رمز البركات و مصدر رزق لأجيال… مشروع وطن للزراعة الاستدامة
في الأراضي الخصبة في شمال غرب سوريا، تقف شجرة الزيتون كرمز للبركة، ومصدر رزق لأجيال من المزارعين. ومع ذلك، تخيم على هذا القطاع الزراعي الحيوي التكاليف الباهظة للأدوية والمبيدات الحشرية، مما يلقي بظلاله على العديد من المزارعين للتفكير في التخلي عن بساتين الزيتون الخاصة بهم. وقد ترك هذا الواقع المؤسف بدوره علامة لا تمحى على جودة إنتاج الزيتون.
واستجابة لهذا التحدي الملح، اتخذت “وطن” خطوات استباقية لتخفيف الأعباء التي يواجهها مزارعو الزيتون ورفع معنوياتهم.ماهي النتائج؟ مشروع رائد للتنمية المستدامة في شمال غرب سوريا، يهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًا، وفي الوقت نفسه رفع مستوى حياة النازحين والسكان المحليين. يركز المشروع بشكل استراتيجي على تعزيز سلاسل القيمة المحلية.
ومن أولى مبادرات هذا المسعى الطموح إنشاء جمعيات لمزارعي الزيتون والخضار في بلدتي كللي وكفرعروق بريف إدلب. وتلعب هذه الجمعيات دورًا أساسيًا في تقديم الدعم الثابت للمزارعين، وتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة التي لا تقدر بثمن، وتسهيل اعتماد التقنيات الزراعية المتطورة.
بهدف تحسين الإنتاج وجودة المحاصيل، عقدت “وطن” شراكة مع جمعية الخضار لإنشاء دفيئات بلاستيكية حديثة. ولا تعمل هذه الهياكل على خلق بيئة مواتية لنمو المحاصيل وحمايتها من أنماط الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها فحسب، بل تعمل أيضا كحافز لتعزيز العائدات الاقتصادية للمزارعين وتخفيف الأعباء المالية المرتبطة بعمليات الإنتاج.
علاوة على ذلك، استثمرت “وطن” في معصرة زيت زيتون متخصصة لاستخراج الذهب السائل الثمين من المحاصيل التي حصل عليها المزارعون بشق الأنفس. وتفيد هذه المبادرة المزارعين بشكل مباشر من خلال توفير خدمات استخراج الزيوت الأساسية وتبسيط عمليات الإنتاج، وبالتالي تعزيز قدرتهم التنافسية في السوق.
كما قامت “وطن” بتوسيع رؤيتها من خلال إشراك طلاب الجامعات بشكل فعال في هذا العمل الريفي المحوري. تم توقيع مذكرة تفاهم بين وطن وجامعة إدلب، مع التركيز بشكل خاص على كلية الهندسة الزراعية. ويهدف هذا المشروع التعاوني إلى تزويد المزارعين بالتدريب الأساسي وورش العمل حول أهمية شجرة الزيتون والطرق الفعالة لمكافحة الأمراض التي تصيبها. يمهد هذا النهج الشامل الطريق لرعاية جيل جديد من الخبراء الزراعيين الذين لديهم العزم على تطوير القطاع الزراعي ودفع نمو المجتمعات المحلية.
ومن المعالم القادمة في هذا المسعى إنشاء مختبر مخصص لاختبار جودة زيت الزيتون، وهو مورد سيستفيد منه الطلاب في كليات الهندسة الزراعية. يعد هذا المختبر بمثابة ملعب عملي للطلاب، حيث تجد المعرفة النظرية تطبيقًا عمليًا وتزدهر المهارات. بالإضافة إلى ذلك، توفر الرحلات الميدانية المنظمة إلى الحقول الزراعية، والتي تشرف عليها الجمعيات، للطلاب تجربة غامرة، مما يسمح لهم بالتواصل مع المزارعين وفهم التحديات الفريدة التي يواجهونها.
وفي الختام، فإن التزام وطن الثابت بتحسين القطاع الزراعي هو بارقة أمل للنهوض بالإنتاج ودعم المزارعين. ويعد هذا الإنجاز بمثابة شهادة على استدامة المبادرات الزراعية وأثرها العميق في تعزيز الاقتصاد المحلي. إن مثل هذه الخطوات الهائلة لن تكون ممكنة إلا من خلال الدعم الثابت من الشركاء المحليين والدوليين، الذين يلعبون دوراً محورياً في استدامة أنشطة منظمة “وطن”، وبالتالي تحسين حياة عدد لا يحصى من الأفراد في شمال وشمال غرب سوريا.
إن التصميم الذي لا يتزعزع لوطن وشركائها الثابتين في تحقيق هذا النجاح يؤكد القوة الهائلة التي تنشأ من التعاون والمثابرة، حيث نسعى بشكل جماعي لإحداث تغيير إيجابي وتحسين الظروف المعيشية للكثيرين. وهذا بمثابة تذكير مدوٍ بأن الأمل يزدهر عندما تتضافر الجهود المتواصلة والتعاون الحازم لتحويل العالم إلى الأفضل.