكن هذا ليس الواقع اليومي”.
وبحسب تقرير المجلة فإن تربية الأطفال في مخيم مثل مافروفوني كانت تحدياً كبيراً، ووُلد الابن الأصغر راضي في مستشفى مجاور في ميتيليني.
وبحسب فيلاسكيز: “كانت نشمية قد تعرضت لحمل صعب وولد الطفل يعاني من مشكلات في الجهاز التنفسي واضطروا إلى نقله بطائرة هليكوبتر إلى مستشفى في أثينا حيث تلقى مزيداً من الرعاية. لكن لم يُسمح للوالدين بالانضمام إليه واضطروا إلى العودة إلى المخيم، لمدة شهر، لم تسمع الأسرة شيئاً عن طفلها”، ويضيف “لست متأكداً مما إذا كان هذا قانونياً”.
عندما سُمح لراضي بالعودة إلى المخيم، “لم تنته المشكلات وكان يعاني باستمرار من ارتفاع في درجة الحرارة بسبب سوء النظافة والغبار في المخيم”، وفقاً لفيلاسكيز.
حياة جديدة
الآن تأمل عائلة خالد في بدء حياة جديدة في بلجيكا، يقول خالد: “بعد قضاء عامين وأسبوعين في مخيم للاجئين، من الواضح أننا مرتاحون جداً لوجودنا في بلجيكا، كنت أنا وزوجتي سعداء للغاية عندما هبطنا في زافينتيم. أعتقد أنه سيكون لدينا حياة أفضل هنا”.
ويتابع : “حتى لو انتهت الحرب في سوريا، لا أعتقد أننا سنعود. سوف يستغرق الأمر سنيناً لإعادة بناء البلاد. كانت حياتي في مخيم اللاجئين أفضل من حياتي في سوريا. من المستحيل العيش هناك. أفضل أن أكون ميتاً على أن أكون حياً في سوريا”