التحقيقات

تحليل شامل لزلازل حماة: الأسباب والتداعيات واستغلال النظام السوري للكوارث الطبيعية

تشهد سوريا سلسلة من الهزات الأرضية، كان آخرها في منطقة حماة، أثارت تساؤلات حول الأسباب والتداعيات المحتملة لهذه الظاهرة الطبيعية. ورغم المخاوف من كارثة كبيرة، خفف خبراء من تأثير هذه الهزات، مشيرين إلى أن النشاط الزلزالي في المنطقة ليس جديداً. ومع ذلك، أثار التعامل الرسمي مع هذه الأحداث قلقاً متزايداً، حيث استغل النظام السوري الزلزال لإخلاء سكان منازل قديمة، مما أثار اتهامات بالاستيلاء على أملاك المواطنين بطرق غير قانونية.

 

تتوالى الهزات الأرضية في سوريا، حيث شهدت منطقة حماة وسط البلاد، زلازل متعددة أثارت جدلاً واسعاً حول مدى خطورة الوضع، وما إذا كانت سوريا مهددة بكارثة طبيعية ضخمة. وقد أكد “المعهد العالي للبحوث الزلزالية” في سوريا أن خطر حدوث تسونامي في البحر المتوسط محدود، حيث لن تتجاوز الأمواج في سوريا ثلاثة أمتار، مما يعني تأثيراً محدوداً على البلاد.

 

في 12 أغسطس، سجلت أولى الهزات بقوة 5.5 على مقياس ريختر، وشعر بها سكان سوريا وامتدت تأثيراتها إلى لبنان والأردن وجنوب تركيا. وتكررت الهزات في 16 أغسطس، بقوة 5.2 و4.2 على التوالي. وأوضح خبراء أن هذه الهزات ناتجة عن تراكم الطاقة في الفوالق الثانوية المرتبطة بفالق البحر الميت، مشيرين إلى أن المنطقة تشهد نشاطاً زلزالياً قديماً ومستمرًا.

 

وفي هذا السياق، دعت عميدة المعهد إلى تطوير شبكات الرصد الزلزالي وتفعيل آلية الإنذار المبكر، حيث أوضحت أن الدراسة المتأنية للصدوع في المنطقة ووضع خرائط احتمالية قد تساعد في التخفيف من المخاطر.

 

من جهتها، أكدت مارلين البراكس، مديرة “المركز الوطني للجيوفيزياء” في لبنان، أن الهزة الرئيسية كانت نتيجة لتراكم الطاقة في الفوالق المرتبطة بفالق البحر الميت، المعروف أيضًا بفالق المشرق. وأشارت إلى أن الزلازل في المنطقة الحالية غير مرتبطة بزلزال تركيا المدمر الذي حدث في فبراير 2023.

 

ورغم تطمينات الخبراء، برزت مخاوف أخرى من استغلال النظام السوري للكوارث الطبيعية لتحقيق مكاسب سياسية وعقارية. فقد بدأت السلطات المحلية بإخلاء بعض المنازل في أحياء حماة القديمة بحجة أنها آيلة للسقوط بسبب الزلزال، ولكن هناك شكوك بأن الهدف الحقيقي هو الاستيلاء على هذه الممتلكات.

 

يقول أحد سكان حي سوق الشجرة في حماة: “بدأ النظام منذ زلزال فبراير 2023 بمحاولات إخلاء منازلنا القديمة، وعاد الحديث مجدداً بعد الهزة الأخيرة لإخلاء المزيد من المنازل”. وأوضح أن النظام يعرض تعويضات ضئيلة لا تتجاوز 2600 دولار مقابل أملاك تقدر قيمتها الحقيقية بأكثر من 12 ألف دولار.

 

وقد أشار موقع تلفزيون سوريا في مقالة خاصة إلى نسخة من قرار صادر عن محافظة حماة في مارس 2024، ينص على دمج بعض العقارات المتضررة وتحويلها إلى محاضر جديدة، مما أدى إلى فقدان حقوق بعض الملاك. واعتبر خبير عقاري أن هذه القرارات غير نزيهة وتعتمد على الرشاوى والمحسوبيات.

 

إن التعامل مع الكوارث الطبيعية يجب أن يتم بجدية وشفافية، بعيداً عن استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. يتطلب الأمر تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وتطوير شبكات الرصد الزلزالي لحماية المواطنين. كما يجب على المجتمع الدولي متابعة ما يحدث في سوريا لضمان حماية حقوق الملاك ومنع استغلالهم. حان الوقت للتحرك قبل فوات الأوان؛ فالزلزال الذي يهدد سوريا ليس فقط في الأرض، بل في سياسات تساهم في تفاقم معاناة الشعب السوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى