أخبار المجتمع المدني

عمال المحروقات في إدلب: أمراض تنفسية تهدد حياتهم وسط تجاهل للمعاناة

يواجه “أحمد”، شاب في العشرينات من عمره من مدينة حارم بريف إدلب الغربي وغيره العديد من عمال المحروقات ، مصيراً قاتماً بعد أن أصيب بأمراض تنفسية حادة نتيجة عمله الطويل في بيع المحروقات واستنشاقه المستمر للروائح السامة.

بدأت معاناة أحمد منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، حين فقد والده في بداية الحرب السورية وأصبح المعيل الوحيد لأمه وأخيه. اضطر للعمل على بسطة صغيرة لبيع المحروقات في شوارع المدينة، بهدف توفير لقمة العيش واستمرار تعليم أخيه.

يقول أحمد: “كان هدفي الوحيد أن أوفر حياة كريمة لعائلتي، ولم أكن أدرك المخاطر الصحية التي تحيط بعملي”. بعد سنوات من التعرض المستمر للمواد الكيميائية، بدأ يشعر بضيق شديد في التنفس وتعب مستمر في الصدر.

أكد الأطباء إصابته بالربو وعطل جزئي في الرئتين، مما يستدعي إجراء جراحة عاجلة بتكلفة تتجاوز 5,000 دولار أمريكي، مبلغ لا يستطيع تأمينه. منذ أربع سنوات، وأحمد مستلقي على فراشه، يتنفس بصعوبة بمساعدة جهاز الأوكسجين، منتظراً بصيص أمل لإنقاذ حياته.

واقع متدهور ومعاناة مشتركة

لا يعتبر أحمد حالة فردية؛ فالكثير من عمال المحروقات في الشمال السوري يعانون من مشاكل صحية مشابهة. تشير تقارير طبية إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية بين هؤلاء العمال بسبب التعرض المستمر للمواد الكيميائية الضارة دون أي وسائل حماية.

يقول الدكتور سامر الأحمد، أخصائي الأمراض الصدرية: “الاستنشاق المستمر لأبخرة المحروقات يؤدي إلى أضرار جسيمة في الجهاز التنفسي، وقد يتسبب في أمراض مزمنة يصعب علاجها”. وينصح بضرورة توفير معدات الحماية الشخصية وتوعية العمال بالمخاطر.

غياب الدعم وتجاهل المخاطر

في ظل غياب الرقابة الصحية والتوعية، يستمر الكثير من الشباب في العمل في هذا المجال دون اتخاذ أي إجراءات وقائية. يقول محمود، وهو بائع محروقات آخر: “نعلم بالمخاطر، لكن الحاجة تدفعنا للاستمرار. لا يوجد بديل آخر لتأمين قوت يومنا”.

دعوات للمساعدة والتدخل

تطالب منظمات المجتمع المدني الجهات المعنية بضرورة التدخل وتوفير الدعم اللازم لهؤلاء العمال، سواء من خلال تقديم الرعاية الصحية أو توفير بدائل عمل أقل خطورة. كما تدعو إلى إطلاق حملات توعية حول المخاطر الصحية وتوزيع معدات الحماية مجاناً.

خاتمة

تبقى قصة أحمد وشباب آخرين كجرس إنذار حول المخاطر الصحية التي يواجهها عمال المحروقات في إدلب والشمال السوري عموماً. ومع استمرار الصراع وتردي الأوضاع الاقتصادية، تزداد الحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذ حياة الكثيرين وتوفير بيئة عمل آمنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى