مقالات

قصص مؤثرة لأطفال سوريين وصلوا إلى هولندا من دون ذويهم

وصل طفلان سوريان بـ”مفردهم” إلى هولندا خلال أقل من شهر واحد لطلب اللجوء هرباً من سوريا وظروف الحرب المستمرة منذ ما يقارب العشرة الأعوام.

“مرحباً، أنا من سوريا”، هذا ما قاله صبي يبلغ من العمر 11 عاماً بعد أن دخل إلى مركز الشرطة في روتردام قبل أسبوع قادماً من سوريا، بحسب ما ذكرت صحيفة “الخمين داخبلاد” الهولندية، التي قالت إن الطفل سافر إلى هولندا بمفرده

إنها الساعة 11 صباحاً يوم الإثنين قبل أسبوع من الآن عندما اهتز هاتف الضابط كريم أجيلفي (54 عاماً) في جيبه. يسأل زميله على الطرف الآخر من الخط ما إذا كان أجيلفي يستطيع القدوم إلى مقر شرطة روتردام لأن هناك طفلا سوريا يقف وحيداً على عتبة الباب ويتحدث العربية فقط.

عندما دخل أجيلفي، الذي ولد ونشأ في الرباط ويتحدث اللغة العربية، إلى مركز الشرطة، سرعان ما اتضح له أن هذا الصبي قد مر برحلة غريبة، “تم إحضاره من سوريا إلى ألبانيا ثم جاء إلى هولندا وحده”.

يأخذ الضابط، وهو أب لثلاث بنات، رشفة من الماء ويحاول التواصل مع الصبي في غرفة الطعام بمركز الشرطة، يقول: “كانت بداية المحادثة صعبة للغاية، كان الولد شديد الانفعال، ولا يزال متعباً من تلك الرحلة الطويلة”.

 بدون أبوين

يقول الضابط “كلما سألت عن والده وأمه، دمعت عيناه، يحتاج الصبي السوري إلى أن يشعر بالطمأنينة من قبلي”. بعد نكتة من الضابط، يلاحظ ابتسامة على وجه الصبي، ثم يقوم بفك حقيبة ظهره ويخرج قطعة من الورق. يقول الضابط: “كان مكتوبا عليها رقما هاتف وهما رقم والده في سوريا ورقم عمه من منطقة روتردام”.

يتصل الضابط بعم الصبي السوري الذي كان يعلم أن ابن أخيه كان في طريقه إلى هولندا، “لم يكن على اتصال به لمدة عشرة أيام وكان قلقاً للغاية”.

يسأل الضابط الصبي إلى أين يريد أن يذهب، “هل تريد الذهاب إلى منظمة (نيدوس التي ترعى طالبي اللجوء الأطفال غير المصحوبين بذويهم) أو إلى عمك؟”.

يقول الضابط للصحيفة الهولندية “أنت لا تعرف أبداً ما إذا كانت العلاقة بين الاثنين جيدة. بصفتك ضابط شرطة، عليك دائماً طرح الأسئلة في هذه الأنواع من الحالات”.

وبعد نعم “مدوية” من الصبي، يُطلب من عمه الحضور إلى مركز الشرطة، وفقاً للصحيفة الهولندية.

دموع وصوت مرتجف

يتذكر الضابط بصوت مرتجف لم الشمل المؤثر للطفل السوري مع عمه “الدموع تدفقت بغزارة”، يبتلع الضابط ريقه: أنت لست شرطياً فقط، بل إنسان أيضاً. هذا يمسني بعمق.. بلغ هذا الصبي الصغير 11 عاماً فقط هذا الشهر، لكنه مر بالفعل بالعديد من لحظات القلق والخوف.. آمل أن يجد السلام الآن مع عمه. كان خائفاً جداً من إعادته إلى وطنه”.

بصفته ضابط شرطة مع شرطة الأجانب، مر كريم أجيلفي بالكثير، لكن ما حصل معه ذلك اليوم يندرج ضمن قائمة الذكريات التي “لا تُنسى أبداً.

