قيصر.. قانون بلا ولاية قضائية
منصور العمري
عقوبات قانون قيصر ليست العقوبات الأولى على نظام الأسد وليست أقساها التي تفرضها الولايات المتحدة على هذا النظام، وهي ليست عقوبات دولية أو أممية. العقوبات في هذا القانون تندرج تحت عنوانين رئيسين هما:
إجراءات خاصة بالبنك المركزي السوريالعقوبات المفروضة على الأجانب المتورطين في معاملات محددة.
ويختتم القانون أحكام تفسيره بهذا البند: “ليس في هذا القانون ما يجوز تفسيره على أنه تفويض باستخدام القوة العسكرية”. أي أن العقوبات ليست معززة بالتهديد الحقيقي والوحيد الذي يفهمه نظام الأسد، كما رأينا عند تسليمه معظم مخزونه الكيماوي بعد تحرك حاملة الطائرات الأمريكية باتجاه شواطئ سوريا.
يمكن تلخيص الإجراءات الخاصة بالبنك المركزي، على أنها فرض شفافية ورفع سرية عن المتعاملين مع البنك المركزي السوري، ولن تأتي هذه الإجراءات إلا بعد أن تقرر الخزانة الأمريكية أن البنك المركزي السوري يمارس غسيل الأموال بشكل أساسي. للمفارقة جميعنا يعلم أن هذا البنك خاوٍ على عروشه.
العنوان الثاني في قانون قيصر يفرض العقوبات على الأجانب المتعاملين مع النظام والداعمين له، فالعقوبات السابقة المفروضة على أركان النظام المعروفة استنفذت خياراتها تقريبًا. هنا يبرز سؤال مهم: ما الذي هي الجزاءات المفروضة الرادعة للأجانب لمنع خرق هذا القانون؟
العقوبات المفروضة لا تُطبق بشكل آلي. أي أن المستهدفين في قانون قيصر لن يمتثلوا لهذه العقوبات ويتوقفوا عن دعمهم للنظام السوري في المجالات المحددة في القانون، ما لم يكن ذلك مكلفًا بالنسبة لهم حسب موازين مصالحهم. ما يجعل تطبيق العقوبات ممكنًا هو الجزاءات المفروضة على مخالفتها، وكشف هذه المخالفات في المقام الأول. كمثال على ذلك، منعت فرنسا مثلًا التجول بسبب جائحة كورونا، لكن فرض الامتثال لهذا المنع كان معززًا بغرامات مالية وإجراءات دقيقة تضبط المخالفين.
تشمل الجزاءات في قانون قيصرتجميد ممتلكات من يخرق القانون إن كانت موجودة في الولايات المتحدة أو تحت سيطرتها أو سيطرة أمريكيين.منعهم من دخول الولايات المتحدة، وإلغاء تأشيرات من حصل عليها مسبقًا منهم.من يخرق هذه العقوبات باستخدام النظام المالي الأمريكي بما فيه النظام المصرفي الأمريكي يتعرض لغرامات مالية كبيرة، قد تعادل المبالغ التي استخدمت وولجت النظام المالي الأمريكي، وحكم بالسجن قد يصل 20 عامًا، أو كليهما.
إذن العقوبات لن تطال من يتعامل مع النظام السوري أو يدعمه دون أن يتواجد في الولايات المتحدة وبلا استخدام النظام المالي الأمريكي، أو لم تكشفه الولايات المتحدة إن استخدم نظامها المالي. رغم أن هذه الإجراءات شديدة لأن النظام المالي الأمريكي موجود في جميع أنحاء العالم، لكن في ضوء هذه الجزاءات لا يبدو أنها ستؤثر كثيرًا في الداعمين الإيرانيين والروس، الذين يتحاشون العقوبات المفروضة عليهم أساسًا قبل قيصر. كما أنه لا يبدو أن حرمان عناصر مليشيات فاغنر أو فاطميين أو حزب الله أو المليشيات العراقية وغيرها من تأشيرة دخول الولايات المتحدة ستمنعهم من الاستمرار في قتل السوريين، ولن تضطر إيران وروسيا إلى تحويل رواتبهم عبر الويسترن يونيون أو المصارف الدولية. هذه التفاصيل تضع هؤلاء الداعمين خارج ولاية القانون القضائية وبعيدين عن يد العدالة.
العقوبات السابقة المفروضة على سوريا
عينت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب منذ كانون الأول/ديسمبر 1979. ثم أضافت عقوبات وقيود إضافية في أيار/مايو 2004 مع صدور الأمر التنفيذي 13338، الذي نفذ “قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” لعام 2003 وفرض تدابير إضافية بموجب إلى قانون السلطات الاقتصادية.
في نيسان/إبريل، أعلنت الولايات المتحدة عن الأمر التنفيذي 13572، الذي يجمد ممتلكات المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقمع الذي ارتكبه نظام الأسد ضد السوريين.
في أيار/مايو 2011، اتخذت الحكومة الأمريكية خطوات إضافية من خلال الأمر التنفيذي 13573 ، الذي يحظر ممتلكات مسؤولين سوريين إضافيين (بما فيهم بشار الأسد) وأي شخص يقرر وزير الخزانة، من بين معايير أخرى، أنه من كبار المسؤولين في حكومة سوريا.
في آب/أغسطس 2011، أصدر الرئيس الأمريكي الأمر التنفيذي 13582 الذي يجمد ممتلكات الحكومة السورية، ويمنح سلطة إضافية لتعيين الأفراد والكيانات، ويحظر الاستثمارات الجديدة في سوريا من قبل الأمريكيين، ويحظر تصدير أو بيع الخدمات إلى سوريا من قبل الأمريكيين، ويحظر استيراد النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري. توالت العقوبات الأمريكية والأوروبية عامًا بعد آخر حتى وصلت مؤخرًا إلى قانون قيصر.
المصدر : عنب بلدي