عالقة في بولندا.. معاناة سوري تفصله عن عائلته 3 كيلومترات فقط
تفصل السوري راقي سرور، 3 كيلومترات فقط، عن أسرته داخل بولندا إلا أن رحلة الوصول إليهم يكتنفها الكثير من المخاطر، بحسب موقع “راديو أوروبا الحرة”.
وحصل الممرض سرور (25 عاما) على حق اللجوء في ألمانيا عام 2016، وكان موضع ترحيب في بولندا، على عكس زوجته ووالده وأخته وأخيه وعمه وابن عمه، الذين فروا من دمشق إلى بيلاروسيا، في 20 تشرين الأول، وعبروا إلى بولندا بمساعدة حرس الحدود البيلاروسيين، حيث يأملون في الوصول إلى ألمانيا في نهاية المطاف.
لمدة أسبوعين، تجولت عائلة سرور في مستنقعات بولندا قرب الحدود مع بيلاروسيا لتجنب اكتشافهم وقضوا أياما دون طعام أو ماء.
لكن حرس الحدود البولنديين اكتشفوهم مرتين، فأجبروا على بدء الرحلة الشاقة من جديد، رغم هبوط درجات الحرارة ليلا إلى أقل من 15 درجة مئوية تحت الصفر، وقد يؤدي وجودهم في الغابة أكثر من ذلك إلى الوفاة خاصة أن والده يبلغ من العمر 70 عاما.
ولقي عشرة مهاجرين بالفعل حتفهم أثناء محاولتهم العبور من بيلاروسيا إلى بولندا.
وعائلة سرور واحدة من عشرات الآلاف، حيث أصبحت أزمة المهاجرين على طول حدود بولندا مع بيلاروسيا بمثابة قنبلة إنسانية موقوتة على الحافة الشرقية للاتحاد الأوروبي.
وسجلت قوة الحدود البولندية أكثر من 30 ألف محاولة للعبور منذ آب، بما في ذلك 17300 في تشرين الأول فقط.
وجاء ارتفاع الأرقام في الأشهر الأخيرة، مع تصاعد التوترات بين نظام الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، وأوروبا في أيار، بعد أن أجبرت بيلاروسيا طائرة تجارية متجهة إلى ليتوانيا على الهبوط في مينسك حتى تتمكن السلطات من اعتقال صحفي منشق على متنها.
ويرى البعض أن تدفق المهاجرين يأتي ردا من لوكاشينكو على العقوبات الغربية المفروضة على حكومته بعد أن ادعى فوزه الساحق، في انتخابات آب 2020، التي اعتُبرت مزورة على نطاق واسع، ثم أطلق حملة قمعية ضد المعارضين والمتظاهرين.
وردا على تزايد تدفق المهاجرين، أعلنت بولندا حالة الطوارئ على حدودها مع بيلاروسيا، مع نقل عشرة آلاف جندي إلى المنطقة لمنع المهاجرين من التسلل إلى أراضيها، كما وافق البرلمان على ميزانية لبناء جدار حدودي في الأسابيع المقبلة.
وقوبل موقف الحكومة البولندية بشأن إبعاد المهاجرين بتأييد شديد من اليمين المتطرف ورد فعل عنيف من الليبراليين. سار المتظاهرون في وارسو ومدن أخرى وهم يهتفون: “أوقفوا التعذيب على الحدود”.
بحسب ما روى العديد من المهاجرين، فإنهم يدفعون ما يصل إلى عدة آلاف من الدولارات للشركات السياحية التي لها علاقات مع السلطات البيلاروسية، والتي توفر التأشيرة والرحلة، وإقامة قصيرة في فندق في مينسك، ثم نقلهم إلى الحدود البولندية، وفقا للموقع.
ويشير التقرير أن المسؤولين البيلاروسيين يقطعون الأسلاك الشائكة ليلا للسماح لمجموعات مختارة من المهاجرين بالمرور.
بمجرد وصولهم إلى الأراضي البولندية، إما أن يتم اعتراضهم من قبل قوة الحدود البولندية وتتم إعادتهم عبر الحدود، وهي ممارسة محظورة بموجب القانون الدولي ولكن وافق عليها البرلمان البولندي الشهر الماضي، أو يجوبون الغابة حتى يتلقوا إشارة من مهرب ليتحركوا بسرعة نحو سيارة تنتظرهم لتقلهم عبر الحدود.
ويقول العديد من المهاجرين الذين تم القبض عليهم وإعادتهم إلى بيلاروسيا، إنهم تعرضوا للضرب على أيدي حرس الحدود البيلاروسيين وأجبروا على العودة إلى بولندا مرة أخرى، وغالبا ما يقضون أياما في الشريط القاحل من المنطقة الخالية بين البلدين، فيما يدفع البعض رشاوى باهظة لإعادتهم إلى مينسك، وذلك لبدء الرحلة بأكملها من جديد أو الاستسلام للرجوع إلى الدول التي أتوا منها.
ومثل مئات المهاجرين الآخرين الذين سافروا إلى بيلاروسيا في 20 تشرين الأول الماضي، بحثا عن حياة أفضل، تخيل سرور وعائلته أن الرحلة إلى ألمانيا ستكون سهلة نسبيا، بتشجيع من المشاركات المتفائلة في شبكات مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية.
والتقى هو وزوجته صفا لأول مرة كزملاء مراهقين في درعا، وكانا يأملان في إقامة حفل زواج رسمي عند وصولهما إلى ألمانيا في أكتوبر، بحضور أقارب سرور وعائلته الألمانية المضيفة.
وقال في الرابع من نوفمبر: “كان كل شيء مختلفا في مخيلتي، والآن نعاني أنا وهي، على الرغم من مسافة ميلين تفصلنا، بالكاد يمكننا رؤية بعضنا البعض. من المستحيل وصف هذا بالكلمات”.