مقالات

عن عمر ناهز ال 90 عاماً.. رحيل الكاتب الكبير فاضل السباعي في دمشق

عن عمر ناهز التسعين عاماً رحل في دمشق ،الاربعاء، الكاتب والأديب السوري “فاضل السباعي” أحد أعلام الثقافة السورية المعاصرة بعد تجربة غنية بالعطاء الأدبي والفكري امتدت لأكثر من 70 عاماً تاركاً أرثاً أدبياً متنوعاً بين القصة والرواية والمسرح والدراسات والنقد.

وُلد الكاتب الراحل في مدينة حلب خلف الجامع الأمويّ عام 1929. وحصل على شهادة الابتدائية عام 1943 و شهادة الدراسة الثانوية في 1950. ثم ذهب إلی مصر ليدرس في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة فيما بعد). وعاد بعد أن أتم دراسته إلى مسقط رأسه أواخر يونيو 1954، ثم اتجه للتدريس وكتابة القصة. وأنضم إلى نقابة المحامين في عام 1955.واستوحى السباعي بعض قصصه خلال تجاربه في المحاكم، مثل “ذقون في الهواء”، إحدى قصص مجموعته “حياة جديدة”، التي أذاعها راديو حلب عام 1957، وحكم عليه بالحبس لعشرة أيام.جراءها، وفي أواخر عمله عُين مديراً لمعهد سيف الدولة في إحدى ضواحي حلب ونُقِل منصبه إلى دمشق عام 1967 واستوطن فيها.وعمل موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل  حتى عام 1969، ثم عمل في المكتب المركزي للإحصاء (1969-1972) وشغل منصب مدير الإحصاء في دمشق، وفي الثاني والعشرين من تشرين الأول 1977 سافر إلی باريس والتحق هناك بدورة للأرشيف. ثم رجع إلى سوريا ونقل من جامعة دمشق إلى الإدارة المركزية في وزارة التعليم العالي، ليعيّن مديراً  للترجمة والنشر، وكان حتى تقاعده عام 1982 يشغل موقع مدير في وزارة التعليم العالي، كما عمل في مجال حقوق الإنسان، وكان معنيا بالتراث الإنساني،  وفي نوفمبر 1982 ترك العمل الحكومي ليتفرغ للكتابة. فأسّسَ دار إشبيلية للدراسات والنشر والتوزيع بدمشق عام 1987 وفي أكتوبر 2013 هاجر إلى فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية مع عائلته.

وساهم السباعي في تأسيس اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1969، وكان مقرراً لجمعية القصة والرواية في الاتحاد لمدة 4 أعوام متفرقة، وخلال مسيرته الأدبية الطويلة قدم للمكتبة العربية عدداً كبيراً من الأعمال الأدبية التي تُرجم بعضها إلى العديد من اللغات من بينها الإنكليزية، والفرنسية، والروسية.،  فعلى صعيد الرواية أصدر عدة روايات منها : (ثريا) عام /1962/ و(ثم أزهر الحزن) عام /1963/ التي لاقت صدىً كبيراً في حينها، ثم (الظمأ والينبوع) عـام /1964/ و (رياح كانون) عام /1968/ كما أصدر الكثير من المجموعات القصصية ومنها (الشوق واللقاء) عام /1958/، و(حياة جديدة) عام /1959/ و(مواطن أمام القضاء) عـام /1959/ ، و(الليلة الأخيرة) عام /1961/، و(نجوم لا تحصى) عام /1962/، ثم (حزن حتى الموت) عام /1975/، و(الابتسام في الأيام الصعبة) عام /1983/، و  (الألم على نار هادئة) عام /1985، و(اعترافات ناس طيبين) عام /1990/ .

وعلى صعيد التأليف في مجال السيرة والتراجم وضع العديد من الكتب ومنها “الزعيم إبراهيم هنانو، ثورته ومحاكمته: دراسة التاريخية والسيرة، 1961. و”عقبة بن نافع: سيرة، 1975″ و”طارق بن زياد: سيرة، 1975″و”عمر المختار: سيرة” و”75. موسی بن نصير: سيرة، “و”1975 عمر بن العاص: سيرة ” و”1975. و”غومة المحمودي: سيرة، ” 1975. و”عبد الكريم الخطابي: سيرة، 1977. و”عبد الرحمن الكواكبي: سيرة، 1975″ و”سليمان الباروني: سيرة، 1975″ و”عبد الحميد بن باديس: سيرة، 1976″ غيرها.

وكان السباعي من المثقفين السوريين المغضوب عليهم في سوريا من قبل نظام الأسد حتى أنه تعرض للاعتقال عام 1980 إثر لقاء مع طلاب كلية الآداب بجامعة حلب، قرأ فيه قصته “الأشباح” ( التي ضمّتْها فيما بعد مجموعته: ”آه يا وطني!”).وكشف السباعي في لقاء مع الكاتبة ” ماجدولين الرفاعي” أن اتحاد الكتاب العرب الذي كان أحد مؤسسيه لم ينشر أيّا من المخطوطات التي قدّمها له في أعوام السبعينيات؟ وخاض البعثيون والمشمولون برعايته حرباً للحيلولة دون نشر كتبه في سوريا ما دفعه -كما يقول- لأن يذهب إلى بيروت لطباعتها هناك .

وإذا كان البعض من المحسوبين على جوقة النظام قد حاول أن يتنكر لأدبه في الداخل، إلا أن هناك من أنصفه في المحيط العربي مستقبلاً السباعي ومحتفياً به ثم ليعيد إنتاجه إلينا من جديد، وهو غير مهتم لهذا الأمر لأنه يعتقد أن ما يكتبه من إنتاج أدبي هو للمتلقي الحالي والقادم على السواء.

ومما يؤسف له أن المذيعة “نهلة السوسو “إحدى ممانعات النظام خاطبت السباعي عندما اشتكى من تجاهل اتحاد الكتاب  العرب لنشر أعماله وتهميشه قائلة بأسلوب فج ووقح : “يا أستاذ فاضل، منذ انقض شذاذ الآفاق على وطنك وأنت لا تكتب إلا ضد الجيش النبيل، الذي حمى عقود عمرك التسعة من قطع الرقبة بعد أن أقام أولادك في أمريكا وتركوك وحدك في أرذل العمر وأرذل المواقف”، وتابعت بنبرة لؤم وتشف : “كيف تريد من مؤسسات النظام أن تنشر لك؟ ولماذا؟؟؟ أرسل مخطوطاتك إلى دور النشر التي اهتمت بالثورجيات أمثال سمر يزبك وسميرة مسالمة، أم أنك لا تصلح للعروض التي تقدمها زميلتاك؟؟”..

وكانت  المستعربة البولونية ”بياتا سكوروبا“ قد أعدّت أطروحة عن رواية السباعي ”ثم أزهر الحزن“ ونالت عليها درجة الماجستير من جامعة كراكوف. وأعدّ المستعرب السويدي ”فيليب سايار“ أطروحة عن أدبه عنوانها ”رسالة في فنّ الفانتازيا في قصص فاضل السباعي“ في جامعة ستوكهولم. وحصل الأديب المصري محمود القاعود على درجة الماجستير بدرجة ممتاز عن دراسة له بعنوان «الرواية الاجتماعية عند فاضل السباعي» من كلية آداب جامعة عين شمس.في آب الماضي..

المصدر : زمان الوصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى