مقالات

عيد العمال.. نضال مغمس بالدم

متى بدأت أولى المظاهرات العمالية في العالم؟ وما هو سبب اختيار هذا اليوم؟!

تحتفل كثير من الدول حول العالم وتعطل رسمياً، في اليوم الأول من شهر أيار، بمناسبة “عيد العمال”، لكن الروايات تختلف حول تاريخ بدء المظاهرات العمالية ضد أصحاب العمل، وأسباب اعتماد هذا اليوم.

كندا

أحد الروايات تعود إلى عام 1870، حين ظهرت حركة “التسع ساعات” في كندا، والتي دعت إلى تقليص ساعات العمل لتصبح تسع ساعات فقط.

واجهت هذه الحركة هجوماً عنيفاً، وفي عام 1882، نجحت الاحتجاجات العمالية، وتم إعلان يوم الخامس من أيلول، عيداً للعمال في كندا.

ومن كندا انتقلت فكرة عيد العمال إلى أمريكا من خلال زعيم العمال الأمريكيين، بيتر ماكغواير، ولكنّها لم تُعجب الحكومة الأمريكية، ورفضتها بسبب اعتمادها على تقليص عدد ساعات العمل.

رفض الحكومة دفع اتحاد العمال الأمريكيين إلى إعلان تاريخ الأول من أيار عام 1886، يوماً للإضراب عن العمل، والمطالبة بتقليص عدد ساعات العمل إلى ثمان ساعات فقط، فخرجت مظاهرات عمالية شارك بها  أكثر من ثلاثمئة ألف عامل.

وانتشرت الإضرابات في العديد من الولايات الأمريكية، واستمرت عدة أيام، ودخل العمال المتظاهرون بمواجهات مع الشرطة التي قتلت مجموعة منهم.

وبعد ذلك عُقد مؤتمر عمالي لوصف الأسلوب السيئ الذي تعاملت فيه الشرطة مع العمال، وفي نهاية المؤتمر هاجم أفراد من الشرطة العمّال الحاضرين، وظلت هذه الاعتداءات مستمرة.

وبعد أن تصدى كافة عمال الولايات المتحدة الأمريكية لأعمال الشرطة، والتي وصلت إلى إعدام وقتل العديد من العمال، تم إعلان اليوم الأول من شهر أيار، وهو اليوم الذي بدأت فيه الاحتجاجات العمالية عيداً للعمال.

وتم الاعتراف بعيد العمال رسمياً من باقي دول العالم، مع الالتزام بتقليل عدد ساعات العمل، إلى ثمان ساعات يومياً.

أمريكا

الرواية الأخرى ترجع أصل “يوم العمال” إلى الإضراب الكبير في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1886، ولا تربط بينه وبين ما حدث في كندا.

وفي ذلك الوقت كان الانتقال في الولايات المتحدة ودول أوربية عدة من الرأسمالية إلى الإمبريالية، حيث استمر الرأسماليون في زيادة وقت العمل وقوته لتحفيز تطور الاقتصاد بسرعة شديدة، واستغلوا العمال بصورة قاسية، فكان العمال يعملون من 14 إلى 16 ساعة يومياً، وينالون أجوراً زهيدة.

أثار هذا الاضطهاد غضب العمال، وأدركوا أن اتحادهم وكفاحهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات، هو الطريقة الوحيدة لنيل ظروف معيشية معقولة، وطرحوا شعار الإضراب، وهو “نظام العمل لثمان ساعات”.

وفي عام 1877، بدأ أول إضراب على مستوى أمريكا، ونظّم العمال مظاهرة كبيرة، واندفعوا إلى الشوارع، وطالبوا الحكومة بتحسين ظروف العمل والعيش، وتقصير دوام العمل إلى ثمان ساعات يومياً.

وازداد عدد المتظاهرين والمضربين بسرعة في عدة أيام، ما أجبر الحكومة الأمريكية على  الاستجابة وتحديد دوام العمل اليومي بالساعات المطلوبة، غير أن الرأسماليين لم يلتزموا بهذا القانون، بل استمروا باستغلالهم للعمال، واستمر العمال بالعمل بلا انقطاع.

وفي تشرين الأول عام 1884 اجتمعت ثمان نقابات كندية وأمريكية في شيكاغو الأمريكية، وقررت الدخول في إضراب شامل في الأول من أيار عام 1886، بهدف إجبار الرأسماليين على تطبيق قانون العمل لثمان ساعات.

وبالفعل توقف في الأول من أيار 350 ألف عامل في أكثر من 20 ألف مصنع أمريكي عن العمل، وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرة ضخمة، وشلت هذه المصانع الكبيرة.

حاولت الحكومة قمع المظاهرة بالقوة، الأمر الذي أشعل نيران كفاح العمال في أنحاء العالم، ودخل العمال في أوروبا، والقارات الأخرى في إضرابات واحداً تلو الآخر.

وبعد شهر من بدء الاحتجاجات؛ اضطرت الحكومة الأمريكية إلى فرض تنفيذ قانون العمل لثمان ساعات يومياً.

الإعلان العالمي

تجمع الروايات على أن تاريخ إعلان اليوم العالمي للعمال كان في عام 1889؛ حين افتتح مؤتمر النواب الاشتراكيين الدولي في باريس الفرنسية، وقرر حينها تحديد الأول من أيار في كل عام، عيداً مشتركاً لجميع البروليتاريين في العالم.

وفي هذا اليوم من عام 1890 بادر العمال في أمريكا وأوروبا بتسيير مظاهرات كبيرة للاحتفال بنجاح كفاح العمال، ليصبح الأول من أيار يوماً لكل عمال العالم.

2019-01-05

المصدر: موزاييك سوري – Syrian Mosaic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى