قصة لاجئ سوري تكشف عمليات ترحيل وإخفاء قسري في اليونان
قال الكاتب جون واشنطن، في تقرير نشره موقع “ذا إنترسبت” (The Intercept) الأميركي، إن قصة معاناة طالب اللجوء السوري “فادي” تبدأ باقتراب 3 ضباط شرطة يونانيين منه بعد ساعة من تجوله في محطة الحافلات في ديموتيقة باليونان، في تشرين الثاني 2016، وهو يعرض صورة شقيقه المفقود محمد البالغ من العمر 11 عاما على المارّة.
ومع أن السوريين مثل فادي كانوا أهدافا متكررة للسلطات الأوروبية المختلفة، إلا أن فادي اعتقد أنه في وضع أفضل بما أن وجوده قانوني في ألمانيا باعتباره طالبًا ولديه بطاقة هوية ألمانية وجواز سفر وأوراق لإثبات ذلك، لكنه عندما أخبر الضباط بأنه من سوريا، أخذوا هويته الألمانية ولم يعيدوها ثم وضعوه في شاحنة.
شرح فادي للضباط مرارا وتكرارا أنه يحمل جواز سفر ألمانيا وأنه موجود بشكل قانوني في اليونان، لكن الضباط لم يفهموا لغته الألمانية غير الطليقة، واقتادوه إلى مركز احتجاز، حيث فتشوه وهو عار أمام الحراس وصادروا هاتفه الخلوي وجواز سفره ومفاتيحه وجميع أشيائه الشخصية الأخرى، ثم وضعوه في زنزانة كانت فارغة في البداية.
في وقت لاحق من تلك الليلة، سلمت الشرطة فادي ونحو 50 معتقلا آخر إلى مجموعة من الكوماندوز الناطقين بالألمانية، مسلحين وملثمين ويرتدون ملابس سوداء بالكامل. وأثناء وضع المعتقلين في شاحنات، توسل فادي باللغة الألمانية للإفراج عنه، لكن أحد رجال الكوماندوز ضربه بعصا خلّفت له كدمات استمرت شهورا، وعندما أصرّ فادي، أشهر رجل آخر من الكوماندوز مسدسا في وجهه.
وأضاف الكاتب أنه على امتداد ساعات قليلة، اقتيدت المجموعة إلى شريط ضيق من الغابة على ضفة نهر إيفروس، وهي الحدود بين تركيا واليونان التي تكتسب طابعا عسكريا على نحو متزايد، والممتلئة بمراكز الاحتجاز ومراكز الشرطة وأبراج المراقبة والخنادق المضادة للدبابات وحقول الألغام، والمغلقة أمام المدنيين والصحفيين والمنظمات الإنسانية.
نقلت مجموعة الكوماندوز فادي والآخرين على قارب مطاطي (6 في كل رحلة) عبر النهر، وقد اعتدوا بالعنف على كل شخص كان ينظر إليهم، تاركين في النهاية جميع المعتقلين على ضفة النهر الموحلة في تركيا. وبعد أن تقطعت بهم السبل في البرد، اندفع فادي وبعض الآخرين عبر أشجار الحور والصفصاف السميكة وبدؤوا يتجولون في الغابة بحثا عن المساعدة.
في تلك الليلة، ولأول مرة في حياته، شعر فادي بألم شديد في صدره، وبعد نحو 90 دقيقة، تم القبض على المجموعة واعتقالها من قبل الجنود الأتراك. كانت تلك الليلة الأولى لمحنة دامت 3 أعوام من محاولات فاشلة للعبور إلى أوروبا واحتجاز وحرمان وإهمال من السلطات الأوروبية التي تعهدت بالفعل بحمايته