عزيز الأسمر .. فنان الشارع على جميع الجبهات ( Marion Bellall et Lola Scandella)
رسام سوري
سترة حمراء وقميص أحمر، وشعر داكن يلوح في الريح وعيون مطوية بالشمس ولحية مشذبه حول وجه مستدير. في يده اليمنى المسودة بالطلاء ، فرشاتي دهان كعلامة على النصر. عزيز الأسمر بغاية اللطف في الصور وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كما هو الحال في رسائله. مباشرة بعد الاستفسار عن رفاهية محاوره ، يشرع بالحديث عن أطفال مدينته الراكضين نحوه: “أريد فقط أن أرسم ابتسامة على وجوههم وأعلمهم أن يحبوا عمل الخير. بعد كل هذه السنوات القاسية، وكل هذه التضحيات، أصلي ليعيش أطفالنا سعداء”، يشرح لنا بلغة إنكليزية متفائلة.
منذ خمس سنوات، بدأ عزيز الأسمر بالرسم على جدران مدينته المدمرة بفعل القصف الهمجي لقوى بشار الأسد وحليفه بوتين. عند انطلاقة الثورة السورية كان ابن مدينة بنش، الواقعة في الشمال الغربي، يعمل في إحدى المجلات في لبنان.
عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، كان عزيز يتابع بحماس انتفاضة شعبه الذي بدأ يحلم بـ “سوريا جديدة ، سورية تسودها قيم العدالة والحرية والديمقراطية”. بعدها رسم أعماله الأولى: “في البداية كنت أرسم على الورق، أرسم المتظاهرين مع ورودهم وشعاراتهم ولافتاتهم”، يضيف، دون تأهيل أكاديمي ولكن مع شقيقين رسامين وأب يتقن الخط العربي بشكل احترافي، هكذا دون مشقات استطاع أن يحمل تراث عائلته.
على عكس العديد من مواطنيه الهاربين من الموت، قرر عزيز الأسمر، الذي كان قلقاً جداً على أقاربه، العودة عام 2015 إلى وطنه. أثناء تواجده في لبنان لم يخف معارضته لنظام بشار الأسد، ولا دعمه لثورة أبناء بلده، وهذا ما أجبره على العودة بشكل غير قانوني إلى سوريا فعبر الحدود التركية سيراً على الأقدام للوصول إلى مسقط رأسه.
عند وصوله إلى بنش ، صعق بما رأته عيناه:”أكثر ما صدمني عندما عدت إلى ريف إدلب كان منظر الأحياء المدمرة بالكامل … في مدينتي، قتل ما لا يقل عن ألف شخص تحت القصف. هذا هو السبب في أنني اخترت الجدران التي قصفت لأرسم عليها. إنها شواهد حية على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
في الآونة الأخيرة ، وسط الرسومات المعبرة عن الحرية والمعارضة لبشار الأسد، احتلت الحرب ضد وباء الفيروس المستجد مركز الصدارة. خوفًا من أن يتم عدم إرشاد الناس بطريقة صحيحة، يصنع عزيز الأسمر الزهور على جدران برسمه لفيروسات بدينه خضراء، وغالباً ما تتبعها ساحرة. إلى جانبهم، تشجع النقوش باللغة العربية الناس على اعتماد تدابير النظافة الموصى بها.
يخشى فنان الشارع من “كارثة إنسانية” إذا انتشر الوباء في بلاده: “أخاف ، لأن الكثير يستهينون بهذا الفيروس. بعد كل المعاناة خلال تسع سنوات من الحرب ، يبدو أنه قد لا يعني شيئاً بالنسبة لهم… بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد كوادر يمكنها الوقوف بوجهه، ولا مختبراتنا ومستشفياتنا مؤهلة لذلك، ومخيمات النازحين مزدحمة.
ووفقًا للأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة السورية في 22 أبريل / نيسان ، فإن 42 شخصًا ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، حيث توفي ثلاثة وأصيب ستة. أرقام غير قابلة للتصديق على الإطلاق بالنسبة للمراقبين.
يقول عزيز الأسمر أنه قلق من أن النظام قد يتلاعب بالفيروس لصالحه “بقتل السجناء السياسيين ثم الزعم أنهم ماتوا من كوفيد 19”. هذا الأب لثلاثة أطفال ، أصغرهم يبلغ من العمر سنة واحدة فقط، يدعو إلى العدالة الدولية وإنهاء الحرب في بلاده.
طفله الأول من محبي الرياضة والغناء والآخر يعشق الرياضيات والشطرنج و يطمح أن يصبح طبيبا في المستقبل. يضيف عزيز: “أحاول جاهداً أن أبقي أطفالي بعيداً عن ذكريات القصف والهروب إلى الطوابق السفلية، بينما القذائف تنفجر فوق رؤوسنا. لا أتمنى أن يستخدموا أسلحة سوى الرسم”.
المصدر : جريدة la criox