بعد ثماني سنوات.. إجازة عيد الأضحى تجمع أم بأبنائها في إدلب
بخطاها المرهقة من ثقل السنين ووجع التهجير والفراق المضني، مضت تطوي المسافات بين الغربة والوطن، تدخل المعبر الذي عبرت منه مئات الأرواح المهجرة قسراً، ووجهتها إلى قريتها المدمرة في ريف إدلب، كانت ساعات “أم أحمد” على الطريق الحدودية أطول ساعات العمر بعد ثماني سنوات من الغربة.
تقلب أنظارها بين المستقبلين، تتسارع دقات القلب مع اقتراب اللقاء، تبحث عن أولادها في الجانب الآخر من المعبر، لترمق نظراتها وهم يمضون نحوها وتغمرها الأذرع والأحضان بعد طول فراق.
تحقق حلم “أم أحمد” بالعودة إلى منزلها في مدينة بنش بريف إدلب بعد مغادرتها منذ عام 2013 على خلفية قصف النظام على المدينة في أثناء معركة مطار تفتناز، نعم تمكنت من أن تعود من جديد ولكن شمل العائلة لم يكتمل ” فأمّ أحمد” والدة لسبعةِ أولاد متفرقين في شتى بقاع الأرض، وزوجها مغترب في دول الخليج منذ عام 1977 يعاني الغربة بعيداً عن عائلته.
“العنصرية في المنفى أكثر ما آلمني” تروي “أم أحمد” بمرارة تفاصيل الغربة التي عاشتها بأدق تفاصيلها، وتكمل ” حرمت من مشاركة أبنائي في أفراحهم التي طالما انتظرتها والآن فقط حتى رأيتُ أحفادي”.
يعلق “عمر حاج قدور” وهو أحد أبنائها، الذي لم يغادر البلد رغم ظروف الحرب: “هذه زيارة أمي الأولى منذ مغادرتها بنش إلى تركيا فهي مريضة والوضع المتأزم حال دون عودتها من قبل تعاني الخوف مما يؤدي إلى زيادة مرضها، إضافة إلى إغلاق المعابر بسبب جائحة كورونا.
ويتابع عمر قوله: “نحنّ سبعة إخوة متفرقين من حيث الموطن فأخي الكبير في السعودية، هناك أخ يعيش بألمانيا واثنان في تركيا ونحن ثلاثة هنا لم نغادر المنطقة”.
ولعل أشد ما فتح جرحاً في روح أم “أحمد” أنها كانت تحلم أن تعود إلى وطنها بعد كل هذه السنوات لتجده حراً مستقلاً ومنتصراً على الظلم، وأن تدخل بيتها وجميع أبنائها فيه، ولكنها لن تتوقف عن الحلم والأمل.
وتختم “أم أحمد” حديثها كمن أضاع هوية قلبه “بدأت أبحث عن أماكن بلدتي فلا أرى سوى الخراب، أنادي جيراني أصحاب الحيّ فلا أحد يلبي، الأماكن كلها تغيرت، ما عاد أهل الديار موجودين، قلبتُ في وجوه المارة لأرى الوجوه التي ألفتها، أريد أن أسترجع هذه الذكريات هنا في دارنا، كانت فرحتي ناقصة كنت آمل أن تكون الزيارة الأولى وسوريا محررة من بيت الأسد، فبقيت هذه غصة وحرقة في قلبي”.
وسبق أن بدأت المعابر الحدودية مع تركيا (باب الهوى – باب السلامة – جرابلس) استقبال السوريين اللاجئين في تركيا، الراغبين بقضاء إجازة العيد في بلادهم، وذلك بعد سماح السلطات التركية بمنح الإجازات، بعد نحو عام من توقفها بسبب إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا.
وفي وقت سابق أكد معبر باب السلامة عدم اشتراط أخذ لقاح كورونا للدخول إلى سوريا، كما قال إن حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) التي تبدأ بالرقم 99 هم من سيُسمح لهم بالحجز فقط، في حين أن حاملي الاقامة السياحية و الجنسية التركية أو إذن العمل لن يُسمح لهم بالعبور.
وطلبت إدارة المعبر من الراغبين في الزيارة التأكد من ختم الحجز في المعبر التركي لدى قوى الأمن التركية، مضيفة أن كل من يدخل سوريا من دون ختم الشرطة التركية لن يتمكن من العودة أبداً.