أحداث إنسانية

عيد العمال العالمي في ظل كورونا وملايين العاطلين عن العمل (حصري)

دعاء الجبان

تحتفل معظم البلدان في العالم في الأول من أيار من كل عام بعيد العمال العالمي، المناسبة التي تعتبر واحدة من المناسبات القلائل التي يحييها سكان العالم مجتمعين، بعد أن تم اختيار هذا اليوم إحياءً لذكرى إضراب شيكاغو في الأول من أيار في عام 1886، الذي شارك فيه  ما بين 350 و 400 ألف عامل، للمطالبة بتحديدة ساعات العمل بثماني ساعات فقط تحت شعار “ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع”.

لكن عيد العمال يأتي هذا العام مختلفا، مختنقا بتدابير الوقاية من تفشي كورونا،  محملا بسحابة قاتمة تجر وراءها معدلات بطالة مروعة، وتوقعات بوضع أسوأ في سوق العمل ضمن الموجة الأولى لارتدادات الجائحة، ما يرفع سقف التحديات المطروحة.

لقد سعت أغلب الحكومات إلى توفير الكثير من مستلزمات دعم العمال، وتحقيق الأمن الوظيفي لهم من خلال المؤسسات التي ترعاهم، وتحفظ لهم حقوقهم، كما توجد للعمال نقابات في كثير من الدول، وينتخب العمال ممثليهم بكلّ حريةٍ وديمقراطيةٍ

احتلت سوريا المرتبة الأولى عالميا بمعدلات البطالة ووفق منظمة العفو الدولية ،فقد وصلت نسبة العاطلين عن العمل في سوريا80٪ لتحتل بذلك المرتبة الأولى في العالم .

ففي اليوم العالمي لعيدهم ،يعيش ملايين السوريين من الشريحة العاملة  ظروفا مأساوية في داخل البلد وخارجها، تفاقمت في الآونة الأخيرة لاسباب عديدة،ففضلا عن الحرب، أثرت الأزمات الاقتصادية بشكل كبير على السوريين ،

ففي داخل البلاد تضرروا من الاسد بفعل التهجير والحرب والتدمير،إضافة لفقدان الليرة السورية لقيمتها وغلاء الاسعار مقابل راتب لايسد رمق العامل فكيف بعائلته،هذا في مناطق النظام ،أما في المناطق المحررة فالحال ليس بأفضل ،الكثير من العمل والقليل من المال ،
وفي خارج البلاد وضع العامل السوري ليس افضل حالا وخاصة في دول اللجوء المجاورة ك لبنان وتركيا والأردن،ففي تركيا مثلا هناك نحو 700الف عامل يعانون، وخاصة مع الاغلاق المتكرر في البلاد بسبب جائحة كورونا وتوقف جميع القطاعات عن العمل ،وغالبيتهم بلا اوراق ولا حقوق واجورهم أدنى ،اما في لبنان فوضعهم اسوء مع انهيار الليرة والبلاد بشكل كامل ،فضلا عن التضييق الممارس عليهم..

كما تفشت ظاهرة عمالة الأطفال في مناطق الشمال السوري المحرر بشكل كبير وملحوظ وخصوصا في  المخيمات، بسبب موجة النزوح الأخير، ولكن الظاهرة موجودة من قبل الثورة والأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة هي نفسها قبل الثورة، ولكن زادت وتيرتها بعد العام 2011. من هذه الأسباب انخفاض مستوى الدخل لرب الأسرة، خاصة في العوائل الكبيرة، وقلة الوعي والفقر والعوز، ولذلك نرى تفشي هذه الظاهرة بشكل مطرد.

حيث أماكن انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير، تأتي في المرتبة الأولى مناطق المخيمات بشكل عام على الحدود مع دول الجوار، في تلك المناطق هناك مناطق صناعية تستقطب القسم الأكبر من الأطفال بأجور زهيدة لا تتناسب مع الجهد العضلي والتعب البدني الذي يبذله الطفل.

إنّ هذا العامل الذي يكدّ ويتعب طيلة العام بهدف كسب رزقه يستحق منا كل تقديرٍ واحترامٍ، فمن واجبنا أن نقدّر جهده ونحتفل به ونشجعه على بذل المزيد من الجهد لنرتقي باقتصاد بلدنا، فالعامل عنصرٌ مهمٌ في سلسلة حلقات الإنتاج، وتشجيعنا له وتقديرنا لعمله يعطيه الثقة بنفسه وبعمله أكثر ويحثّه على بذل المزيد من جهده.

على أمل أن تكون تهنئة العمال حقيقية في القادم من الأيام، بتمكنهم من تحصيل حقوقهم، وتحسن ظروف عملهم وأجورهم، كي لا نشعر بالخجل من تعب هؤلاء وعرقهم ونحن نردد لهم سنوياً كل عام وأنتم بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى