براعم المدرسة العمرية للأيتام ..”أحلام صغيرة”
نور زيدان
في زخم الأمراض المتزايدة والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها أطفال سوريا في حالة من الرعب تفوق قدراتهم الجسدية الصغيرة و الذي تسبب في العديد من الاضطرابات النفسية لديهم وخاصة أولئك الذين يعيشون في المخيمات، حيث لا مقومات واضحة للحياة .
إن الأمل لن يموت فيك أبداً بمجرد أن تلتقيهم ولو ليوم واحد ، فترى ما تحمله قلوبهم الصغيرة من حب وتحدي وإصرار على أن يزهرون في كل الفصول،
نعم إنهم أطفال سوريا..
ومن هنا أسلط الضوء على براعم المدرسة العمرية النموذجية للأيتام الواقعة في أطمة بالقرب من تجمع مخيمات أطمة الحدودية ، إذ أن المدرسة تضم قسماً لرياض الأطفال يضم مايقارب ٣٠ تلميذاً.
إنها روضة نموذجية، تتبع طريقة تربوية للأطفال تزرع فيهم أفكار وقيم تعزز من شخصيتهم وذلك من خلال الدمج بين الأنشطة الترفيهية واللعب والدروس التعليمية النموذجية معا ً، إذ أن اهتمام الطفل كله يكمن في اللعب والمرح لذا كانت هذه الطريقة الأمثل لتلقينهم والترويح عن انفسهم؛ بحيث يحصل الطفل على التعليم وهو سعيد يفرح ويغني ويلعب.
طفولة عالقة بين الركام:
بدوري كمعلمة رياض أطفال في المدرسة العمرية أروي لكم جانبا ً مختلفاً تماماً لحياة أولئك الأطفال ، من حياتهم ويومياتهم وانفعالاتهم أيضاً ، حيث يكمن الإبداع في أرواحهم ممزوجاً بالفقد والألم ،فمنهم من فقد والديه ومنهم من فقد أحدهما دون أن يقف ذلك حاجزاً بينه وبين استمراره في العالم وبقاءه رغم أنف الحياة.
يروي لي التلاميذ حكايات كثيرة عن يومياتهم في المنازل ، معظمهم يعيش في المخيمات برفقة أمهاتهم فقط بلا معيل أو كفيل ، إلا أن ذلك لم يحطم من آمالهم شيئاً فهم يلعبون ويدرسون بكل جد ونشاط وإبداع رغم غياب السند الكبير والعظيم الأب عن حياتهم.
أقرأ في عيونهم رسائل متواترة طويلة تروي حكايات من التعب والنزوح والتهجير على تلك الكواحل الصغيرة ، تقول :”ياليتني أستطيع أن أعود لمنزلي القديم وتكون مدرستي هذه هناك “.
تحديات وعوائق:
وبالرغم من الصعوبات والتحديات التي تواجهني في مسيرتي المهنية كمعلمة رياض أطفال لأول مرة في حياتي ، إلا أنني استطعت من خلال الأساليب التعليمية والأنشطة الترفيهية أن أساعد في حل عدة مشاكل يعاني منها الطفل كالعزلة والخجل والخوف وهي أمور تزيد من تشتت ذهن الطفل وتحجره وعدم اندماجه بالوسط فيما حوله.
غير أنني تعلمت من خلال تجربتي الصغيرة أن النجاح لا يقتصر على خبرة السنين فقط إنما يكمن في الاكتشاف والإبداع والحب ، ومن ذلك اكتشفت نفسي بينهم واستطعت رسم الضحكات على وجوههم وكل ذلك كان من خلال حبي لهم وحبهم لي .
كما أني حقا أستمد طاقتي من وجوههم البشوشة وأعتنق الحياة كل يوم من جديد وأحدث نفسي : مالي أحزن تارة واتألم تارة ..مالي لا أكون مثلهم ، لعلي أقتبس منهم بعض الصمود والجدارة لأكون أو لا أكون في معركة الحياة هذه .