كرة القدم في إدلب.. نهضة ملحوظة لقطاع يعاني الصعوبات
دارت عجلة الرياضة مجدداً في إدلب، بعد إطلاق بطولة “كأس سوريا” من قبل مديرية الرياضة والشباب المتمثلة بالاتحاد السوري لكرة القدم، وبرعاية تلفزيون سوريا، بعد انقطاع دام نحو سنة ونصف، بسبب تردي الوضع الأمني وهجمات النظام وروسيا على منطقة شمال غربي سوريا واستهداف المنشآت الرياضية بشكل مباشر.
ويشارك في البطولة 38 نادياً من الأندية المعتمدة في إدلب، كانت بمثابة باكورة عمل لعودة النشاط الرياضي، ووصلت إلى المباراة النهائية التي ستجمع فريقي أريحا والكرامة.
ولا يمكن الحديث عن الشأن الرياضي في إدلب خارج سياق القلّة والحاجة لأبسط لأشكال الدعم، على كل الأصعدة البنيوية والفنيّة واللوجستية، وهو ما يحرم القيمين عليه من مبادرة الارتقاء بواقع الرياضة بما يلبي تطلعات الرياضيين والهواة، على حدّ سواء.
بملعب واحد
رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم “نادر الأطرش” أوضح أن أكبر مشكلتين تواجهان القطاع الرياضي وكرة القدم تحديداً هما غياب أية وسيلة دعم وقلة المنشآت الرياضية.
ويقول لموقع تلفزيون سوريا، إنّ “النشاطات الكروية تقام على ملعب واحد في محافظة إدلب، وهو الملعب الصناعي ويحتاج إلى صيانة، في حين أن الملعب البلدي خارج الخدمة بسبب حاجته لإعادة تأهيل”.
ويوجد صالة واحدة في إدلب وهي في الحقيقة ضمن ملاك “مديرية التربية والتعليم” وتشهد رياضات مثل الطائرة والطاولة وبعض الألعاب القتالية، وأيضاً تحتاج إلى صيانة، بحسب “الأطرش”.
12 نادياً في الدرجة الأولى وخطة لفرز جديد
يوجد في محافظة إدلب 12 نادياً مصنفين ضمن الدرجة الأولى، و12 نادياً آخر ضمن الدرجة الثانية.
ويشير “الأطرش” في هذا السياق، إلى أنّ الخطة القادمة هي إجراء تصنيف جديد للأندية ضمن اعتبارات أهمها الاعتبار الفني والتركيبة الإدارية وحسن تنظيم الأندية وعلاقاتها بالمؤسسات الرياضية.
وعن سبب الرؤية الفنية الجديدة، أوضح أن سببها هو انتساب أندية جديدة للاتحاد السوري لكرة القدم، وأخرى ألغي اعتمادها، وكذلك نزوح بعض الأندية وتهجيرها من منطقتها غيّر في بعض ظروفها.
هجمات النظام
عرقلت الحملة العسكرية الأخيرة من تطور النشاط الرياضي في إدلب. يقول “الأطرش”: “كان لهجمات النظام على القطاع الرياضي في إدلب أثر بالغ السلبية، وتحديداً كرة القدم وذلك بسبب خسارتها لثلاثة ملاعب كرة قدم في معرة النعمان وسراقب، وحتى ملعب أريحا مهدد بالقصف من قبل قوات النظام، ما سبب ضغطاً كبيراً على ملعب إدلب الوحيد”.
نزوح الأندية
تشتت أسرة نادي الكرامة (وهو فريق يضم لاعبين من عدة مناطق جنوبي إدلب وأحد الأندية المعتمدة لدى مديرية الرياضة والشباب) بسبب ظروف النزوح بعد تهجيرهم بفعل هجمات النظام وروسيا على قراهم وبلداتهم، واليوم في أيام التدريب أو خلال البطولات تواجه إدارة النادي مشكلة رئيسية في جمع اللاعبين من مناطقهم المختلفة والبعيدة، وما يترتب على ذلك من تكاليف مرهقة لا تتواءم مع إمكانياته المادية، بحسب مدرب الفريق “إبراهيم الفرحات”.
يقول “الفرحات” لموقع تلفزيون سوريا، إنّ النادي يعتمد على دعمٍ تقدمه له شركة تجارية مختصة في (الألبان والأجبان) تعود لرئيس النادي “محمد رحال”، وهو ما يساعدهم في تأمين مصاريف النادي الرئيسية من أجور مواصلات وتجهيزات لوجستية.
على الرغم من الدعم المحدود الذي يحظى فيه النادي، لكن تبقى الحاجة إلى وجود مؤسسة مانحة وداعمة للرياضة حاجة ملحّة، وفقاً لـ “الفرحات”.
