تحت وطأة الفقر …ضفائر السوريات ثمنا للطعام لا للجمال (حصري)
دعاء الجبان
تعد السنة الأخيرة من أسوأ الأعوام اقتصادياً التي مرت على سوريا خلال سنوات الحرب مما زاد من تأزم الوضع المعيشي لمعظم الأسر، ووصول نسبة الفقر إلى 90 في المائة مع انعدام فرص تحسين دخل الأسرة والارتفاع الفاحش في الأسعار. أدى هذا الوضع إلى لجوء الكثير من النساء إلى بيع شعرهن أو شعر بناتهن بسبب الحاجة المادية لتغطية نفقات الاحتياجات الأساسية من توفير المازوت للتدفئة أو مستلزمات المدارس أو بسبب الحاجة لتأمين دواء وعلاج أو حتى لتوفير الطعام.
صراع سكان الداخل السوري مع الفقر اتخذ أشكالًا وطرقًا عديدة، في محاولات شبه يائسة للنجاة من الموت بسببه، فمع التضخم الاقتصادي الكبير وفقدان الليرة لقيمتها، لجأ السوريون لبيع كل ما يملكون من أرزاق كعقارات وسيارات وحتى أغراضهم الشخصية، ووصل صراعهم معه ومقاومتهم له إلى مراحل غريبة وجديدة، كبيع بعض نساء العائلات السورية شعرهن لتأمين الطعام .
وتعرض سوريات صورا لشعرهن، عبر صفحات “فيسبوك” المغلقة وغرف “واتساب”، ويرفقنه بمعلومات عن طوله ولونه وحجمه ووزنه.
في غضون ذلك، تقوم أخريات بعرضه على صالونات الحلاقة من أجل البيع بأسعار مختلفة، حسب نوعية الشعر وسمكه وقوته وطوله
“الجمال وصفة تدركها النساء السوريات، ولكن تطبيقها بات صعبًا وغير هامًا، أمام وصفات الطعام التي ارتفع ثمنها وصار تأمينها شبه مستحيل”، هذا ما قالته “نيرمين“،بعد منشور عرضت فيه صورًا لشعرها المقصوص، على إحدى مجموعات “الفيسبوك”، وقالت أنها ترغب ببيعه .
وتشرح “نيرمين” عن أسباب بيعها لشعرها قائلًة “الظروف الاقتصادية لعائلتي تزداد صعوبةً، بالرغم من محاولاتنا لتوفير ما نستطيع من المال، دراستي ودراسة اخوتي تكلف أهلي المزيد من المال، فلجأت إلى قص شعري، وبيعه لمساعدتهم في المصروف” .
وأجبرت قسوة الظروف المعيشية ياسمين على القبول بفكرة التخلي عن شعرها الأسود السميك والطويل مقابل 250 ألف ليرة سورية ( 72دولاراً) لسد تكاليف عملية والدتها، التي أجرت لها عملية المرارة وهي مريضة بحاجة لأدوية الضغط والسكري دون انقطاع.
فاطمة أم لثلاث فتيات، واحدة منهن من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحتاج إلى علاج ودواء بشكل مستمر؛ أجبرتها الظروف الاقتصادية السيئة إلى بيع شعر ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات. وتقول السيدة الثلاثينية: “اضطررت لقصه وبيعه لأحضر الطعام والدواء لها ولأخواتها، وبسبب اضطراري للمال قبلت بيعه بثمن بخس رغم أنه كثيف وطبيعي منسدل لأسفل ظهرها،وتضيف بحرقة: “لو كان في حقيبتي ثمن ربطة خبز لما قمت ببيعه حينها.
أسعار الشعر في سوريا
الطول واللون والسماكة والطبيعة بين “سابل وأجعد”، كلها مقومات تحدد ثمن شراء الشعر، والذي وصل سعر بعضه إلى أكثر من 100 ألف ليرة سورية، (ما يعادل 3 رواتب حكومية)، حيث يباع بصالونات التجميل لصناعة “البروكات والوصلات التجميلية الطبيعية” والتي تباع بمبالغ كبيرة جدًا لزوجات أغنياء سوريا وتجار حربها .
وللوقوف عند رأيي الشرع حول بيع الشَّعر حرام أم حلال؟ وهل يحق للمرأة أن تبيع شعرها إذا كانت في وضع خاص كالحاجة الماسة للمال؟! أجابنا الباحث في الفقه الإسلامي (أ. شفيق مصطفى) خريج كلية الشريعة من جامعة حلب، يقول: “بالطبع حرام، لا يوجد قول ولا رأي يجيز بيع خصل الشعر للمرأة المسلمة إطلاقًا، وخاصة بهذه الطريقة بعرضها على الإنترنت.
فالله عزَّ وجلَّ كرَّم الإنسان ورفع من شأنه مُحرمًا عليه الاتجار بجسده بيعًا وشراءً لقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم).”
وأما عن وصول المرأة لحالة اضطرارية دفعتها لتبيع شعرها، فيضيف الأستاذ (شفيق): “ممكن أن تبيع في حال الضرورة، لكن هذه فتوى لا تُعمَّم كحكم عام، وعليه كل امرأة تريد بيع شعرها لضرورة تخصها أن تذهب للمفتي في مكان إقامتها وتشرح له الضرورة التي دفعتها للأمر وهو يجيبها، فلكل حالة فتوى.“
يذكر أن الظروف المعيشية في سوريا تدهورت بشكل تراكمي خلال السنوات العشر الماضية حتى وصلت إلى مرحلة بات الإنسان السوري يعرض كليته للبيع لتأمين احتياجاته فكيف بشعره؟.