ضحاياها حتى من الأطفال.. ما أسباب انتشار ظاهرة الانتحار شمال سوريا؟
انتشرت ظاهرة الانتحار في مناطق شمال سوريا الخارجة عن سيطرة النظام، بين أوساط الشباب على وجه الخصوص، الأمر الذي يستدعي الوقوف عندها ومعرفة أسبابها.
ولعل الطفل “محمد سليم العنجوكي” الذي أنهى حياته اول امس الثلاثاء شنقا داخل خيمته في مخيم مشهد روحين، من أبرز الحالات التي تحتاج الدراسة والتمعن.
وتعد هذه الحادثة هي الثانية التي تُسجّل خلال يومين في شمالي سوريا، إذ سبق أن عُثر على الشاب محمد عبدو طه (25 عاماً) مشنوقاً داخل منزله في قرية تلالين شمالي حلب.
وارتفعت معدلات الانتحار في سوريا خلال الفترة الماضية، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، ويعدّ الفقر والأوضاع الاقتصادية السيئة في مقدمة الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات إلى اتخاذ القرار بإنهاء حياتهم، فضلاً عن ظروف الحرب والبطالة والضغوط النفسيّة والاجتماعية.
يقول “محمد حلاج” مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، إن فرقهم أحصت وفاة 11 شخصا بسبب الانتحار منذ بداية العام الجاري، وذلك بطرق مختلفة، فمنهم من أقدم على شنق نفسه ومنهم من قضى باستخدام السلاح الحربي، والبعض عن طريق تناول حب “الغاز” أوعن طريق الحرق.
حوادث الانتحار في المناطق المحررة ليست ظاهرة جديدة، فقد تكررت كثيرا، لكن الجديد هو نشر الحوادث في مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب رأي “صالحة القش” مسؤولة حماية وداعمة نفسية في منظمة “مساحة سلام”.
وتضيف “القش”: “الانتحار ظاهرة انتشرت مؤخرا في سوريا بشكل عام وعلى وجه الخصوص في منطقة الشمال، ويعود الانتحار لعدة أسباب، منها إصابة الشخص بمشاكل نفسية مثل الإكتئاب ومنه (الحاد والهوس الإكتائبي)، وهنا يعاني من التقلبات المزاجية مقل الفرح الشديد أو الحزن الشديد”.
وبحسب المتحدثة فمن لأسباب الأخرى التي تدفع للانتحار “أنفصام الشخصية، واليأس، وشعور الشخص بالإحباط وميوله إلى العزلة والابتعاد عن الناس والحياة الاجتماعية، ورغبته في الموت لشعوره بعدم الفائدة من حياته”.
وتضيف أن التجارب المؤلمة والقاسية هي سبب آخر للانتحار وذلك بسبب حالات الوفاة أو فقدان شخص قريب منه، إضافة لذلك النزوح والتشرد، والبطالة وعدم توفر فرص العمل.
وذكرت أن أكثر الفئات تعرضا للانتحار بسبب تلك العوامل هم فئة الشباب، وعزت ذلك لعدم توفر فرص عمل لديهم، وعدم وجود المال لتلبية الاحتياجات الخاصة بعوائلهم.
وأوضحت أن الجانب الاقتصادي له دور كبير في الانتحار، وذلك بسبب تردي الوضع في ظل الظروف المعيشية الصعبة في المنطقة، والارتفاع الباهظ للسلع ومتطلبات الحياة.
ونوهت إلى أن تناول الأدوية مثل أدوية مضادات الإكتئاب والأدوية التي تحتوي على نسبة من المخدر والمهدئات والمسكنات، يميل خلالها الشخص للتخلص من الحياة.
وبينت أن بعض الأشخاص الذين يعانون من التنمر والتلسط، وهو ما يترك في أنفسهم تأثيرات سلبية وشعور سيء، وهذه التأثيرات تترك ندبة في حياتهم وتؤثر على شخصيتهم، حيث يميل الإنسان في هذه الحالة أيضا إلى الانتحار، إضافة للاستغلال والتحرش والعنف.
وترى أنه لمواجهة هذه لظاهرة لابد أن “تلعب وسائل الإعلام دورا فؤ الحد منها، من خلال توعية الشباب وفئة اليافعين بأن الانتحار ليس الطريقة المثلى لحل المشكلات والتخلص من الأزمات”.
وقالت: “لانغفل دور الأسرة الفعال بالرعاية الجيدة والدعم النفسي الدائم، وأيضا المراقبة الدائمة لسلوكيات أبنائهم”.
وطالبت بتوعية الشباب لخطورة المهدئات والأدوية والعقاقير المخدرة والمكسنة، والتي هي سبب أساسي للانتحار، طبعا هنا تتضافر الجهود جميعاً بين الأسرة والمجتمع.
يضاف إلى ما سبق، التركيز على الدعم النفسي الدائم لفئة اليافعين واليافعات لأنها مرحلة حساسة في حياة الإنسان، حيث تتبلور الشخصية الأساسية للإنسان في هذه المرحلة.
إضافة لتحسين ظروف الحياة وتوفير الحاجات الأساسية، وتوفير فرص العمل لفئة الشباب والتخلص من البطالة. وتدخل المجتمع للحد من ظاهرة العنف والظلم والاستغلال والتحرش والتنمر