التحقيقات

كيف استغل نظام أسد العملية التعليمية لصالحه داخلياً وخارجياً؟

عمر حاج احمد

يعمل نظام أسد على استغلال العملية التعليمية والتربوية في سوريا لصالحه على كافة الصّعد، ودائماً ما كان يُروّج نفسه على أنه المسؤول الأول عن سير العملية التعليمية والضامن لها رغم كل التجاوزات التي تدلّ عكس ذلك، وبالتالي تمكّن هذا النظام من تحويل العملية التربوية إلى مطيّة مكّنته من الحصول على مكاسب داخلية وخارجية منها اقتصادية وأخرى اجتماعية ودولية.

وتُشير بعض التقارير الأممية إلى أن أكثر من 40% من مدارس سوريا باتت مدمّرة وغير صالحة للعملية التعليمية، بالإضافة إلى أن ما يُقارب المليونيّ طفل بحاجة لهذه المدارس والحصول على حقّه بالتعليم، ومع ذلك ما تزال الأمم المتحدة تتعامل مع نظام أسد الذي استغلّ ملف التعليم من أجل تحقيق بعض المكاسب الخاصة به.

توفير الدعم الأممي
مؤخراً، أصدر منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا بياناً مشتركاً، دعا من خلاله كافة الأطراف السورية وخاصة المعارضة السماح للطلاب بالسفر نحو مناطق سيطرة نظام أسد والالتحاق بالامتحانات الدراسية الخاصة به، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وحول استغلال نظام أسد للعملية التربوية والتعليمية, تقول وزيرة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتورة هدى العبسي لأورينت نت: “تزامناً مع ظهور صور قيصر التي أثبتت للعالم أجمع مدى إجرام نظام أسد، عمل الأخير كعادته على إظهار نفسه بأنه المهتمّ الوحيد بمستقبل السوريين عبر ضمان العملية التعليمية في مناطق سيطرته وحتى خارجها، ولهذا استغلّ نظام أسد ومعه الروس عملية تجميع عشرات الطلاب في المناطق الخارجة عن سيطرته، وناشد الأمم المتحدة للسماح لهم بالخروج لمناطقه وتقديم الامتحانات لديه، رغم أن سجونه مليئة بالطلاب المعتقلين سابقاً وبعضهم تسرّبت صورهم بملفات قيصر”.

وتتابع الوزيرة حديثها “تمكّن نظام أسد من الالتفاف على العقوبات الدولية عبر ملف التعليم، ومن هذا الملف استطاع جلب الدعم المالي من الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وذلك بحجة الدعم الإنساني على أنه الضامن الأول لاستمرارية العملية التربوية في سوريا، ونجح بذلك محققاً مكاسب اقتصادية كبيرة موفرةً له الدعم المالي”.

وهذا ما أكّده مدير تربية إدلب الحرة، الأستاذ حسن الشوا لأورينت نت بقوله: “تفاجأنا ببيان الأمم المتحدة الداعم والمؤيد لنظام أسد فيما يخصّ عشرات الطلاب الراغبين بتقديم الامتحانات عند نظام أسد، فأين كانت الأمم المتحدة عند فصل مئات المدرّسين من قبل نظام أسد وعند تدمير أكثر من 150 مدرسة في إدلب خلال عام واحد، لكن إعلام نظام الأسد كذب على الأمم المتحدة وأوهمها بالعدد الخيالي الراغب بتقديم الامتحانات لديه من المناطق المحررة والذي قدّره بأكثر من 23000 طالب رغم أنهم عشرات فقط”.

وأشار الشوا إلى أن “الأمم المتحدة بسبب دعمها لملف التعليم عند نظام أسد واستغلال النظام لهذا الدعم، حرمت في إدلب أكثر من 350 ألف طالب من التعليم بسبب توقف الدعم عن المدرّسين، بالمقابل نسمع عن ملايين الدولارات التي اختلسها وزير تربية نظام أسد العام الماضي من الدعم الأممي المقدم لهم”.

وفي نفس السياق، قال رئيس دائرة الامتحانات في إدلب، علي قسوم: “استغلت تربية نظام أسد الدعم الأممي المقدم لها وذلك من خلال تقبيض رواتب موظفيها ما يقارب 50 ألف ليرة سورية أي بحدود 20 دولارا أمريكيا في الشهر، بينما يستلم نظام أسد من الأمم المتحدة عن هؤلاء المدرسين أكثر من 300 دولار، وبالتالي براتب كل مدرّس يقبضه من الأمم المتحدة يستطيع دفع رواتب 15 موظفاً آخر, عدا عن عمليات السرقة والاختلاس من هذا الدعم الأممي”.

تزوير الحقائق
ووفق القسوم، فإن نظام أسد استغلّ ملف التربية والتعليم لتشويه الحقائق وترسيخ أسس الفساد وتسخير كل الإمكانيات لبناء سوريا الأسد بدلاً من سوريا الدولة، وأضاف “في دول المؤسسات نجد أن السياسة العامة للدولة تهدف لبناء الإنسان السليم للوصول إلى مجتمع متماسك أخلاقياً وتعليمياً واجتماعياً، إلا في سوريا السياسة التعليمية والتربوية هي لخدمة الأسد وعصبته، فشوّهت الحقائق التاريخية والعلمية ومجّدت بالأسد وزمرته، وتحولت المدارس من مركز إشعاع وعلم إلى مركز كتابة تقارير ومفارز أمن”.

فيما اعتبر مدير تربية إدلب، حسن الشوا، أن نظام أسد كذب على المجتمع الدولي والمجتمع السوري وزوّر الحقائق في العملية التعليمية، موضحاً “نظام الأسد الذي يدّعي ضمانه للعملية التعليمية في سوريا هو الذي حوّل المدارس لمعتقلات واعتقل مدرّسيها وما زال الكثير منهم في السجون، وهو الذي دمّر آلاف المدارس وبسببه تسرّب أكثر من 50 % من طلاب المحرر بسبب القصف والنزوح وعدم توفّر مقومات التعليم الأساسية خلال العام الماضي فقط”.

واعتبر الشوا أن نظام أسد أوهم البعض أن التعليم عنده مُصان ومضمون، محاولاً تفكيك النسيج الاجتماعي في المنطقة، ولكن بحسب الشوا فالتعليم في إدلب لا يقلّ عن التعليم بمناطق سيطرة نظام أسد وإنما يفوقه، منوهاً إلى أن “أكثر من 50 ألف طالب ثانوي حصلوا على الشهادة الثانوية في إدلب خلال الأعوام الأخيرة، وأكثر من 80 ألف طالب حصلوا على الشهادة الإعدادية, وما رفض التربية الحرة لخروج عشرات الطلاب من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة نظام أسد إلا خوفاً عليهم من الاعتقال والابتزاز أو الإصابة بفيروس كورونا, وليس كما ادّعى نظام أسد خالقاً الشرخ بين مكونات المجتمع السوري”.

المصدر : أورينت نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى