في عيد الأم، الأم السورية بلا عيد
فراس جمعة – صدى
في 21 مارس من كل عام يحتفل العالم بعيد الام، وهي ذكرى غالية على قلوبنا جميعا وهي تمجيد وتخليد لجهود الام المربية والمعلمة والطبيبة والمهندسة، فهي حجر الأساس في الاسرة ونواتها وهي الداعم المعنوي والنفسي الأكبر تحمل في روحها وتعاملها الطيبة والحنية والحنان وهي تضحي بصحتها لازدهار أسرتها ومجتمعها فتعطي بكل ما تستطيع ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء
من أين جاءت فكرة عيد الام؟
كان أول احتفال بعيد الأم عام 1908، عندما أقامت آنا جارفيس ذكرى لوالدتها في أميركا، وبعد ذلك بدأت بحملة لجعل عيد الأم معترفا به في الولايات المتحدة، وآنا جارفيس هي ناشطة أميركية ولدت في 1864، كانت أمها دائماً تردد العبارة التالية: “في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم” وتترجم رغبتها هذه في أنه إذا قامت كل أسرة من هذه الأسر المتحاربة مع بعضها بتكريم الأم والاحتفال بها سينتهي النزاع والكره الذي يملأ القلوب. [1]
مكانة المراة في الإسلام
كانت المرأة قبل الإسلام بالجاهلية ذات مرتبة دونية في التعامل والحكم والمساواة والميراث، فجاء الإسلام بشريعة ربانية كرمها وأعطها إنسانيتها وحقوقها كاملة ورفع قدرها وجعل لها مكانة خاصة في كل شيء، وسواها بالرجل في أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف، ومباشرة جميع الحقوق كحق البيع، وحق الشراء، وحق الدائن، وحق التملك، وغيرها، ثم بعد ذلك جاءت السنة النبوية على نفس النهج في اعلا شأن المرأة ومكانتها وقداستها
بعض المواضع في القرآن والسنة لتكريم المرأة
قال تعالى:
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: 195].
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71].
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35] وفي الحديث الشريف:
(إنَّ اللهَ يُوصِيكُم بالنساءِ خيرًا، إنَّ اللهَ يُوصِيكُم بالنساءِ خيرًا، فإنهنَّ أمهاتُكم وبناتُكم وخالاتُكم… )
عيد الام والحرب السورية
أصبح عيد الأم في سوريا عيداً للصبر على فراق الأحبة وشريطاً مُوجعاً من الذكريات، وصار همّ معظم الأمهات: رؤية فلذات أكبادهنّ المغتربين في شتى بقاع الأرض خلف شاشات الهواتف النقالة أو زيارة قبور أطفالهم في مقابر النزوح والتهجير.
هناك في مخيّمات الشمال تغيّرات مظاهر الاحتفال بعيد الأم فالحرب المندلعة منذ اثني عشر عاماً لم ينطفئ لهيبها، بل أطفأت بداخل قلوب الأمهات رونق السعادة والأمل ولوعة المعاناة والألم.
في سوريا غدا السجن مسرحاً للاحتفال بعيد الأم فالكثير من الأمهات معتقلات مغيبات عن أسرهم منذ أعوام وأعوام.
عيد الأم في سوريا أصبح بالنسبة للأم السورية عيداً للشوق والقهر وروحاً تُعتصر على أبنائها المفقودين، ففيه يعلو صوت البكاء على زوجٍ أصبح عاجزاً جراء الحرب، وأخ مغيب لا يُعرف مكانه، وولدٍ معتقل ومنزل فارغٍ باردٍ مليء بالصور.