تقرير أممي: اللاجئون السوريون في لبنان عاجزون عن توفير حدّ أدنى من الإنفاق لضمان البقاء
أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا حول التدهور السريع لأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان في ظل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي تشهدها البلاد.
وبحسب التقرير المنشور امس، الأربعاء 29 من أيلول، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، عن قلقها البالغ إزاء أوضاع اللاجئين السوريين الذين “باتوا عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة”.
وقال التقرير، إن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يشهدها لبنان، أثّرت بشكل خاص على العائلات اللبنانية واللاجئة الأكثر فقرَا، إذ كشفت النتائج الأولية لتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2021، الصادرة اليوم، “عن وضع بائس يُرثى له”، حسب وصف المنظمات.
وأضاف أن تسعة من أصل كل عشرة لاجئين سوريين لا يزالون يعيشون اليوم في فقر مدقع.
ففي عام 2021، واصل أغلبية اللاجئين الاعتماد على استراتيجيات مواجهة “سلبية” للبقاء على قيد الحياة، مثل التسول أو اقتراض المال، أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة، أو تقليص النفقات الصحية أو عدم تسديد الإيجار.
وأشار هذا التقييم إلى أنه في عام 2021، ازداد عدد أفراد الأسر الذين اضطروا إلى قبول وظائف زهيدة الأجر أو شديدة الخطورة أو نوبات عمل إضافية، لتأمين الدخل نفسه الذي كانت الأسرة قادرة على توفيره في العام 2020.
وتؤثر استراتيجيات المواجهة هذه بشكل سلبي على القدرة على التأقلم، وعلى توليد الدخل في المستقبل، ما يجعل أسر اللاجئين أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي، وأكثر اعتمادًا على المساعدات الإنسانية، حسب التقرير
وصرّح ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، أياكي إيتو، أنه “على مدى الأشهر الـ18 الماضية، فقدت العملة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها، وارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبح مجرد البقاء على قيد الحياة بعيدًا عن متناول عائلات اللاجئين السوريين”.
وأضاف أنه سيكون لهذه الأزمة تأثير طويل الأمد على رفاه اللاجئين ومستقبل أطفالهم، كما أنها تهدد المكاسب التي تم تحقيقها في السابق، مثل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، مشيرًا إلى أن العائلات اللبنانية تكافح هي أيضًا.
وأكد الحاجة الماسة إلى تعزيز الدعم المقدّم للسكان اللبنانيين واللاجئين والفئات الأخرى المهمشة.
لا مأوى آمنًا
وذكر التقرير أن اللاجئين لا يزالون يعانون للعثور على مأوى لائق وآمن، وأن حوالي 60% من عائلات اللاجئين السوريين يعيشون في مساكن معرضة للخطر أو دون المعايير المطلوبة أو مكتظة.
وأظهرت الدراسة التي أجرتها الأمم المتحدة زيادة في متوسط بدلات الإيجار لجميع أنواع المساكن وفي جميع المحافظات، فضلًا عن زيادة في احتمالية الإخلاء.
انعدام في الأمن الغذائي
أثّر التضخم بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية، فخلال الفترة الممتدة بين تشرين الأول 2019 وحزيران 2021، ارتفعت تكلفة المواد الغذائية بنسبة 404%، ما أدى إلى مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي وسط عائلات اللاجئين السوريين، وفق التقرير.
ففي شهر حزيران من العام 2021، بلغت نسبة عائلات اللاجئين السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي 49%، واضطر ثلثا العائلات إلى تقليص حجم حصص الطعام أو تقليل عدد الوجبات المستهلكة يوميًا.
وبحسب ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في لبنان، عبد الله الوردات، “كان هذا العام حافلًا بالصعاب بالنسبة إلى جميع السكان في لبنان، فقد رأينا كيف باتت أسعار المواد الغذائية خارج متناول العديد من الأسر”.
الأطفال أكبر المتضررين
أما في ما يتعلق بالنظافة الصحية الأساسية، فبيّن التقرير أن عائلتين من أصل كل عشر عائلات لاجئة غير قادرتين على الوصول إلى مستلزمات رعاية الطفل الأساسية، وواحدة من أصل كل عشر عائلات غير قادرة على الحصول على مستلزمات النظافة الصحية النسائية.
وحول القدرة على متابعة الدراسة، أكد التقرير أن 30% من الأطفال الذين هم في سن الدراسة (بين ستة و17 عامًا) لم يدخلوا المدرسة قط، وقد انخفض معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة و14 عامًا بنسبة 25% في عام 2021.
وانخفض معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة و14 عامًا بنسبة 25% في عام 2021.
كما استمر الاتجاه التصاعدي في عمالة الأطفال ضمن أوساط الأطفال السوريين في عام 2021، إذ بلغ عدد الأطفال السوريين اللاجئين المنخرطين في سوق العمل ما لا يقل عن 27 ألفًا و825 طفلًا.
كما يكشف التقييم أن فتاة من أصل كل خمس فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا متزوجة.
وأكثر من نصف الأطفال (56%) الذين تتراوح أعمارهم بين عام و14 عامًا، قد تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال التأديب القائم على العنف.
وقالت ممثلة “يونيسف” في لبنان، يوكي موكو، إن “الأزمة المتفاقمة في لبنان تجعل من الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات الأكثر ضعفًا عُرضة للخطر، بمن في ذلك الأطفال اللاجئون، إذ تضطر المزيد والمزيد من الأسر للجوء إلى تدابير تكيّف سلبية، مثل إرسال أطفالهم للعمل في ظروف خطرة في كثير من الأحيان، فضلًا عن تزويج الفتيات الصغيرات أو اللجوء إلى التأديب القائم على العنف”.
ونوّه التقرير إلى أن المجتمعات اللبنانية المضيفة تكافح بدورها من أجل مواجهة هذه الأزمات، في ظل مواصلة وكالات الأمم المتحدة الثلاث العمل مع الحكومة والجهات الشريكة لتقديم الدعم الحيوي والضروري إلى جميع المجتمعات التي تحتاج إلى المساعدة، بمن في ذلك السكان اللبنانيون واللاجئون