يشمل النادي عدة رياضات إلى جانب كرة القدم، وهي “الطائرة والطاولة والشطرنج والسباحة”.
لا رواتب للاعبين
يضم نادي القادسية لاعبين معظمهم من بلدة حزانو شمالي إدلب وهو معتمد لدى مديرية الرياضة، ويتفق عضو في مجلس إدارة النادي جمال الزين مع “الفرحات” في مسألة غياب الدعم عن القطاع الرياضي، ويعتبرها المعضلة الأصعب التي يواجهها الفريق.
ويضيف “الزين” لموقع تلفزيون سوريا، أنّ غالبية الأندية والفرق الرياضية تعاني من المشكلة ذاتها وهي الدعم، تعجز في إثر ذلك من تأمين أبسط احتياجات الأندية ومتطلبات الكرة، باستثناء فرق قليلة جداً تحظى بدعم خاص.
ويعاني النادي من تأمين رواتب شهرية أو منح مالية للاعبيه البالغ عددهم قرابة 25 لاعباً من مختلف الفئات.
ويلعب نادي القادسية في ثلاث ألعاب وهي كرة “القدم والطائرة والطاولة”، في حين يتطلع إلى إضافة رياضات جديدة إلا أنها مسألة مرتبطة بتوفر الدعم.
الاعتراف الدولي
تعود مسألة الاعتراف الدولي، بحسب رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم نادر الأطرش، إلى مقعد سوريا في الأمم المتحدة الذي ما زال ملك النظام السوري، لكن في المقابل كان يأمل لو أن جامعة الدول العربية اعترفت بالأجسام الرياضية المعارضة حتى تفتح مجالاً للتشكيلات الرياضية السورية المشاركة في بطولات عربية، وهو ما يعتبره أولوية قبل التفكير بالمشاركة في بطولات إقليمية أو دولية.
تطلعات الرياضيين:
يشير “الفرحات” إلى أنّ أبرز طموح الرياضيين في إدلب تتلخص في إيجاد دعم للقطاع الرياضي، إضافةً إلى إعداد كوادر رياضية بشكل أكاديمي من مدربين وحكّام، وإعادة تأهيل سريعة للملعب البلدي بسبب الإقبال الجماهيري على الرياضة، وكذلك وضع ضوابط وأنظمة قانونية تبين طريق الرياضة في المنطقة.
في حين يؤكد محدثنا “الزين” على أهمية حصول الاتحاد السوري لكرة القدم في إدلب، على الدعم اللازم على اعتباره مظلة الرياضيين، بهدف دعم الأندية الكروية.
ولفت أيضاً كـ “الفرحات” إلى ضرورة إعداد حكام أكاديميين، وتأمين رواتب وأجور لهذه الفئة، فضلاً عن النظر لأهمية رياضة كرة القدم في إدلب لما لها من إقبال شعبي
الاستثمار الرياضي
باعتبار أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر رواجاً شعبياً وواحدة من وسائل الترفيه القليلة لدى الأهالي في إدلب، كان الاستثمار الرياضي من خلال إنشاء ملاعب سداسية في قرى وبلدات إدلب حاضراً بقوة خلال السنوات القليلة الماضية، إذ تكاد لا تخلو قرية أو بلدة من ملعب سداسي صغير لسكّانها، وهي في المحصلة مشاريع خاصة يقوم عليها تجار ومستثمرون.
“أحمد عبد الواحد زكور” مستثمر سنوي لملعب سداسي قرب بلدة حزانو شمالي إدلب، يوضح أنّ كلفة إنشاء الملاعب من المشاريع المكلفة جداً قد تتجاوز الـ 200 ألف دولار.
وأوضح في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن مشاريع الاستثمار في ملاعب كرة القدم، تبقى في نطاق الناجحة طالما عجلة الرياضة مستمرة في المنطقة والتي لا تتوقف إلا بالحرب وباستئناف هجمات النظام السوري وروسيا على المنطقة وبالتالي توقف الحجوزات اليومية والبطولات السداسية التي تُنظم بشكل دوري.
وأشار زكور إلى عدد من الصعوبات التي تعترض مشروعه، منها ارتفاع تكاليف التجهيزات اللوجستية من كُرات وتبديل حشيش الملعب الصناعي بكلفة تصل إلى 20 ألف دولار، إضافةً إلى تأمين التيار الكهربائي وما يترتب عليها من تكاليف إضافية.
وتعتبر الملاعب السداسية المشار إليها، مرتعاً مناسباً للبطولات السداسية الأكثر انتشاراً في إدلب، وهي تجري بالتنسيق مع الاتحاد السوري لكرة القدم، وتعطي فرصة واسعة لكثير من الأندية الشعبية من ممارسة هوايتها المفضلة.
المصدر:تلفزيون سوريا