أجيلفي لا يستطيع أن يفهم أن هناك أشخاصاً سمحوا لأطفالهم بالقيام بمثل هذه الرحلة  الخطرة مرجحاً وجود “مهربي للبشر”، يتنهد الضابط ويقول: “هل يمكنك أن تتخيل يأس هؤلاء الآباء في ذلك البلد الممزق؟”.

طفلة وحيدة وعروض لرعايتها

وفي قصة أخرى مشابهة، وصلت طفلة سورية تبلغ من العمر 8 سنوات إلى مركز شرطة هوفدورب لطلب اللجوء في هولندا.

وبحسب ما ذكرت الشرطة الهولندية وصلت الطفلة مع حقيبة ظهر صغيرة مرتدية حذاء رياضياً وبنطلون جينز، وكتب ضابط الشرطة يوهان دوبيلدام معلقاً على الصورة التي نشرها على موقع تويتر: “أخبرها مترجم عبر الهاتف أننا لطفاء وأننا سنساعدها”.

وكانت تساعد الطفلة السورية زميلة الضابط التي يسميها “العمة إيلين” ويقول على تويتر “لقد طمأنتها ورتبت الأمور”، ووفقاً لضابط الشرطة فإن الحقيبة هي “كل ما لديها”

ويقول الناطق باسم الشرطة ديرك برجر من شرطة نورد هولاند إن منظمة “نيدوس” استقبلت الطفلة “سوف تحصل على وصي هناك” في حال لم يتم الوصول إلى أحد من أقاربها في هولندا.

وتساءل عدد من الهولنديين على تويتر عما إذا كان بإمكانهم تقديم المساعدة للطفلة وعرض بعضهم إيواءها في منزله الأمر الذي أثنى عليه ضابط الشرطة وقال: “تويتر يمكن أن يكون جميلاً جداً..  لقد تلقيت العديد من العروض من المتابعين الذين يريدون رعاية الطفل البالغ من العمر 8 سنوات”.

وأضاف “لا يمكنني أن أقرر أي شيء حيال ذلك هذا عمل منظمة نيدوس”، معرباً عن تقديره واحترامه لتلك العروض، ووفقاً للشرطة الهولندية فقد ساعدهم أحد المارة بشكل جيد للغاية للتواصل مع الفتاة الصغيرة.

والشهر الماضي أيضاً، عثرت الشرطة الهولندية على طفلة سورية وحيدة مع حقيبتها في محطة قطارات مدينة أوتريخت الهولندية بعد أن تقطعت فيها السبل من دون وثائق.

وبحسب ما ذكرت الشرطة الهولندية في حسابها على منصة التواصل الاجتماعي “إنستغرام” فإنها تلقت بلاغاً في محطة أوتريخت عن العثور على فتاة صغيرة سورية وحيدة مع حقيبة.

وبالإضافة إلى قصص هؤلاء الأطفال هناك عشرات آلاف القصص لأقرانهم الذين يعانون ويتجولون حالياً في أوروبا بمفردهم من دون ذويهم.

وبحسب تقرير هولندي سابق فإن هناك ثلاثة أطفال مثل الطفلة السورية كل أسبوع، ومعظمهم من سوريا التي تشهد حربا  مستمرة منذ عشرة أعوام بحسب الصحيفة.

إحصائيات لأطفال وصلوا إلى هولندا بلا ذويهم

في عام 2019، وصل 180 من الأطفال القصر غير المصحوبين بذويهم ممن هم دون سن الرابعة عشرة، 95 طفلاً، أي أكثر من النصف، كانوا من سوريا، تقريباً ضعف العدد الذي كان في عام 2018، حين كان عددهم لا يتجاوز الـــ 50.

وفقاً لخبراء الهجرة، فإن دوافع إرسال الأطفال وحدهم إلى الدول الأوروبية مختلفة، ففي بعض الأحيان تكون قلة المال هي السبب، حيث يتم اختيار الطفل الأكبر من قبل العائلة لإرساله إلى أوروبا، وأحياناً يفقد بعض الأطفال والديهم على الطريق، لموتهم، أو يتم إلقاء القبض عليهم، أو لأسباب أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى